هل تعلم أن العقيقة تعد من السنن الإسلامية التي تجمع بين الشكر لله والاحتفال بالمولود الجديد في أجواء تجمع الطابع الروحاني والاجتماعي؟ يُبرز هذا التقليد، الذي يمتد جذوره إلى عهد النبي ، قيمة الامتنان والتآلف، ويجعل من استقبال الطفل مناسبة تمتلئ بالبركة والتقارب بين أفراد الأسرة والمجتمع.

إن فهمنا لطقوس العقيقة وأحكامها يزيدنا وعياً بأبعادها الدينية والاجتماعية، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويدفعنا للمشاركة في نشر السعادة والبهجة. تابع قراءة المقال لتتعرف على فوائد العقيقة، وأدلتها في السنة النبوية، والأحكام المرتبطة بها، وكيفية توزيعها بالشكل الأمثل.

ماهي العقيقة؟

‏العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود، والعقيقة سنة مؤكدة فعلها الرسول وفعلها أصحابه، ومن الأفضل أن يذبح عن الولد شاتان متقاربتان شبهًا وسنًا، وعن البنت شاة، والذبح يكون يوم السابع بعد الولادة إن تيسر، وإلا ففي اليوم الرابع عشر وهكذا ، وشرعت العقيقة شكراً لله تعالى على نعمة الولد ، وهي نوع من التكافل الاجتماعي في الإسلام ، ويشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية عند جمهور الفقهاء .

تُعد العقيقة من السنن المهمة في الإسلام، حيث يرتبط هذا النُسك بشكر الله على نعمة الولد واستبشار الأسرة بالمولود الجديد. تتركز أهمية العقيقة في كونها جزءًا من التراث الإسلامي، يجمع بين الطابع الاحتفالي والبعد الديني. وتعد العقيقة ممارسة ذات معاني رمزية ودينية، تهدف إلى التبرك بالمولود، وحماية الأسرة من العين والحسد. في هذا المقال، سنستعرض فوائد العقيقة، وأدلتها في السنة النبوية، وأحكامها، إضافةً إلى كيفية توزيعها، والفرق بينها وبين الوليمة، وغيرها من الجوانب المتعلقة بهذا النُسك.

العقيقة : مشروعيتها، شروطها ووقتها

أدلتها في السنة النبوية .. 5 أحاديث عن العقيقة

جاءت عدة أحاديث نبوية تؤكد على أهمية العقيقة، ومنها حديث النبي : “كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمى” (رواه أبو داود والترمذي). وقد أقرَّ النبي عليه الصلاة والسلام هذه السنة وأوصى بها، فقد ورد أنه عقَّ عن الحسن والحسين رضي الله عنهما، وهما حفيداه، مما يدل على فضلها وفضل العمل بها.

يقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس – فلسطين :ـ

العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عن المولود في اليوم السابع من ولادته شكراً لله تعالى على نعمة الولد ذكراً كان أو أنثى .
وهي سنة مؤكدة ثابتة عن النبي وقد ورد فيها أحاديث كثيرة منها :

1-  عن سلمان بن عامر الضبي عن النبي قال سمعت رسول الله يقول :( مع الغلام عقيقة فأريقوا عنه دماً وأميطوا عنه الأذى ) رواه البخاري .

2-  عن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي .

3-  عن أم كرز الكعبية رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله يقول :( عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة ) رواه أبو داود وأحمد والبيهقي وصححه الحاكم .

4-  عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :( أن الرسول عقَّ عن الحسن والحسين كبشين كبشين ) رواه النسائي وهو صحيح كما قال الألباني .

هل العقيقة أفضل أم التصدق بثمنها؟

يرى جمهور العلماء أن العقيقة أفضل من التصدق بثمنها؛ لأن العقيقة سنة نبوية، وإقامتها أفضل من الاستغناء عنها، حيث أن الذبح في العقيقة يتضمن العديد من الأبعاد الدينية والاجتماعية التي لا يوفرها التصدق بالنقود فقط.

أحكامها

العقيقة سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء، ومن المستحب أن تُذبح يوم السابع من ولادة المولود، وإن لم يتيسر ذلك فيوم الرابع عشر، أو الحادي والعشرين. ويختلف الحكم بين الذكر والأنثى في العدد، حيث يُسن ذبح شاتين عن الذكر، وشاة واحدة عن الأنثى.

والعقيقة سنة مؤكدة ولو كان الأب معسرًا، فعلها الرسول وفعلها أصحابه، روى أصحاب السنن أن النبي عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا، ويرى وجوبها الليث وداود الظاهري. ويجري فيها ما يجري في الأضحية من الأحكام، إلا أن العقيقة لا تجوز فيها المشاركة.

ما كيفية توزيعها؟

توزع العقيقة على الأقارب والفقراء والمحتاجين، ويُستحب أن تُطبخ وتقدم جاهزة للأكل. يمكن للأسرة الاحتفاظ ببعض منها، أو دعوتهم لتناولها في المنزل، مما يعزز الروابط الاجتماعية ويعمق أواصر المحبة.

الحكمة من العقيقة

1- شرعت العقيقة شكراً لله تعالى على نعمة الولد فإنها من أعظم النعم والأولاد من زينة الحياة الدنيا ، قال الله تعالى : (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الكهف 46 ، وفطر الله جل جلاله الإنسان على السرور والفرح والبهجة عند قدوم المولود فكان حرياً بالإنسان أن يشكر الله الخالق الواهب .
وقد ورد في الأثر عن الحسين رضي الله عنـه في تهنئتـه من رزق مولوداً أن يقال له :( بارك الله لك في الموهوب وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت بره) .

2-  كذلك فإن العقيقة فكاك المولود وفديته من تسلط الشيطان عليه .

3- والعقيقة نوع من التكافل الاجتماعي في الإسلام حيث إن الذي يعق عن ولده فيذبح عنه ويطعم الفقراء والأصدقاء والجيران أو يدعوهم إليها، فيسهم كل ذلك في إشاعة المودة والمحبة بين الناس ويخفف من معاناة الفقراء والمحتاجين.

شروط العقيقة

يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية عند جمهور الفقهاء بأن تكون الذبيحة من الأنعام وهي الضأن والمعز والإبل والبقر، وأن تكون سليمة من العيوب فلا يجزيء فيها العرجاء البين عرجها ، ولا العوراء البين عورها ، ولا المريضة البين مرضها، ولا العجفاء الهزيلة فينبغي أن تكون سمينة طيبة فإن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً ، كما يشترط فيها توافر الأسنان المطلوبة شرعاً كما هو الحال في الأضحية فينبغي أن تبلغ الشاة السنة من عمرها والبقرة السنتين والناقة الخمس سنين، ويذبح عن الغلام شاتان وعن الأنثى شاة فإن ذبح شاة عن الغلام أجزأ وحصل أصل السنة .

العقيقة : مشروعيتها، شروطها ووقتها
طفل يلعب

ويتصرف في العقيقة كما يتصرف في الأضحية فتوزع أثلاثاً ثلث لأهل البيت وثلث للصدقة وثلث للهدية .
واستحب بعض العلماء أن لا يتصدق بلحمها نيئاً بل يطبخ ويتصدق به على الفقراء بإرساله مطبوخاً .
وفضل بعض العلماء دعوة الناس إلى العقيقة بعد طبخها ، وقد ورد عن الإمام مالك رحمه الله أنه عق عن ولد له فوصف لنا كيف صنع بالعقيقة فقال :

(عققت عن ولدي وذبحت ما أريد أن أدعو إليه إخواني وغيرهم وهيأت طعامهم ثم ذبحت شاة العقيقة فأهديت منها للجيران وأكل منها أهل البيت وكسروا ما بقي من عظمها وطبخت فدعونا إليها الجيران فأكلوا وأكلنا … فمن وجد سعة فأحب له أن يفعل هذا ومن لم يجد فليذبح عقيقة ثم ليأكل وليطعم منها) .
ويجوز بيع جلدها وسواقطها ويتصدق بثمنه على الفقراء والمحتاجين .

وقت عمل العقيقة

وأما وقت ذبح العقيقة فقد وردت الأحاديث بتحديده باليوم السابع من ولادة المولود كما في حديث سمرة أنه عليه الصلاة والسلام قال :( كل غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى ) وجاء في حديث عائشة رضي الله عنها :( عق رسول الله عن الحسن والحسين يوم السابع ) وهذا هو الوقت المستحب للعقيقة ولو أخرها عن ذلك يجوز ويفضل أن تكون في اليوم الرابع عشر من الولادة أو الحادي والعشرين وهكذا في الأسابيع .

2 من فوائد العقيقة

تعد العقيقة وسيلة لشكر الله على نعمة الولد، ووسيلة لتقوية الروابط الاجتماعية عبر توزيع اللحم على الأهل والمحتاجين. ويقال إن ذبح العقيقة يحفظ الطفل من شرور المستقبل ويدفع عنه الأذى. كما تحمل العقيقة معاني الرحمة والتراحم بين أفراد المجتمع، حيث يتم توزيع الطعام للمشاركة في الفرح بالمولود.

وروى أصحاب السنن عن سمرة عن النبي قال:
1 – “كل مولود رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى”.
2 – وعن سلمان بن عامر الضبي أن النبي قال: “مع الغلام عقيقته، فأهريقوا عليه دمًا، وأميطوا عنه الأذى” رواه الخمسة.

الفرق بين العقيقة والوليمة

العقيقة هي ذبيحة احتفالية ترتبط بولادة طفل، بينما الوليمة تشير إلى أي طعام يُعد لدعوةٍ أو مناسبةٍ خاصة. تتسم العقيقة بأنها نسك ديني، يؤدى تماشياً مع السنة النبوية، بينما لا يشترط في الوليمة الالتزام بوقت أو شروط معينة.

وفي اجتماع الأضحية والعقيقة، قالت الحنابلة: وإذا اجتمع يوم النحر مع يوم العقيقة فإنه يمكن الاكتفاء بذبيحة واحدة عنهما، كما إذا اجتمع يوم عيد ويوم جمعة واغتسل لأحدهما.

ما حكم من لم يذبح العقيقة وهو قادر؟

إذا كان الشخص قادرًا على ذبح العقيقة ولم يقم بذلك، فقد ترك سنة مؤكدة. لا يأثم الشخص على تركها، لكن يُستحب له أن يقوم بها متى استطاع، حتى لو تأخر، لأن الغرض منها هو شكر الله على المولود واتباع السنة.

وهل يستوي فيها الذكر والأنثى؟

فيما يخص التساوي بين الذكر والأنثى، فقد جاء في السنة أن تُذبح شاتان عن الذكر وشاة واحدة عن الأنثى. هذا لا يعني تقليلًا من شأن الأنثى، وإنما اتباعًا للسنة النبوية التي وضعت ضوابط للعقيقة دون التفريق في فضل المولود.

وبالتالي من الأفضل أن يذبح عن الولد شاتان متقاربتان شبهًا وسنًا، وعن البنت شاة فعن أم كرز الكعبية قالت: سمعت رسول الله يقول: “عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة”.
ويجوز ذبح شاة واحدة عن الغلام لفعل الرسول ذلك مع الحسن والحسين، رضي الله عنهما، كما تقدم في الحديث.

من تُطلب منه العقيقة؟

العقيقة تجب على ولي الطفل الذي ينفق عليه، وعادة ما يُطلب من الوالد أن يذبحها. في حال تعذر ذلك، فيجوز لأحد الأقارب أو الأهل القيام بها كنوع من البر والمساعدة، ولكن يظل الأصل أن يقوم بها الأب شكرًا لله.

مكان ذبح العقيقة

ليس هنالك مكان محدد يجب فيه ذبح العقيقة، لكن يُستحب أن تُذبح في المنطقة التي وُلد فيها الطفل. يُشترط في الذبح أن يكون وفق الضوابط الإسلامية، مع مراعاة أن يكون الذبح خالصًا لوجه الله.

خلاصة

العقيقة سنة نبوية مؤكدة تعكس روح الإسلام في البذل والعطاء، وتعزيز الصلة بين العائلة والمجتمع. وقد حثت الشريعة الإسلامية على هذا النُسك لتوطيد أواصر المحبة، وجعل كل مولود بركة للأسرة. في الختام، يجب علينا كمسلمين أن نحافظ على هذه السنة ونمارسها وفق التعاليم النبوية السمحة.