إن مبدأ الأمر بلا نقاش سائد عند بعض الأسر في البيت، وقد يتضح هذا عند الحاجة إلى مناقشة البنات وهن يتجهزن للانتقال إلى مرحلة المراهقة، وبعض الأباء يتعاملون من منطلق الأمر والتنفيذ بلا نقاش، خاصة إذا كان عمر الابن في حدود الثلاثة عشر عامًا على أعتاب المراهقة، ولا بد أنه أيضًا يعاني من نفس الأسلوب في التعامل.. كيف ستقوى شخصية طفل وبناء الثقة حيث يتم تربيته على الأوامر بدون نقاش؟ أم كيف يناقش الوالدان الأبناء في عمر المراهقة؟
وكيف سيكون قادرًا في الرد على زملائه الذين يضايقونه في المدرسة وهو لم يتعود ولا يسمح له بأي رد في البيت.
إن الطفل المنطلق في خارج بيته المتواصل مع الآخرين القادر على التعامل معهم بما يناسب الموقف هو طفل حصل على هذه الثقة في بيته أولاً… من خلال إعطائه الحق في الاختيار بخصوص أموره المختلفة ويشعرونه بالثقة في آرائه، يعطونه الحق في مناقشتهم فيما يخصه من أمور. يفسحون له المجال للتجريب وللخطأ مع التشجيع والتحفيز.. يقللون من التحذيرات والمحظورات يشعرونه باحترامهم لذاته؛ ولذا فإنه يشعر بذاته مع الآخرين.
إن البيت هو العمق الطبيعي لأبنائنا سواء كانوا أطفالاً أو مراهقين، وعندما تمتد جذور الثقة في النفس داخل البيت تزهر أوراقًا وأغصانًا قوية طازجة… كيف يشعر طفل بالثقة في تعامله خارج البيت وهو لا يشعر بها داخل البيت مع أقرب المقربين إليه…
إن نموذج تعامله في الخارج نابع من نموذج تعامله في الداخل… هي معادلة بسيطة ولكننا دائمًا نسأل كيف يكتسب أولادنا ثقتهم في أنفسنا وتقوى شخصيتهم ونتصور الأمر شيئًا يخصهم لا علاقة له بطريقة تعاملنا معهم، والحقيقة أن الأصل هو في أن نثق نحن بهم وأن نكون أمامهم شخصيات سوية قوية غير مترددة فيكونون هم مرآة لطريقة تعاملنا معهم.القصة تبدأ من البيت في تعامل يقوم على الحوار والتفاهم للجميع خاصة المراهقين… أما الأوامر بدون نقاش فتنتج شخصيات مهتزة لا تقوى على مواجهة المجتمع.