في ظل العولمة أصبح العالم سوقا مفتوحة تسوده المنافسة الشرسة للحصول على أموال المستهلك باستخدام آلية شديدة التأثير على قرارت ذلك المستهلك  هي آلية الإعلانات مما ترتب عليه تغير النمط الاستهلاكي له وخلق لديه طموحات قد لا تتناسب مع دخله ،وهذا ولاشك يسبب الكثير من المشاكل الخطيرة التي تسبب ارتباكًا لميزانية البيت والدولة، فنجد في هذا العصر يزداد الإسراف والتبذير، وينمو الإنفاق نحو الترف والمظهرية، ويُوجَّه المال أحيانًا إلى الإنفاق في معصية الله، وهذا الأمر لا يتوقف على الإنفاق والاستهلاك الشخصي، بل يمتد إلى الإنفاق والاستهلاك الحكومي.. وهكذا يقود إلى سلسلة من الآثار السيئة تؤدى في النهاية  إلى مشاكل اجتماعية بين المرء وزوجه، وبين الراعي والرعية، وحتى نخرج من هذا المأزق علينا الالتزام بعدد من الضوابط الشرعية للإنفاق والاستهلاك بصفة عامة.. وبيان آثارها على ميزانية الأسرة وميزانية الدولة، في ضوء القيم والأخلاق الإسلامية.

1) الإنفاق في طاعة الله والالتزام بالحلال:

يستشعر المستهلك الذي يخشى الله أن المال الذي عنده مِلْك الله سبحانه وتعالى، وأن ملكيته له ملكية حيازية تنتهي بموته، ولقد ورد بالقرآن الكريم العديد من الآيات التي تؤكد هذا المعنى، منها قول الله تبارك وتعالى: “آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد: 7] .

تؤكد هذه الآية أن المستهلك عليه أن ينفق المال طبقًا لأوامر وشريعة مالكه الحقيقي، وأن في ذلك طاعة الله سبحانه وتعالى، وعليه قبل أن يَهُمَّ بإنفاق أي درهم أو دينار أن يعرف هل ذلك في طاعة الله أم لا، فإذا كان في طاعة الله فليسرع بالإنفاق، وإن كان في معصية الله فليمتنع عن ذلك، وأساس ذلك قول رسول الله عن عبادة ابن الصامت – رضي الله عنه -: “إِذَا هَمَمْتَ بِأَمْرٍ فَتَدَبَّر عاقِبَتَه، فَإنْ كانَ خَيْرًا فامْضِه، وَإِنْ كان غيًّا فانْتَهِ عَنْه.

كما يجب أن يؤمن المستهلك أن له وِقْفَة مع الله سبحانه وتعالى يحاسبه عن هذا المال من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه؟!.. وأساس ذلك، قول رسول الله : “لَنْ تَزُولَ قَدَمَا عَبْدٍ يَومَ القيامة حتى يُسألَ عن أَرْبَع.. منها عَنْ مَالِه مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيْمَ أَنْفَقَه؟” [الترمذي].

وفي الوقت الذي تعاني فيه ميزانية البيت وميزانية الدولة من العجز الشديد والديون، نجد فريقًا من الناس يقومون بإنفاق المال في المحرمات ويفسدون في الأرض.

وعلى مستوى الإنفاق الحكومي، نجد كثيرًا من الدول الإسلامية تُنفق الأموال في أشياء حرمتها الشريعة الإسلامية مثل: إنتاج الدخان والخمور، وإنتاج المسلسلات التلفزيونية التي تُعَدُّ خصيصًا لنشر الفساد وتزينها بزينة التقدمية والمدنية.

2) الإنفاق في الطيبات وتجنب الخبائث:

أمرنا الله سبحانه وتعالى أن يكون الإنفاق في مجال الطيبات، فقد قال الله عزوجل “… ويُحلُّ لهَمُ ُالطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِث …” [الأعراف: 157]، وقال الله عزوجل: “قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ …” [الأعراف: 32]، ويقول الرسول : “إَنَّ اللهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلا طَيِّبًا” [مسلم].

فعلى المسلم أن ينفق ماله في شراء السلع والخدمات الطيبة والتي تعود عليه وعلى المجتمع الإسلامي بالنفع، وأن يمتنع عن الإنفاق في الخبائث.

ومما نلاحظه في هذه الأيام المعاصرة أن فريقًا من الناس ينفقون أموالهم في شراء السلع الخبيثة مثل: الدخان ومشتقاته والخمور ومشتقاتها وفي شرائط الفيديو المنافية للقيم والمثل والأخلاق، وفي شراء تذاكر السينما والمسارح لمشاهدة ما يغضب الله سبحانه، وهذا يسبب محق البركات وتصبح الحياة ضنكًا، وصدق الله تبارك وتعالى عندما يقول: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {124قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا {125قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ” [طه: 124 : 126].

3) الاعتدال والوسطية في الإنفاق:

من ضوابط الإنفاق في الإسلام الاعتدال، دون إسراف أو تقتير؛ لأن في الإسراف مفسدة للمال وللنفس وللمجتمع، وكذلك الوضع بالنسبة للتقتير ففيه حبس وتجميد للمال وكلاهما يسبب خللاً في النظام الاقتصادي، وأصل هذا الضابط من القرآن الكريم هو قول الله تبارك وتعالى في وصف عباده المؤمنين: “وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا” [الفرقان: 67]، وقوله عزوجل كذلك: “وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا

كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا” [الإسراء: 29].

ومن وصايا رسول الله في مجال الإنفاق الاعتدال فيقول: “نحن قومٌ لا نَأكلُ حتَّى نَجُوعَ وإَذَا أَكَلْنا لا نَشْبَع”.

ومن ناحية أخرى يجب عند توزيع الطعام على الأطباق أن يغرف كل فرد ما يكفيه حتى لا يتبقى في الطبق طعام فيلقى بدون الاستفادة منه في القمامة.

ويجب على المسلم أن يلتزم بهذا الضابط في إنفاقه، فلا يجب أن تجرفه السعة في الرزق بعد الضيق أو التقليد الأعمى للعادات السيئة إلي أن يسرف، كما يجب أن لا يُضَيِّق على أسرته أو أولاده إلى المدى الذي يبدل نعمة الله ضنكًا، وربما يجرفهم إلى سلوك سيئ.

4) مراعاة الأوليات الإسلامية في الإنفاق:

لقد وضع فقهاء المسلمين أولويات يجب الالتزام بها في كل شئون حياة المسلم، ومنها الإنفاق في شراء حاجياته، وهذه الأولويات هي:

(1)الضروريات: ويقصد بها النفقات الضرورية اللازمة لقوام المخلوقات، وتحقيق المقاصد الشرعية، ولا تستقيم الحياة بدونها،كالمأكل والمشرب والملبس.

(2)الحاجيات: ويقصد بها ما ينفقه الفرد على ما يحتاجه لجعل الحياة أكثر ميسرة، وتخفف من المشاق، ولا يجب الإنفاق على الحاجيات إلا بعد استيفاء الضروريات.

(3)التحسينات: وتتمثل في بنود النفقات التي تجعل حياة الفرد رغدة طيبة، ولا يجب الإنفاق على التحسينات إلا بعد استيفاء الضروريات والحاجيات.

ومن ثَمَّ يجب الالتزام بهذه الأولويات عند الإنفاق لتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية، ومما يؤسف له في هذه الأيام أن الأفراد والحكومات ينفقون الأموال على الترفيات والكماليات، في الوقت الذين يعانون من نقص في الضروريات والحاجيات، وهذا ما يطلق عليه السَّفَه، ويكون من نتيجته محق البركة، وحدوث العديد من المشكلات.

5) التوازن بين الكسب والإنفاق:

لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى في حياتنا بالتوازن، ويدخل في نطاق ذلك التوازن بين الكسب والإنفاق على مستوى البيت، وعلى مستوى الدولة، ولا يجب أن يكلف الفرد نفسه ما لا يطيق، وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى: “لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا، لَهَا مَا كَسَبَتْ، وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ …” [البقرة: 286]، ويقول الرسول : “لقد أفلح من أَسْلَمَ، وكان رِزْقُهُ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتاه” [الترمذي].

6) أولوية التعامل مع المسلمين وأبناء الوطن:

من الأولويات الإسلامية في مجال التعامل أن يكون مع المسلمين، ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: “وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ…” [التوبة:71]. وفي هذا الخصوص يقول الرسول : “مَثَلُ المؤمنينَ في تَوَادِّهِمْ وَتَعاطُفِهِمْ وَتَراحُمِهِم كَمَثَلِ الْجَسَدِ الواحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَداعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى” [مسلم]، وقوله : “المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيانِ يَشُدُّ بَعْضُه بَعْضًا” [البخاري].

ولقد رتب الفقهاء أولويات التعامل في كل شيء وعند الشراء والبيع على النحو التالي:

-المسلم المواطن.

-المواطن من أهل الكتاب.

-المسلم غير المواطن.

-الكتابي غير المواطن.

-غير الكتابي غير المواطن.

وحرم الفقهاء التعامل مع العدو الحربي على النحو الذي نفصله في البند التالي:

يجب على المستهلك المسلم الملتزم بشرع الله عزوجل ألا يتعامل قطعيًّا مع الأعداء الحربيين بكافة فئاتهم وحيثياتهم ومللهم، حتى لا تروج بضاعتهم وتدعم اقتصادهم، وتضيع فرص التعامل مع غير الحربيين الذين هم أولى بالرعاية كما سبق البيان في البند السابق، ودليل هذا الحكم من القرآن الكريم قول الله عزوجل: “إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ

هُمُ الظَّالِمُونَ” [الممتحنة: 9]، ومن وصايا الرسول في هذا الأمر قوله : “لا تُصاحِبُ إلا مُسْلِمًا، وَلا يَأْكُلُ طَعامَكَ إلا تَقِيُّ” [أبو داود والترمذي].

ومما يُؤسَفُ له في هذه الأيام أن نجد على سبيل المثال بعض المستهلكين يفضلون التعامل مع السلع المنتجة بمعرفة الأعداء ومن يوالوهم، ويتركون المسلمين والمواطنين الذين هم أولى بالمعاملة.

7) تجنب الإسراف والتبذير في الإنفاق:

تحرم الشريعة الإسلامية الإسراف والتبذير، ومعناهما في الإسلام: ما يجاوز حد الاعتدال والوسط في الإنفاق والسلوك، وأصل ذلك من القرآن الكريم قول الحق تبارك وتعالى: “كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” [الأنعام: 141]، ولقد ذكر في الأثر عن يوسف عليه السلام: أنه لما صار أمينًا على خزائن الأرض، ما كان يشبع أبدًا، فلما سُئل عن ذلك قال: أخاف إن شبعت أن أنسى الجياع.

ومن مظاهر الإسراف والتبذير في هذه الأيام ما يلي:

1-الإسراف والتبذير في المأكل والمشرب ومنه:

– الإسراف والتبذير في الولائم التي يُعِدُّها الناس لأقاربهم وأصحابهم، بل ويتنافسون في ذلك.

– الإسراف والتبذير في المأكل والمشرب، حتى أن الفرد عند الأكل يضع أمامه من المأكولات والمشروبات ما يكفيه أيامًا كثيرة، كما أن نسبة كبيرة مما يوضع على الموائد يلقى في سلة المهملات في الوقت الذي نجد فيه الكثير من المسلمين لا يجدون لقيمات يقمن بها أصلابهم.

– الإسراف في ملء البطون موقنين أن المأكل والمشرب غاية، وليس وسيلة لإعانة الإنسان على عبادة الله عزوجل.

8) تجنب الترف والخيلاء في الإنفاق:

تحرم الشريعة الإسلامية النفقات الترفيهية بصفة قطعية؛ لأنها تؤدي إلى الفساد والهلاك، وهذا التحريم يسري على الفرد في ماله، وعلى الحاكم في الأموال العامة، وأصل هذا من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: “وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ” [الإسراء: 16].

والسنة النبوية حافلة بالأحاديث التي تحذر الناس من حياة الترف وإنفاق المال في الملذات المحرمة، فقال رسول الله : “كُلْ ما شئت، والْبَسْ ما شئت، ما أخطأتك خِصْلتان سَرَفٌ ومَخْيِلَة” [البخاري].

أما في واقعنا الآن فقد أصبح الترف والمظهر هو الأساس حتى اعتاده الناس وظنوا أنه العرف والمعتاد، فتهتم المرأة عند إعداد الولائم بالمُحَمَّر والمشوي والمكسرات والعصائر وربما هي على يقين تام أن زوجها قد اقترض مالاً من غيره لذلك.

بل والأدهى والأمرّ أن هناك الكثير من شركات القطاع العام والخاص تنفق الأموال الكثيرة في المظاهر الكذابة، وربما تكون هذه الشركات خاسرة وعليها ديون أثقل من الصخور.. كما أن الكثير من الحكومات تنفق آلاف الملايين في مظاهر الاستقبال والحفلات واستئجار من يصفقون ويهتفون، وهي تئن تحت ثقل الديون؛ ولذلك يجب على المسلم سواء كان حاكمًا أم محكومًا أن يبعد عن كل سبل الترف حتى لا يكون ذلك إحباطًا لعمله وخسرانًا له في الدنيا والآخرة.

9) تجنب التقليد المخالف للشرع:

لقد أمرنا الإسلام أن نتجنب تقليد غير المسلمين في سنتهم وعادتهم وتقاليدهم التي تخالف أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، ولقد حذرنا رسول الله فقال: “لَتَتَّبِعَنَّ سُنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِراعًا بِذِراعٍ.. حَتَّى وَلَو دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ خَرِبٍ لَدَخَلْتُمُوْه..”، كما حذرنا من البدع فقال : “.. عَلَيْكُم بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِديْنَ المُهْتَدِينَ، عَضُّوا عَلَيْها بِالنَّواجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثاتِ الأُمور، فإن كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَة، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَة، وَكُلَّ ضَلالَةٍ في النَّار” [الترمذي].

وإذا نظرنا إلى سلوكيات المستهلكين في هذه الأيام كثيرًا منهم ينفقون من الأموال في تقليد الغرب والشرق في عاداتهم وتقاليدهم وبدعهم والتي لا يقرها الإسلام من قريب أو من بعيد، ومن أمثلة ذلك: نفقات أعياد الميلاد والسهرات والحفلات التي يتغنى فيها الناس، حتى أن بعض الوزارات تقدم الخمور تقليدًا لغيرهم واتباعًا للموضة و”البرستيج”!.

والله سبحانه سوف يسأل فقهاء المسلمين ودعاة الإسلام عن التقصير في تبصير الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور، ففي الوقت نفسه الذي تعاني فيه الأسرة من عجز في ميزانيتها، نجد أنها تقترض لشراء السمن والدقيق والسكر والزيت والمكسرات حتى تقلد الجارة والصديقة والقريبة!!، وفي الوقت الذي تعاني منه الدولة من عجز في الميزانية نجدها تنفق الكثير من الأموال في المظهريات والترفيات والحفلات التي تخالف شرع الله تعالى!!.

لابد أن يفقه كل فرد وكل مسئول أمر دينه ويستشعر أنه مسئول ومحاسب أمام الله، لابد وأن يعي تمامًا قول رسول الله : “ألا كُلَّكُم راعٍ، وكُلُّكُم مسئول عن رَعِيَّتِه، فالإمام راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ ومسئول عن أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم…” البخاري.

10) التقشف عند الأزمات المالية والاقتصادية:

يأمرنا الإسلام بالتقشف عند وقوع الأزمات، ولقد ورد في سورة سيدنا يوسف عليه السلام نموذج يعتبر مثلاً معياريًّا نقتدي به، في تفسير رؤيا الملك على لسان سيدنا يوسف يقول القرآن الكريم على لسان سيدنا يوسف: “قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوْهُ فَي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيْلاً مِمَّا تَأْكُلُوْن، ثُمَّ يَأتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيْلاً مِمَّا تُحْصِنُوْن، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيْهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيْهِ يَعْصِرُون” (يوسف 47-49)، ولما وَلِيَ سيدنا يوسف عليه السلام أمينًا على خزائن الأرض وضع خطة للاستهلاك تقوم على الاقتصاد والتقشف حتى أخرج الأمة من أزمتها.

ولقد مرت الأمة الإسلامية بأزمات اقتصادية، فكان رسول الله وصحابته والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم جميعًا من بعده يبيتون الليالي الطويلة جائعين يشدون الأحجار على بطونهم الخاوية أيام الضنك والمجاعة، لا يأكلون إلا ما يأكل سائر الناس كي يشعروا بشعورهم ويتحسسوا تجربتهم ويسرعون في إيجاد الحلول لبؤسهم وضنكهم. ويقول عليه الصلاة والسلام أيضًا: “اخْشَوْشِنُوا فإن النعمة لا تدوم”.


  حسين شحاته أستاذ بجامعة الأزهر الشريف