بمناسبة سؤالك، يحضرني مثل – أظنه صينيّا – معناه: (لا تعطني سمكة، ولكن علمني كيف أصطاد)، والمقصود أن امتلاك الإنسان لوسيلة الحصول على الشيء خير ألف مرة من امتلاكه للشيء ذاته والذي لابد أن ينفد، ويظل هذا الإنسان محتاجًا للمزيد.
ومناسبة هذا المثل لسؤالك المتشعب أنك أخي الكريم سوف تُقابَل دومًا بأفكار تطعن في الإسلام نصّا مقدسًا، وفي نبيه العظيم ﷺ رسولاً مُبلغًا.
وهذه المطاعن القديمة الجديدة لا تستحق هذا القدر من الانزعاج، سيما ولم أجد فيها جديدًا قط، وما أحسب المشكلة في هذه المطاعن التي لن تنتهي بالطبع في أي مجتمع يحتك فيه المسلمون بغيرهم، بل إننا في ظل هذا العالم المتشابك المتصل، فإن هذه المطاعن ستغزو كل مجتمع، إسلاميّا كان أو غير إسلامي.
وأخشى ما أخشاه أن نظن أن مواجهة هذه المطاعن تكون بأنه كلما استجد منها شيء – وما هو بجديد – سألتَ عن كيفية مواجهته والرد عليه؛ لأنك حينئذ ستكون كذلك الرجل الذي امتلك سمكة ولم يتعلم الصيد!!.
ولذلك أرى أنه يحسن بك أن تتعلم الصيد، أي أن تملك آلة وأداة المواجهة من الناحية العقلية والفكرية، وقدرة على الجدل والحوار، وامتلاكًا لثقافة الحوار ومادته في الوقت نفسه.لذلك لا أراني متحمسًا لأن أتعرض للشبهات التي أوردتها في رسالتك، فهي أولا من التعدد والتباين بحيث يستغرق الرد على كل منها – فضلاً عن الرد عليها جميعًا – ما يضيق به المقام والمساحة المعروض من خلالها الرد.
وهي من جهة أخرى ليس فيها جديد قط، ومن ثمَّ فقد تم تناولها كثيرًا من خلال كتابات كثيرة، بل إننا في هذه الصفحة، تعرضنا من قبل للعديد من هذه الشبهات، وفندناها وأبطلناها بحمد الله سبحانه، سواء الشبهات المتصلة بالفكر المادي المنكر لوجود خالق، أو الأفكار التبشيرية، أو غير ذلك.
ولذلك – أخي الكريم – فلا يسعني إلا أن أقف معك الوقفات التالية:
أولاً: من حيث الشبهات المعروضة، يمكنك الرجوع على نفس الموقع للاستشارات المتعلقة بنفس الموضوع: مثل:
– انتشار الإسلام بالسيف.. شبهةٌ لا محلَّ لها
– الإسلام بُني على العنف .. الأسطوانة المشروخة
– شبهة أن الإسلام ضد المرأة.. لا محلَّ لها أيضًا
– شبهات لدى المسلمة التي ترتاح في الكنيسة.. مرةٌ أخرى
– شبهة زواج النبي من عائشة.. الوحي والعرف
– الزواج من المسلمات حديثاً.. شبهات حول الإسلام.. وعدم توافق البيئات
– مرتحل في سبيل الدعوة .. بين الأولويات والشبهات
– كيف أدعو نصرانيتين.. متشددة وغير متشددة؟
– عقيدة التثليث عند النصارى.. أوهام وحقائق
– من خلق الله؟؟كما يمكنك بالطبع الرجوع للعديد من الكتابات في كل من هذه الجوانب، مثل:
– الظاهرة القرآنية لمالك بن بني، وهو كتاب رائع في باب الكلام عن إعجاز القرآن، وبه فصل مهم عن التفكير المادي المُنكر لوجود خالق.
– محمد الرسالة والرسول، لكاتب نصراني اسمه د. نظمى لوقا.
– محمد في حياته الخاصة، لنفس الكاتب د. نظمي لوقا، وهو يدافع عن شخص النبي العظيم، ويتعرض لمسألة تعدد الزوجات بإنصاف.
– محاضرات في النصرانية، للشيخ محمد أبو زهرة .
– كتابات د. زغلول النجار عن إعجاز القرآن من الناحية العلمية، وتُنشَر بجريدة الأهرام القاهرية، يوم الإثنين من كل أسبوع.
– العِلم الأعجمي في القرآن الكريم: وجه جديد للإعجاز، لمؤلفه الأستاذ د. رءوف أبو سعدة، طبعة دار الهلال القاهرية.
– كتابات الدكتور عبد الوهاب المسيري في مسألة الحضارة والمعرفة.
ثانيًا: اهتم بعرض الإسلام كفكر ومنهاج وتشريع، فذلك خير من الانشغال الدائم بالتصدي للشبهات، ذلكم أن الذي يواجهك قد لا يبغي منك إلا أن تظل دائمًا منشغلاً بالرد على الشبهات، وكلما رددت على شبهة جاء بأخرى، وهكذا نجد أنك لن تستطيع أن تعرض فكرك، ولا أن تجادله في فكره هو وعقيدته، ولذا فخير وسيلة لمواجهة هذا الصنف أن تعرض فكرك أنت وبوضوح وثقة.
ثالثًا: بادر بمهاجمة أفكار خصمك وتفنيد فكره وعقيدته؛ لأنه حينئذ إما أن يجادل بالتي هي أحسن أو يبتعد عن طريقك، وقد قمنا من خلال صفحة الاستشارات بممارسة هذا الأمر مع أحد المستشرقين، فأُلقِمَ حجرًا في فِيه، ولم نستقبل منه أي رد فعل ولله الحمد، وسنرسل لك هذا الرد على بريدكم الخاص؛ لأنه طويل بعض الشيء، ولعلك تنتفع به إن شاء الله.
رابعًا: عليك دائمًا أن تتسلح بالثقافة العميقة الواعية، وأن تُعِد نفسك دومًا لمواجهة أية شبهات تعرض لك، لتكون قادرًا على عرض دعوتك على الآخرين، وذلك بامتلاك أدوات المعرفة وآلة الجدال.
وفقك الله سبحانه للخير، ونرجو أن يستمر تواصلنا سويّا، والسلام.
استشارات ذوات صلة:
– صديقي غير مسلم.. كيف أدعوه؟
– دعوة غير المسلمين.. دع الخطوات تتبع الكلمات
– في دعوة غير المسلمين: تدرَّج.. لا تهاجم.. والعقيدة أولا
– إعجاز القرآن العلمي لهداية غير المسلمين.. وهناك مداخل أخرى
– في دعوة النصارى.. علامات على الطريق
– كيف يرى الإسلامُ المسيحيَّة؟
– في دعوة غير المسلمين: مواقع.. وخطوات.. وكتب.. واقتراح وجيه