إستانبول – سعد عبد المجيدأينور نجحت في تحويل حلمها الي حقيقةقررت ربة المنزل التركية آينور هانم (40 عاما) أن تتغلب على كثرة وقت الفراغ لديها وقلة راتب زوجها بزراعة خضراوات في قطعة أرض خصبة غير مستخدمة (180 مترا مربعا) بحديقة منزلها.
ولأنها تمتلك خبرة زراعية ورثتها من انتمائها لهضبة الأناضول، لم تجد السيدة التركية أمامها عوائق إلا تمويل المشروع، خاصة أن دخل زوجها يكفي بالكاد مصاريف الأسرة والأبناء الذين كبروا وارتفعت نفقات مدارسهم.
وكما تقول لمراسل أسلام أون لاين.نت، فقد لجئت السيدة التركية التي تعيش في حي بيوك شكمجه بإستانبول للاقتراض من صندوق الدعم الاجتماعي التركي الذي يقدم قروضا لربات المنازل الراغبات في تأسيس مشروع صغير. وتبلغ قيمة القرض المقدم ما بين 1200 إلى 1300 دولار (الدولار= 1.5 ليرة تركية) يتم تسديده على ثلاث سنوات.
ويلقى هذا النوع من القروض اهتمام الحكومة والمجتمع لاعتبارات، منها ترسخ قيمة العمل ومساعدة الأسر على مواجهة التكاليف المرتفعة للحياة، فمثلا بلغ لتر البنزين حوالي دولارين في سبتمبر 2005. وبالإضافة لذلك، فإن هذه الأعمال الصغيرة قد تكبر يوما ما، ولعل الناس هنا يضربون المثل على ذلك بالملياردير الراحل ثاقب صابنجي الذي بدأ حياته بمشروع صغير تركه له والده.
مستثمرة منزلية
استخدمت السيدة التركية القرض الذي بدأته عام 2004 في شراء أدوات زراعية بسيطة (فأس وجاروف وشوكة تقليب)، وتقاو وسماد زراعي وخراطيم مياه وموتور صغير لسحب المياه من بئر صغيرة بحديقة المنزل.
بعد العام الأول نجحت في تحويل حلمها من ربة منزل إلى مستثمرة منزلية. وتقول آينور: “أبيع الآن جزءا من هذه الخضراوات التي أزرعها، وأحتفظ بالجزء الآخر لمنزلي وأبنائي، خاصة أنني بذلك أوفر الكثير مما أدفعه لشرائها، كما أضمن خضراوات خالية من الكيماويات…”.
ولا تجد السيدة مشكلة في سداد القرض، فهي تعمل بجد لتنتج خضراوات تسدد الأقساط من بيعها خاصة خلال أشهر الصيف الثلاثة، وتقول: “أنتج خلال أشهر الصيف الملائمة للزراعة الخيار والباذنجان الكبير والصغير والطماطم، والفاصوليا الخضراء، وغيرها”.
وبحكم خبرتها الزراعية، فتتبع المستثمرة المنزلية أسلوب تقسيم قطعة الأرض لأحواض بحيث تزرع الطماطم والخيار والباذنجان الأسود في آن واحد. وهذه الطريقة – كما تقول آينور- هي الفضلى للاستفادة من المساحات القليلة لإنتاج أكبر حجم من الخضراوات.
أما تسويق الخضراوات المنتجة فيتم عبر طريقتين، إما في مركز التسوق بالتجاري التابع للمنطقة، أو في يوم السوق الأسبوعي الذي يقام لمدة يوم واحد في اٍلأسبوع وتسمح به البلديات في كل محلة (حي) مقابل رسم من الباعة نظير تخصيص مكان للسوق وأعمال النظافة العامة.
ورغم أن السيدة التركية تعلم أن إنتاج الفاكهة هو أكثر ربحا من الخضراوات في هذا البلد، فإنها لا تزرعها بسبب ارتفاع كلفة زراعتها، خاصة أنها تحتاج لمبيدات لمواجهة الحشرات.
كما أن شجر الفاكهة يحتاج لمدة ما بين 3-5 سنوات ليعطي إنتاجا يمكن بيعه بالأسواق مثل التفاح والكمثرى والخوخ، وغيرها، بينما يلزم سداد القرض في مدة بين 3-5 سنوات.
مشكلات وطموحات
منتجات المشروع المنزليالمشكلات التي تواجه هذا المشروع المنزلي البسيط كما تراها صاحبته تتمثل في ارتفاع تكاليف السماد والتقاوي الزراعية وري الأرض بالمياه. وتصل تكلفة حفر بئر حوالي 125 دولارا للمتر، لأن المياه تتواجد على عمق يتراوح ما بين 120-150 مترا.
أما شراء متر المياه المكعب من المحطات الخاصة، فهو أقل تكلفة من حفر الآبار، حيث يصل سعره لدولارين، مما يعنى -وفقا لآينور- إنفاق حوالي 150 دولارا تقريبا لري الأرض في أشهر الصيف الثلاثة.
وتقول ربة المنزل بأن بعض الأمطار الصيفية تخفض من مصروفات ري المحاصيل في حديقتها. ولكنها تعاني من الضغوط التي تمارسها مراكز بيع الخضر والفاكهة بالجملة التي تسمى بـ “هالي بازار”، والتي تمنع البيع المباشر للخضراوات أو الفاكهة دون المرور عليها أو بواسطتها.
أما عن طموحات صاحبة المشروع، فهي التوسع في مشروعها بالحصول على قرض آخر، بعد انتهاء سدادها للقرض الأول، تستطيع من خلاله عمل صُوبة زراعية (محمية زراعية) تساعد في زراعة الخضراوات في أوقات موسم الشتاء الطويل، حيث لا تستفيد من هذا الموسم لشدة هطول الأمطار والثلوج والرياح الشديدة التي تهب على المنطقة التي تقطن بها والمطلة على الشاطئ الغربي لبحر مرمرة.
لديها أيضا رغبة في تحويل قسم من الحديقة لحظيرة لتربية الضأن والبقر لإنتاج الحليب والألبان وبيع الحيوان في موسم عيد الأضحى، نظرا لتوفر كميات ضخمة من الأعشاب والخضرة، بسبب الأمطار الشتوية.
وتأمل أخيرا في أن تجلب طموحاتها ربحا تساعد به أسرتها، وتحقق ذاتها عبر مشروعها الصغير الذي حولها من ربة منزل إلى مستثمرة، لكن دون أن تهمل واجباتها تجاه زوجها وأبنائها.
اقرأ أيضًا:
- فرصتك في “العمل عن بعد”