موسوعة العمارة والآثار والفنون الإسلامية هي عصارة أبحاث ودراسات د.حسن الباشا في خمسين سنة كاملة في هذا المجال. وقد صدرت الموسوعة بالتعاون بين دار أوراق شرقية للطباعة والنشر ببيروت، ومكتبة الدار العربية للكتاب بالقاهرة.

لم يمضِ على ظهور الإسلام في الجزيرة العربية قرن من الزمان حتى كان العرب المسلمون يحكمون أقطارًا تمتد بين الصين شرقًا والمحيط الأطلسي غربًا، وبين وسط آسيا شمالاً وبلاد الهند وإفريقيا جنوبًا، وفي تلك الأثناء نبت في هذه الأقطار فن جديد، جذوره العروبة والإسلام؛ وسقياه من فنون شعوبها، ولم يلبث هذا النبت أن استوى فنًا إسلاميًّا رائعًا، قُدِر له أن يكون من أطول الفنون عمرًا ومن أوسعها انتشارًا. فنٌّ ازدهر في شتى المجالات سواء في العمارة أو في الفنون الزخرفية والتطبيقية وفي الفنون التشكيلية بمختلف جوانبها.. فنُّ تميز بالحيوية والتفاعل مع غيره من الفنون تأثرًا وتأثيرًا.. فنًا يتسم بخاصية التنوع في الوحدة..

هذا الفن الإسلامي هو موضوع هذه الموسوعة التي تمثل أول إنتاج من نوعه في هذا المجال، وفي الوقت نفسه أضخم عمل من حيث شمول الفن وعدد اللوحات، إذ تشتمل الموسوعة على نحو مائتي بحث باللغة العربية، فضلاً عن كشافات عربية وإنجليزية بأكثر من خمسة آلاف مدخل عن العمارة والفنون الإسلامية مرتبة هجائيًّا، بالإضافة إلى اللوحات التي تزيد على 1850 لوحة توضح ما ورد بالمتن من مضامين، وتعد في حد ذاتها دراسة بالصورة للآثار الإسلامية منذ النشأة إلى اليوم، بحيث يمكن من خلالها الإلمام بهذه الآثار وتطورها على مدى الزمن واتساع الرقعة، ولا تغفل الموسوعة الصلة الوثيقة بين الفن والجوانب الحضارية بشكل عام، ومظاهر التأثير والتأثر بالفنون الأخرى.
ويقدم د.حسن الباشا في موسوعة العمارة والآثار والفنون الإسلامية عصارة أبحاثه ودراساته في خمسين سنة كاملة في هذا المجال.

وصدرت الموسوعة بالتعاون بين دار أوراق شرقية للطباعة والنشر ببيروت، ومكتبة الدار العربية للكتاب بالقاهرة.

حكاية الموسوعة

ويحكي د.حسن الباشا كيف نشأت فكرة إعداد هذه الموسوعة فيقول: احتوت هذه الموسوعة على المجموعة الكاملة لبحوثي في مجال العمارة والآثار والفنون الإسلامية التي تم نشرها في مجلات أو إلقاؤها في ندوات منذ سنة 1950، وقد بدأت العمل على إعادة نشرها كاملة بمناسبة حصولي على جائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 1992.

ومما حفزني إلى إعادة نشرها في مجموعة كاملة بصفة خاصة رغبة الكثيرين من الباحثين وأبنائي الطلاب في الاطلاع عليها والإفادة منها، وكثرة استفسارهم مني عن طريقة الحصول عليها، وتعذر ذلك لتشتتها في مجلات ومطبوعات وندوات كثيرة في تواريخ مختلفة سواء المكتوب منها باللغة العربية أو باللغة الإنجليزية، وتلبية لرغبة الباحثين في تيسير قراءتها للكثيرين من طلاب العلم، عكفت على جمع هذه البحوث التي بلغ عددها نحو 200 بحث باللغة العربية و50 بحثًا باللغة الإنجليزية، وكان بعضها محفوظًا عندي، وبذلت جهدًا في الحصول على باقي البحوث.

وحينما اكتمل لدي مجموعة البحوث اتضح لي أنها تتناول تقريبًا جميع جوانب العمارة والآثار والفنون الإسلامية في مختلف أنحاء العالم بدءًا من عصر ما قبل الإسلام وحتى العصر الحديث مع دراسات عن تأثيرها وتأثرها بالنسبة للحضارات والفنون الأخرى، ومن هنا كان من الأنسب ترتيب هذه البحوث عند إعادة الطبع تاريخيًّا وموضوعيًّا، بصرف النظر عن تاريخ نشرها لأول مرة مع إثبات تاريخ النشر ومكانه مع كل بحث من البحوث، واستغرقت البحوث أكثر من 2500 صفحة وزعت على خمسة مجلدات فضلاً عن الفهارس والكشافات الخاصة بالأعلام والأماكن والمصطلحات الفنية.

محتوى الموسوعة

ويضيف د.حسن الباشا مؤلف الموسوعة قائلاً: “تبدأ الموسوعة بدراسات موسعة عن المساجد الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها وهي: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى وذلك من حيث تاريخ كل منها ووصف عمارته وزخارفه وكتاباته، وما أجري فيه من عمائر على مدى العصور…

وتفرد الموسوعة قسمًا يتضمن بحوثًا عن الفنون الإسلامية بشكل عام، ودراسات عن الفن الإسلامي ومدى انتشاره، ومختلف جوانبه، وأصوله وأثر العروبة والإسلام في نشأته، ودحض الآراء التي تنكر فضل الإسلام في تكوينه وصدى القرآن الكريم في الزخرفة الإسلامية كما تتمثل في قبة الصخرة، والمسجد الأموي والعصور الأموية في صحراء الشام وأثر طابع الإبهار في الفن الإسلامي في عصر الحروب الصليبية وأهميته في تحقيق النصر، ودور المرأة في الفن الإسلامي وضرورة العناية بتنمية ثقافة الطفل عن طريق توعيته بالتراث، وتطوير فن إسلامي حديث يجمع بين التراث والحداثة، والتأثيرات الفنية المتبادلة بين الشعوب الإسلامية.

فقه البنيان

وتحتوي الموسوعة على دراسات متنوعة عن فنون العمارة منها: بحث عن المنهج الإسلامي في العمارة الإسلامية واتفاقها مع تعاليم الإسلام واستمدادها من روحه، وآراء الفقهاء من موقف الإسلام من العمارة وأنواعها وعناصرها وزخارفها؛ مما يمكن أن يطلق عليه مصطلح “فقه البنيان”. وكذلك بحث عن المنظور الإسلامي والبيئة، وعن فن بناء المساجد عند العرب، وعن تخطيط المدن، وعن خصائص العمارة الإسلامية بصفة عامة. ثم تنتقل الموسوعة إلى دراسة العمارة في كل من أقطار العالم الإسلامي ابتداءً بالعمارة في مصر ثم خارجها، كما تتناول أثر العمارة الإسلامية في أوروبا..

الفنون الزخرفية

وبعد العمارة تتناول الموسوعة الفنون الزخرفية فتقر تفوق المسلمين بشكل ملحوظ في مجال الزخرفة، وابتكارهم أشكالاً زخرفية ذات طابع إسلامي متميز، واستنباط الفنان من الطبيعة أشكالاً زخرفية مثل زخرفة الأقمار والسحب وموج البحر وقشر السمك، ثم تتناول الموسوعة جوانب الفنون الزخرفية والتطبيقية من سجاد ونسيج وخزف ومعادن ومسبوكات وزجاج وبلور صخري وأخشاب وعاج.

ومن موضوعات الموسوعة في مجال الفنون التطبيقية فنون الجلود، وتفرد دراسات عن مشغولات الجلود، وتلحق الموسوعة بدراسات الفنون التطبيقية بمجموعة من البحوث عن أساليب مختلفة استخدمت على التحف التطبيقية مثل التصوير والخط الزخرفي والألقاب مع العناية بدراستها من خلال مجموعة من النماذج، وتفرد الموسوعة بحوثًا عن المشغولات البحرية في الفن الإسلامي، وأثر البحرية الإسلامية في أوروبا، والمصطلحات الفنية العربية في اللغات الأوروبية، وأيضا يوجد قسم للفنون التشكيلية الإسلامية من زخرفة وتذهيب، ونحت وتصوير وخط من حيث الطرز والمدارس والفنانين وأساليبهم.

الخط العربي

ويُختتم المتن العربي من الموسوعة بباب كامل عن الكتابة العربية، يتضمن بحوثًا عن الخط العربي وأنواعه وجمالياته، وخط المصاحف والكتابات الأثرية وأثر الخط العربي في الفنون الأوروبية، وكيف نشأت؟ والروايات التي وردت عن أصله، والكتابات العربية التي ترجع إلى ما قبل الإسلام، كما يتضمن هذا القسم بحثًا عن الخط القرآني، وخاصة خط المصاحف وانتشاره على طول طرق الحرير وآسيا الوسطى والصين كما تشتمل الموسوعة على بحوث باللغة الإنجليزية باعتبارها مكملة لبحوث اللغة العربية.

أهم العقبات

بيد أن أهم العقبات التي واجهت د.حسن الباشا أثناء إعداده للموسوعة، وكما يقول تمثلت في إعداد اللوحات التي كانت منشورة ضمن البحوث، حيث إن معظمها لم يعد صالحًا للنشر إذ بُذل جهد كبير للإعداد لصور توضيحية أخرى.
ويشير إلى جهد مجموعة من الباحثين ممن ساهموا معه في هذا العمل فمنهم د.كوثر أبو الفتوح الليثي مدير عام البحوث الأثرية بالمجلس الأعلى للآثار بالقاهرة، ود. رفعت موسى المدرس بقسم الآثار جامعة جنوب الوادي، د.جمال عبد الرحيم المدرس بقسم الآثار جامعة القاهرة وغيرهم