مع تطور آليات التسويق، وتحول المجتمع إلى النمط الاستهلاكي، وتسابق الشركات ووكالات الدعاية والإعلان لخلق تسويق ناجح بهدف ترويج السلع والخدمات، أصبح الوصول إلى خطة تسويقية ناجحة غير تقليدية هدفا لا يقل أهمية عن الترويج للمنتج نفسه في ظل شراسة المنافسات، ليس فقط في المجال التجاري ومجال المبيعات، ولكن في أفكار الحملات التسويقية التي أصبحت الشركات والمؤسسات الكبرى تنافس بعضها البعض فيها.

نهاية التسويق الذي نعرفه

قدم سيرجيو زيمان مدير التسويق بشركة كوكاكولا الشهيرة سابقا -والذي رفع قيمة الشركة من ٤٠ بليون دولار إلى ١٦٠ بليون دولار في خمس سنوات، ورفع رقم المبيعات من ١٠ بلايين إلى ١٥ بليون وحدة بدون حرب أسعار- مجموعة من الإستراتيجيات من أجل تسويق ناجح في كتابه (The end of marketing as we know lt) “نهاية التسويق الذي كنا نعرفه”.

يقول سيرجيو في كتابه: ترسخت الممارسات التسويقية التقليدية داخل الشركات لدرجة أصابتها بالركود، وما زال بعض مديري التسويق يصرون على تطبيق نفس الأفكار التسويقية العتيقة، ويصمون آذانهم عندما نطالبهم بتجديد الأساليب التي يستخدمونها، إن التسويق الجديد هو تسويق إيجابي يحلق في آفاق جديدة بدلا من الغرق في المستنقعات الضحلة.

كتاب “نهاية التسويق الذي كنا نعرفه ” لـ سيرجيو زيمان

الخطوات الخمس لحملة تسويقية غير تقليدية

يختصر خبير كوكاكولا خبرته الطويلة في مجال التسويق في خمس خطوات رئيسية للتخلص من إستراتيجيات التسويق القديمة المتعارف عليها، واستبدالها بأخرى مبتكرة من أجل تسويق ناجح ؛ ولتحقيق أهداف المنشأة، وهي:

1- اصنع سوقك الخاص: بأن تعيد تصنيف عملائك وعملاء المنافسين، وصياغة رسائلك التسويقية الموجهة إلى العملاء الذين لا يتعامل معهم أحد، ويضرب لنا زيمان مثالا بشركته؛ حيث كان يعاني من انخفاض المبيعات في شهر رمضان في العالم الإسلامي، فقرر أن يغير من خطته التسويقية ويزيد من حملاته في هذه الفترة حتى تمكن من تحقيق زيادة في المبيعات عن المواسم الأخرى للسنة.

2- لا تستسلم للفشل: إذا كان لديك هاجس بأن شيئا ما سيقع في المستقبل؛ كأن يفشل أحد منتجاتك، أو كأن يداهمك أحد المنافسين، لا تنتظر حتى يحدث هذا، بل اقلب الأوضاع، واصنع مستقبلك؛ أي لا تنتظر غدر السوق، بل بادر بخطط استباقية؛ كأن تطرح مجموعة من التخفيضات أو الهدايا أو العروض على السلعة الخاصة بك.

3- التسويق مهمة الشركة: اعلم أن التسويق مهمة خطيرة يجب ألا نتركها في يد وكالات الإعلان لتشكلها طبقا لذوقها الخاص، فعملا بالمثل القائل: “ما حك جلدك مثل ظفرك” فإنه لا أحد في هذا العالم سيهتم بنجاحك سوى أنت شخصيًّا؛ لذا لا تترك إستراتيجيات الحملات التسويقية لوكالات الإعلان، بل عليك المساهمة بالأفكار والرؤى والمتابعة المستمرة للتطورات التسويقية في السوق، ودراسة خطط المنافسين للاستفادة منها والتفوق عليها.

4- اختر المعايير الصحيحة لقياس نجاح خطتك التسويقية: ركز على الأرباح بدلا من المبيعات؛ ركز على نصيبك من السوق بالنسبة للمنافسة بدلا من التركيز على عدد العملاء.

اقرأ أيضا :

التسويق المخادع

ويحذر زيمان من ظاهرة الاستهلاك الخيالي، ويضرب لنا مثلا ويقول: قم بإجراء استقصاء بسيط، على نفسك وعلى أصدقائك ومعارفك، كما يلي: اسأل نفسك: ما هي السيارة الحلم التي تتمناها؟ ثم اسأل أصدقاءك: ما هي السيارة التي تحلمون بها؟

اجمع الإجابات، ثم اطرح السؤال التالي على نفسك وعلى أصدقائك: ما هي السيارة التي اشتريتها بالفعل؟ من المؤكد أنك ستجد اختلافا كبيرا بين السيارة التي اشتريتها والسيارة التي حلمت بها، فمن المرجح مثلا أنك اشتريت سيارة يابانية، بينما كانت أحلامك تدور حول سيارة أمريكية فارهة، أو ألمانية مثل المرسيدس أو بي إم دبليو.

ويفسر زيمان ذلك بأن أحلامنا متشابهة حتى فيما يتعلق بالسيارات، ويمكننا أن نطلق على هذه الأحلام “الاستهلاك الخيالي” للسلعة؛ حيث يتمنى المرء أن يمتلك السلعة (السيارة) ويتخيل أنه اشتراها، ثم يتوقف عند هذا الحد؛ أي لا يتجاوز الأحلام والخيال، ولا يحول الحلم إلى واقع، ويقوم عند الشراء الفعلي باختيار ما يناسب إمكاناته المادية وله القدرة على التحمل، ويتوفر له قطع الغيار، وهو ما تتميز به الحملات التسويقية للسيارات اليابانية.

5- كن متحفزا لتغيير أدواتك: ابحث دائما عن الحلول ولا تركز على المشكلات، وإذا لم توفر الحلول لعملائك فسيوفرها لهم منافسوك وستخسر حصتك بالسوق، فالحملة التسويقية تشبه مباراة الملاكمة قد تخسر عددًا من الجولات، لكن ذلك لا يعني أنك ستخسر المباراة، المهم أن لا تدع اليأس يتسلل إليك ويؤثر على قراراتك، وعليك لكسب هذه المباراة أن تميز منتجك، وأن تمنح العملاء أسبابًا واضحة لاختيارك، واخلق ولاء قويا لدى عملائك لسلعتك.

علياء عبدالفتاح