الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد …
فيقول فضيلة الدكتور عبد العزيز عزام – أستاذ الفقه – جامعة الأزهر :ـ
فإنه مما ينفع الإنسان بعد وفاته الصدقة عنه، والدعاء له بالعفو والمغفرة والرحمة، فيصله ثواب ذلك ممن فعله بنية أن يكون ذلك الثواب له، فإن الأعمال بالنيات، وفي الصدقة عن الميت والدعاء له.
يقول الله تعالى: { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان}.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن سعد بن عبادة الأنصاري قال للنبي ـ ﷺ ـ إن أمي ضعفت ضعفًا شديدًا لا تقدر على شيء وأراها لو تكلمت تصدقت، فهل لها من أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. فقد أجاب ﷺ بأن الصدقة عن الغير حيًا كان أو ميتًا يكون له ثوابها ما في ذلك شك.
وقال ﷺ: “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.
والصدقات الجارية كثيرة، ومنها: وقف مصحف ، وبيت لابن السبيل بناه، ومسجد شيده، ونهر أجراه، وغرس نخل، ورباط ثغر، وحفر بئر، وبناء محل ذكر يمجد فيه الله، ويحمد ويسبح ويكبر. فهذه ونحوها من الصدقات الجارية التي لا ينقطع ثوابها بموت الإنسان.
وأنت أيها السائل قد تصدقت صدقة جارية على روح أمك مدى حياتك بالإنفاق على اليتيم، وهي بلا شك من أفضل الصدقات الجارية ، ، فجزاك الله خيرًا، وبارك فيك، فأنت بار بأمك، وإن شاء الله سيرزقك الله الذرية الصالحة التي تحافظ على دوام هذا العمل من بعدك حتى يستمر، ويكون زخرًا لك في حياتك وبعد وفاتك، وكان ﷺ إذا صلى على الميت دعا له وقال: “اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارًا خيرًا من داره وأهلاً خيرًا من أهله وزوجًا خيرًا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار.
وخلاصة الأمر : أن الصدقة على اليتيم من أفضل الصدقات الجارية التي يمكن للمسلم أن يتقرب بها إلى الله ، وهي من أفضل أنواع البر عن الوالدين بعد موتهما.
الدكتور عبد العزيز عزام أستاذ الفقه بجامعة الأزهر