إن عدم توفر بيئات جيدة لممارسة الهوايات، ليس العائق الوحيد أمام طلاب المدارس والجامعات للاهتمام بهواياتهم وتنميتها. ويعاني الشباب والناشئة من مشكلة أعمق تتمثل في “عدم توفر مفهوم سهل وواضح للهواية نفسها بمستوى يحفزهم على الاهتمام بها وتعزيزها حال توفر ما تتطلبه من أدوات”.

ديباجات تعريفية

يشير موقع التربية للجميع إلى أن ” المفهوم حسب قاموس الفرنسية لاروس هو تصوّر فكرة لشيء موضوع من طرف العقل، وهو أيضا تعريف للخصائص والميزات الخاصة. وفي اللغة العربية المفهوم وجمعه مفاهيم يعني المعنى والمدلول.

 “أما اصطلاحا: فالتعريفات التي وضعت لمصطلح المفهوم عديدة إذ يقدّم معجم المصطلحات التربوية المُعرّفة تعريفا للمفهوم على أنّه عبارة عن تجريد يُعبّر عنه بكلمة أو رمز، يشير إلى مجموعة من الأشياء أو الأنواع التي تتميز بسمات وخصائص مشتركة، أو هي مجموعة من الأشياء أو الأنواع التي تجمعها فئات معينة”.

في حين يشرح معجم المصطلحات التربوية والنفسية، المفهوم بأنّه “تكوين عقلي ينشأ عن تجريد خاصية أو أكثر من حالات جزئية (أمثلة) متعدّدة، يتوافر في كل منها هذه الخاصية حيث تنعزل الخاصية مما يحيط بها، فأي من هذه الحالات تُعطى اسما أو مصطلحا”.

خصائص المفهوم الشائع للهوايات:

 – الهوايات أنشطة ترفيهية غير جادة.

 – تمارس الهوايات في أوقات الفراغ بغرض الترويح عن النفس وكسر الروتين وتخفيف ضغوط العمل.

 – الخلط بين مفاهيم (الهوايات) و(المواهب)

وتعد إشكالية الخلط بين مفاهيم (الموهبة، الهوايات، والإبداع والمهارة) من أبرز خصائص المفهوم الشائع للهوايات. وينتج عن الخلط المفاهيمي، تشويش بالغ في رؤى الناشئة، ومن ثم في اهتمامهم وتفاعلهم مع المفردات نفسها؛ إذ إن وضوح الفكرة أهم محفز، وأفضل دافع للتفاعل معها وتبنيها. إن عدم اهتمام الطلاب بهواياتهم، غالبا ما يعود الى غياب مفهوم واضح، وبالتالي عدم امتلاكهم فكرة صحيحة وجيدة وفعالة عن الهوايات نفسها.. ومن الطبيعي ألا يهتم الشخص بما لا يدركه بشكل جيد.

نحو مفهوم جديد للهوايات

إن ما يدفع الباحث لتقديم مفهوم جديد للهوايات، هو عدم توفر مفهوم جيد وفعال، ليس ذلك فحسب، بل شيوع مفهوم مشوه، ما زال يسهم بقدر كبير في شل قدرة الطلاب على بناء رؤية واضحة للعلاقة بين مختلف أنشطتهم الدراسية وغير الدراسية، مما يحد من قدرتهم في توظيف ملكاتهم وميولهم.

الهوايات هي “الأنشطة المفضلة للشخص، سواء كانت ترفيهية أو جادة، وتصنف إلى أربعة أقسام هي المعرفة والتعلم، الرياضة والترفيه، العمل والإنتاج، التطوع والخدمات الاجتماعية، وعادة ما يمارس الأشخاص أنشطتهم المفضلة بغرض إشباع احتياجات نفسية، لا سيما الاحتياجات النفسية الستة المشهورة”.

خصائص المفهوم الجديد للهوايات

 – الهوايات عبارة عن “أنشطة” مفضلة لدى الشخص.

– الهوايات ليست مجرد أنشطة ترفيهية فقط، وليست مرتبط بأوقات الفراغ فقط.

– الهوايات تصنف إلى أربعة أنواع (المعرفة والتعلم، الرياضة والترفيه، العمل والإنتاج، التطوع والخدمات الاجتماعية).

– الهوايات تشبع الاحتياجات النفسية الستة “الأمان، التنوع، التواصل، الأهمية، النمو، والمساهمة”.

– تعبر الهواية عن درجة ارتباط نفسي بين الشخص والنشاط.

استخدامات المفهوم الجديد للهوايات

وقد قمت بتوظيف المفهوم الجديد للهوايات، في (ابتكار نموذج ASC كأداة معنية باكتشاف هوايات الطلاب)، وفي (وضع خطة الأنشطة الأربعة كبرنامج معني بتعزيز الهوايات). فيما يلي تعريف بكل من النموذج والخطة:

  1. نموذج ASC: نموذج آسك أو ASC form تقنية وأسلوب جديد للتعرف على هوايات الطلاب وما يرتبط بها من مواهب وطموحات. والنموذج عبارة عن استمارة من “صفحة واحدة فقط” تتضمن ثلاثة عناصر رئيسة هي: المواهب والهوايات والطموحات، ويقسم كل عنصر رئيس إلى أقسام محددة، ومن ذلك تصنيف المواهب إلى “ذهنية وبدنية ونفسية”، وتصنيف الهوايات إلى “معرفية ورياضية وعملية وتطوعية”، وأخيرا تصنيف الطموحات إلى “معرفية ومهنية واجتماعية”. تقوم فكرة آسك ASC form على تقديم مفاهيم دقيقة وأكثر تحديدا لمفردات الموهبة والهواية، بمستوى يمنح مستخدم النموذج طريقة سهلة وحاسمة للتفريق بينهما من الناحية النظرية، وتجنب ما يترتب على الخلط المفاهيمي من اضطراب في نواحي التطبيق والممارسة. حسب المفهوم الجديد للهوايات، فإن للمواهب معنى آخر: “ملكات وقدرات ما قبل التعلم”، أما الهوايات فهي أنشطة تتطلب سلة “قدرات” لممارستها.بما يقدمه النموذج من مفاهيم وما يكشفه من علاقات بين عناصره الثلاثة، تتكشف للمستخدم خيوطا مهمة للربط بين قدراته وأنشطته، وتفهم ميوله المهنية والاجتماعية والمعرفية.
  2. خطة الأنشطة الأربعة: تفترض خطة “الأنشطة الاربعة” أن عامة أنشطتنا الشخصية قابلة للتصنيف تحت أربعة عناوين رئيسية، ويضم كل منها تفاصيل وأمثلة قد تتباين لدى الأشخاص، لكنها متجانسة بدرجة عالية في العناوين الكبيرة. تمثل المعرفة العنوان الأول في “رباعية الأنشطة” وتليها الرياضة، والعمل، والتطوع. ونعني بالمعرفة كل الأنشطة المتصلة بالتعلم والتحصيل المعرفي، بغض النظر عن أدوات التعلم ووسائله، وما إذا كان نظاميا أم ذاتيا.. أما الرياضة فيقصد بها، حسب الخطة، كل الأنشطة المتعلقة بالرياضة والترفية والألعاب، بمختلف صورها وأنماطها. منشط العمل، يقصد به جميع الأنشطة المهنية والإنتاجية، وكل ما يطلق عليه عملا في العادة.. ويلي العمل، النشاط التطوعي وإن كان في حقيقته، نوعا من ضروب العمل، إلا أن طبيعته ودوافع الإقبال عليه عادة ما تكون مختلفة عن العمل التقليدي الهادف إلى تحقيق عوائد مادية محددة.

في خطة الأنشطة الأربعة، يهتم (المعلم) بالتعرف على طبيعة وتفاصيل كل من الأنشطة المعنية لدي كل (طالب) على حدة، في محاولة للتخلص من عادة “الوصفات السحرية” الشائعة في كتب ودورات التنمية الذاتية. إن تطبيق خطة الأنشطة الأربعة من شأنه بناء تواصل أكثر جودة بين المعلم والطالب؛ حيث يشعر الأخير بملامسة البرنامج التدريبي لأنشطته الفعلية، ومخاطبته لما وراءها من احتياجات. على سبيل المثال، فإن التعرف على الأنشطة المعرفية الجارية للمتدرب يمنحه فرصة لاكتشاف ما يربط بينها من صلات وعلاقات، والتعرف على ما تعبر عنه من قدرات وملكات، فضلا عن لفته إلى الاهتمام بمدى علاقتها بما يطمح إليه مهنيا واجتماعيا ومعرفيا.

تهتم الخطة بما يتوفر من علاقات بين مختلف الأنشطة الأربعة للمتدرب؛ للتعرف على العلاقات الداخلية بينها، وما يربطها مجتمعة بما يطمح إليه المتدرب من نجاحات في المستقبل.

إن أنشطتنا الجارية ليست سوى (شخصياتنا) بكل ما نملكه من قدرات، وما نمتاز به من خبرات وجدارات، وما نطمح إليه من نجاحات.. ولعل “خطة الأنشطة الأربعة” محاولة مهنية لتقديم أسلوب سهل من شأنه تعزيز نجاحات البرامج التعليمية ذات الصلة، وتحفيز شركاء التعليم ودعم جهودهم الهادفة إلى تنمية أنشطة الطلاب.

خلاصة

يخلص الباحث إلى أن المفهوم الشائع للهوايات، مشوه وغير فعال، مما يحتم الانتقال إلى مفهوم جديد، أكثر وضوحا وشمولا وفاعلية. ويرى الباحث أن الهوايات هي جميع الأنشطة المفضلة للشخص، وتصنف إلى أربعة أقسام شاملة لمجمل الأنشطة، وتمارس بغرض إشباع احتياجات نفسية، وليست أنشطة ترفيهية مرتبطة بأوقات الفراغ فقط، وقد قام الباحث بتوظيف المفهوم الجديد للهوايات في ابتكار نموذج ASC لاستخدامه في اكتشاف هوايات الطلاب، ومن ثم وضع برامج تدريبية لتعزيز هواياتهم وتنميتها.