بسم الله،والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد :
فيقولفضيلة الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا ـ رحمه الله ـ إنّ تهنئةَ الشّخص المُسلِملمعارِفه النّصارَى بعيدِ ميلاد المَسيح ـ عليه الصّلاة والسلام ـ هي في نظري منقَبيل المُجاملة لهم والمحاسَنة في معاشرتهم. وإن الإسلام لا ينهانا عن مثل هذهالمجاملة أو المحاسَنة لهم، ولا سيّما أنّ السيد المَسيح هو في عقيدتنا الإسلاميّةمن رسل الله العِظام أولي العزم، فهو مُعظَّم عندنا أيضًا، لكنهم يُغالُون فيهفيعتقدونَه إلهًا، تعالى الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا.
ومن يتوهَّم أنّ هذه المُعايَدةَ لهم في يوم ميلاده ـ عليهالسلام ـ حَرام؛ لأنّها ذات عَلاقة بعقيدتِهم في ألوهيّته فهو مُخطئ، فليس في هذهالمجامَلة أي صِلة بتفاصيلِ عقيدتِهم فيه وغُلُوِّهم فيها .
وقد نُقل أن نبيَّنا محمّدًا ـ صلّىالله عليه وسلم ـ مرّت به وهو بين أصحابه جنازة يهوديّ فقامَ لها فهذا القيامُ قدكان تعبيرًا عمّا للموت من هيبة وجلال، ولا عَلاقة له بعقيدة صاحب الجنازة .
والمسلِم مطلوب منه أن يُظهِرَمحاسِنَ الإسلامِ واعتدالَه لغير المسلمين، ولا يُجبِرهم إذا كانوا من رعاياه وأهلذِمّته على اعتناق الإسلام، بل يتسامَح معهم ويترُكهم على ما يُدينون به .
أضفْ إلى ذلك حال المسلمين اليوم منالضَّعف بين دول العالم، وتآمُر الدول الكبرى عليهم واتِّهامِهم بأنّهم إرهابيّونومتعصِّبون لا يُطْمَأن إليهم إلى آخر المعزوفة… وحاجة المُسلمين اليوم إلى تغييرالصورة القاتمة عنهم التي يصوِّرهم بها العالَم الأجنبيّ .
ولا سيِّما أن المسلمَ قد يأتيه فيعيده (الفطر والأضحى) معارِفُ له من النّصارى يُهنِّئونه فيه. فإذا لم يَرد لهمالزيارة في عيد الميلاد، كان ذلك مؤيِّدًا لِما يتَّهَم به المسلمون من الجَفوة،وعدم استعدادهم للائتلاف مع غيرهم، والمُحاسَنة في التّعامُل .
وما يقال عن التهنئة بعيد الميلاديقال عن رأس السنة المِيلادية بطريق الأولويّة، لأن رأس السنة الميلاديّة لا صلةلها بالعقيدةِ، وإنّما هو مجرّد بداية التاريخ .
وقد كان الصّحابة الكرام حين جمعهم سيدنا عمر ـ رضي الله عنهـ للمذاكَرة في تعيِين حَدَث يكون مبدأً لحِساب السِّنين (التاريخ) طَرحوا فيماطَرحوا من آراء أن يُعتَمَدَ تاريخ الرومِ، أو تاريخ اليهودِ، فلو كان هذا حرامًالما عَرَضوه .
وإذا عرَفنا الرأي الشرعي فيالتهنئة يُعرَف حكم طباعة البِطاقات والمُتاجَرة بها؛ لأن ما كان من وسائل المُباحفهو مباح.
لكن هنا نقطة توقُّف مُهِمٍّ يجب الانتباه إليها؛ فإذا كانتتهنئة المسلِم للنّصارى في ذلك مُباحة فيما يظهر لأنّها من قبيل المجاملةوالمحاسَنة في التّعامُل، فإن الاحتفال برأس السنة الميلاديّة وما يجري فيه منمنكَرات هو أمر آخر فيه تقليد واتباع من المسلمين لغيرِهم في عادات وابتهاجومنكَرات يجعلُها من قَبيل الحَرام.
ويمكنك مطالعة هذه الفتاوى :
تهنئة غير المسلمين بأعيادهم: الحكم والضوابط
ضوابط تهنئة النصارى بأعيادهم
والله أعلم
الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا _ رحمه الله.ـ