اقرأ أيضا:
فلماذا يفرح غيرنا… ولا نفرح؟
أفكر كثيرا في ذلك الشعور الذي سيطر علينا في أعيادنا ومواسمنا الدينية، حيث نلاحظ أننا إلى الحزن أقرب منه إلى الفرح..
– ففي أحد البلاد رأيت احتفال غير المسلمين بعيد لهم، كانت فرحة رمضان ترقص على وجوههم، وفرحتهم بالعيد غير مصطنعة، فقلت لعل هذا خاص بهم فسأذهب لمناطق المسلمين بهذه البلاد، وسرني ما رأيت أن الناس هناك تجمعهم الفرحة بقدوم العيد قد زينوا الشوارع، وغمروك بالفرح.
– وفي بلد إسلامي آخر كان رمضان والأعياد تمر ولا نشعر بفرح، في الوقت الذي كان العيد القومي على غير ذلك؛ حيث يتبادل الناس الحلوى والتهاني ويرتدون الملابس الجديدة، ويخرجون إلى المتنزهات العامة.
ترى هل من الحق أن ندعو الجميع للخروج من الشعور بالحزن وسيطرته علينا في مواسمنا وأعيادنا الدينية بل في حياتنا بشكل عام؟
عدم شعورنا بالفرح في مناسبتنا الدينية له أسباب ثلاثة ذكرها أهل الاختصاص:
1. حالة الانغلاق على النفس التي نعيشها بشكل عام، فلم نعد نطّلع ونلم بما لدى الآخرين من ثقافات وعقائد وسلوك ؛ لذلك فقدنا الشعور بقيمة ما لدينا من دين عظيم، لكن المسلم الذي تتاح له الفرصة للانفتاح على الآخرين يشعر بعظمة الإسلام وحلاوة شعائره، وهو ما نلمسه من روح عالية لدى المسلمين الجدد، ومن أتيحت له الفرصة ليعيش بعض المناسبات الدينية في بلد غير إسلامي.
2. ما تم من اللعب في أذواقنا، نحو ما نحب وما لا نحب، وما نحتفل به وما لا نحتفل، فوسائل الترفية لدينا أصبحت بعيدة عن مفهومنا الشرعي. فإذا أراد الإنسان أن يرفه عن نفسه في مجتمعنا الآن، فهو محصور بين شاشات إلكترونية تبعده عن دنيا الناس، بين شاشة الهاتف المحمول أو الكمبيوتر أو التلفاز والفضائيات، فأصبح الفرح بعيدا عن حضارتنا وثقافتنا، والمطلوب أن نعيش شعائرنا ومشاعرنا بفرح يتفق مع مشروعنا الإسلامي، فالإنسان يلمس الفرح في كل عبادات الإسلام بوجوده مع الناس لا باعتزالهم، ففي الحج نفرح بالعبادة مع الناس، في الصلاة في المساجد مع الناس، في مساعدة المحتاجين وقضاء حوائجهم تقربا إلى الله، فمعايشة الناس أصل يمكن أن نطلق عليه “مرجعية الشريعة = حاكمية الأمة” وطرفي هذه المعادلة وجهين لعملة واحدة ؛ ولا ينزل الإسلام للواقع إلا بحاكمية الأمة.
3. ما نعانيه من ضغوط متنوعة سواء كانت نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية، فأصبحنا نحسب تكاليف الفرح وهل هي في استطاعتنا أم لا. فضلا عن ما تسببه لنا مشاركة الآخرين في الفرح من تكاليف.
يقول د.عمرو خليل: إن الفرح له مظهر وجوهر، والمظهر قديما أخذ شكل الفانوس وتوافر أطعمة معينة، أما حاليا فقد أصبحنا نشاهد صورا متعددة من تزيين الشوارع والمحال، وتطوير الوسائل القديمة التي كانت تستخدم في الاحتفال والفرح بقدوم رمضان. والشيء الأهم هو أن يكون الفرح جوهرا نعيشه. فالحضور لصلاة القيام الجماعية يجب أن يكون مصدر فرح ولا بد أن نستحضر هذه الروح، فهذا لا يتعارض مع حرصنا على الصلاة الطويلة ذات الخشوع، أو خلف من يحسن القراءة لكي نتدبر التلاوة، ولكن المطلوب أن أفعل هذا وأنا فرح، والابتسامة تملئ وجهي وقلبي. لا بد أن نتبادل الابتسامات وتعلو وجوهنا فرحة العبادة واستقبال أعيادنا ومناسبتنا الدينية. ويقول د.عمرو: لكن للأسف هناك ما يعكر هذه الروح من أمور سياسية واجتماعية عامة تجعل الناس تفقد الشعور بهذا الفرح.
كتبت أ.هبة رؤوف مقالا بعنوان “اشتروا لأولادكم وردا”حكت فيه كيف أدخلت الفرح والسرور على أولادها، بشرائها الورد وتعليمهم قدرة خلق الله من إبداع الألوان وتناسق الأوراق، واختتمت مقالها بنصيحة “في طريق العودة للمنزل اليوم اشتروا..وردا”.
وجعلني ذلك أفكر، لماذا لا نتهادى في رمضان بالورد؟.
لقد تعارفنا على أن يكون الورد معبرا عن مشاعر عاطفية بين المحبين والعشاق، أو هدايا المرضى والناجحين، ولكن ما المانع أن يكون الورد هدايا الصائمين، ما المانع أن نقدمه لجيراننا تهنئة بقدوم رمضان وطوال أيام رمضان عندما نتزاور، ولا أعني أننا سوف ننسى روح التكافل من تقديم المأكل والمشرب والملبس وكل الصور الجميلة للتكافل وفرحة المسلمين برمضان، ولكننا نقترح أن نضيف إليها الورد، أو يكون من بينها الورد، لنقبل على كل ألوان الطاعات بفرح المحبين ولنودع الحزن وروح اليأس في رمضان.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين