هو أبو العباس أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الجذامي الفاسي الشهير بـــ”القبَّاب”، الحافظ الفقيه القاضي المشاور، الشارح لـ”مسائل ابن جماعة” في البيوع، و”أحكام النظر” لابن القطَّان، له مباحث مشهورة وقعت له مع الإمام الشاطبي، وله فتاوى مشهورة نقل بعضها الونشريسي في “معياره”.

حسب “موسوعة التراجم والأعلام”، فإن “القبّاب” فقيه وقاض مالكي. مولده ووفاته بمدينة “فاس” المغربية. ولي الفتوى بها، والقضاء بجبل الفتح ثم اعتزل وعكف على التدريس في “المدينة البيضاء” فالجامع الأعظم بفاس. عرض عليه قضاء الجماعة فامتنع واختفى مدة. وعاد إلى التدريس والفتيا. قام برحلة إلى المشرق فحج بيت الله الحرام، وأخذ من العلم ما أخذ، عن أشهر علماء الشرق، وفي وجهته هذه اجتمع بابن عرفة في تونس، وكانت تلك بمثابة فرصة لا تعوض، فأطلعه ابن عرفة على مختصره. ولي الخطابة بالجامع الأعظم بفاس في النصف الثاني من ذي القعدة 778 وتوفي إثر ذلك.

يعتبر “القبّاب” أحد فقهاء وعلماء أهل عصره بالمغرب، من حفاظ مذهب الإمام مالك، أئمة الورع والدين والتقوى، طلب العلم منذ صباه، حتى أخذ منه بالحظ الوافر، وأفتى وألف مؤلفات القيمة، وولي القضاء بجبل طارق، فأهلته مكانته ليدخل غرناطة سفيرا على رأس الوفد.

تولى وظائف مختلفة، فتولى القضاء بجبل طارق وسبتة، ومارس إلى جانب ذلك مهام الاستشارة والعدالة والإفتاء والتدريس والخطابة.

وتقول الباحثة أمينة مزيغة أن القبّاب فقيه نبيه مدرك، جيد النظر، سديد الفهم وهو الإمام الحافظ، القاضي المفتي المشاور المحقق، واسمه أبو العباس أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الجُذَامي الفاسي، الشهير بالقَبّاب، ولد بفاس عام أربع وعشرين وسبعمائة، ولا تسعف مصادر ترجمته في التعريف بأحوال نشأته الأولى، والغالب أنها كانت على سنن أهل عصره، الذين كان من عادتهم حفظ كتاب الله عز وجل، ثم التدرج في حفظ المتون الفقهية واللغوية المتداولة آنذاك.

شيوخه وتلامذته

أخذ عن أعلام شيوخ الوقت بالمغرب والمشرق، من هؤلاء: الإمام الفقيه المحدث أبو الحسن علي بن محمد ابن فرحون اليَعْمُري، التونسي، المدني، والقاضي الفقيه يحيى ابن الحافظ الرحالة محمد بن عمر بن رُشيد الفهري السّبتي، والفقيه العلامة المدرس النّزيه أبو فارس عبد العزيز بن محمد القَروي، وحافظ المغرب أبو عبد الله محمد بن سليمان السطي، والإمام العلامة المعقولي أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الله الآبلي، والعالم الزاهد أحمد بن عمر بن محمد بن عاشر الأنصاري، والإمام الحافظ العلامة أبو عمران موسى بن محمد بن المعطي العَبْدوسي، والإمام الفقيه المحقق، الخطيب الفرضي الموثق أبو عبد الله محمد بن أحمد الفشتالي الفاسي.

لقد كان ملما بعلوم عدة، من حديث، وفقه، وأصول، ولغة، مما جعل كثيراً من طلبة العلم يقصدونه للأخذ من علومه، منهم: الفقيه، الخطيب الزاهد أبو الربيع سليمان بن يوسف بن عمر الأَنفاسي الفاسي، والإمام الأصولي المحقق أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي الشهير بالشاطبي، صاحب كتاب الموافقات، والحافظ الجليل المتقن أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد الشريف التلمساني الحسني، والفقيه الصوفي، الرحالة أبو زكريا يحيى بن أحمد بن محمد، الشهير بالسَّرَّاج، والمحدث الأديب المشارك الرُّحلة أبو العباس أحمد بن حسن بن الخطيب القُسَنْطِيني، الشهير بابن قُنْفُذ.

أقوال العلماء فيه

أثنى عليه رحمه الله علماء عصره وغيرهم، فقال فيه لسان الدين ابن الخطيب: “هذا الرجل، صدر عدول الحضرة الفاسية، وناهض عشهم، طالب، فقيه، نبيه، مدرك، جيد النظر، سديد الفهم…، ثم تعرفت أنه نسك ورفض العيش من الشهادة ككثير من الفضلاء”.

يقول أبو عبد الله الحضرمي: “العالم العامل، ذو العقل الكامل، والطبع الفاضل، التائب التقي، والفقيه المفتي…، ممن يعرف بالفضل والدين، ويعد في العلماء العاملين، تاب فحسنت توبته واستبانت فضيلته…، وسيرته الآن سيرة أهل الفضل من أكابر من تقدمه على الدؤوب على قراءة العلم وإقرائه، واكتساب الطّيّب والتقشف، وترك متاع الدنيا والتواضع للخاص والعام، وخفض جناح الرحمة للضعفاء والمساكين”.

 مؤلفاته

له كتب، منها “شرح قواعد عياض” الجزء الأول منه في جامع الزيتونة والقرويين، وتشهد مؤلفاته بتقدّمه ونباهته، مثل “شرح الإعلام بحدود قواعد الإسلام” للقاضي عياض، و”شرح مسائل بيوع ابن جَماعة التونسي”، و”مختصر النظر في أحكام النظر بحاسة البصر” لأبي الحسن بن القطان الفاسي، وهي مطبوعة متداولة، وله أيضا نوازل وأجوبة وفتاوى كثيرة مجموعة أثبت بعضها الونشريسي في المعيار، وهو أول من نقل عنه وابتدأ به، ومناظرات مع أهل عصره، مثل مناظرته مع العلامة سعيد العُقْباني، ألفها هذا الأخير وسماها: لب اللّباب، في مناظرات القباب، نقلها المازوني ثم الونشريسي في نوازلهما، وله مناظرة مع شيخه أبي عبد الله الفَشْتالي، ومناظرة أخرى مع تلميذه أبي إسحاق الشاطبي.

وفاته

توفي القباب رحمه الله على ما ذكره تلميذه السراج في فهرسته، وتبعه عليه غير واحد ليلة الأربعاء الخامس من ذي الحجة عام ثمان وسبعين وسبعمائة هـ.