الأخ السائل العزيز، أهلا وسهلا بك، وشكرا على ثقتك بصفحتنا مشاكل وحلول للشباب، الحقيقة أن إفادتك رغم طولها، ورغم الحزن والأسى اللذين يفيضان من بين سطورك الإلكترونية، ورغم أنك جنحت كثيرا عن المسار المحوري للإفادة والذي كان يفلت منك دون أن تدري..
رغم كل ذلك فإن إفادتك تعتبر إفادة نموذجية من مكتئب مزمن! إلا أنه مثقف وحافظ للشعر، ومتقن للغته العربية، وكثيرا ما لا نجد ذلك في طلبة الدكتوراة العرب على اختلاف تخصصاتهم في أيامنا الفارغة هذه، ولهذا أشكرك، وأشكر أيضا من ربوك تلك التربية التي وصفتها بأنها “دينية”؛ لأنها على الأقل جعلت لك لسانا عربيا مبينا، أصبح يستلزم منا الرعاية أينما وجدناه.
إفادتك نموذجية لأنها توضح لنا في أكثر من موضع ما أطلق عليه أخي الدكتور عمرو أبو خليل الطموح المكبوت.. وعسر المزاج
الاكتئاب المتلصص والفشل المظلوم
أنقذونى من كابوس الاكتئاب
متى يجب أخذ عقار للاكتئاب؟
ثم تظهر بعض علامات الاندفاعية Impulsivity في إفادتك في فقرة هي من أكثر الفقرات إحداثا للقلق عليك داخلي، وهي قولك: (وما يزيد الطين بلة أني ألجأ إلى العادة السيئة (السرية) والنهم بشكل غير معقول أو العزوف التام عن الأكل، كملجأ زائف ووسيلة للانتقام من نفسي حتى نحل جسمي وخارت قواي وصرت أتحاشى الناس وأتهرب من المسئوليات والاجتماعيات)، فأنت تلجأ إلى الجنس بصورة اندفاعية فتمارس العادة السرية لتخفف عن نفسك بعض مشاعر الاكتئاب ونفس الكلام ينطبق على الأكل بنهم مثلما تجد في الردود السابقة على هذه الصفحة تحت عنوان:
“بينَ الاكتئابِ ونوبات الدَّقَـر”
أشتهى السكر فهل أعانى من الإكتئاب؟؟؟؟
وهذه العلامات على الاندفاعية تقلقني في مريض الاكتئاب بصورة خاصة عندما تواتيه أفكار أو تخيلات الانتحار، وأنصحك أن تقرأ الرابطين التاليين لتعرف كل شيء عنه:
المكافحة الشخصية للاكتئاب: كثيرا ما تخدع
وأنا شخصيا أرى حالتك الآن تستدعي العلاج بالصدمات الكهربية، وإن الرأي الأول والأخير سيكون لطبيبك المعالج، ولتصحيح مفاهيمك فيما يتعلق بالعلاج بالصدمات الكهربية فيمكنك فيه الرجوع إلى الرابط التالي:
متى يكون الطبيب النفسي بلا فائدة؟
الاكتئاب في شخصية قلقة
ولعل أهم نقطة بقيت في إفادتك وعبرت عنها بشكل جيد هي الكيفية التي أثر بها اكتئابك على تدينك، فأنت بالتدريج رحت تشعر بنقص إيمانياتك، وبينت كيف أن الاكتئاب يسلب الإيمان، ويحمل المريض على اليأس من رحمة الله؛ لذلك لا يجوز أن تستسلم له يرحمك الله، ولعلنا ناقشنا هذه النقطة من قبل في إجابة:
أبو حامد الغزالي يعاني الاكتئاب على صفحة مشاكل وحلول للشباب.
ولا أجد في النهاية ما أختم به ردي عليك خيرا من قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الزمر:53)، وقوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إذا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} (النمل:62).