فإن حديثي اليوم عن شيء يتأذى منه كثير من الكُتَّاب والدُعاة وربما يثبط بعضهم ويتأذى منه فيترك الدعوة والكتابة لغيرها. ألا وهو التصويت السيء للكتب والمقالات والمحاضرات.
ومما يدهشني أن أرى كتبا في المكتبات الإلكترونية لعلماء أجلاء كشيخنا الألباني وابن العثيمين مُصّوت لها بنجمتين وثلاث. وحتى كتب أعلام الأمة كابن القيم وابن تيمية لم تنجو من تلك التصويتات الحمراء. بل حتى صحيح البخاري تقييمه أربع من خمس فيها مما يعني أن هناك من صوت له بالأحمر.، فيا سبحان الله، هذا كتاب محفوظ فيه أقوال خير البرية، ولا يوجد به سوى أحاديث الرسول ﷺ. فكيف يأتي قاريء ويصوت له بنجمة ونجمتين!!! إنه كلام الرسول ﷺ … وأجمعت الأمة على أنه وصحيح مسلم أصح كتابين بعد القرآن الكريم.
فرفقاً يا أخي القارئ وأختي القارئة ولطفاً بهم … فهؤلاء الكتاب يجّاهِدون أنفسهم لمرضاة الله ونشر الخير وإصلاح المجتمع المسلم. وهذه المقالات والكتب كتبها أصحابها ببذل الجهد وإعتصار الذهن وتضييع الأوقات وشغلها … وهذا دون مقابل إلا إبتغاء وجه الله والأجر منه.
والكاتب يصارع الشيطان ويترك مُلهيات الدنيا بما فيها ويتعب ويبحث ويخرج أحاديث ويبحث عن آيات وتفسيراتها وأقوال العلماء وغيرها حتى يكتب المقال، ثم يعاني ما يعاني في نشره، وكل هذا يقدمه لك أيها القارئ مجاناً لم يطلب من أن تعطيه مالاً أو أي مقابل، بل لم يطلب منك حتى أن تمدح كتابته، فكتبة الإسلام حفظهم الله ينتظرون أجورهم من الله وليس منك، ولكن لا تأتي بيدك وتضيع مجهودهم وتدوس على زر (لم يعجبني).
وبالله ما هو الذي لم يعجبك لاسيما في المقالات الإسلامية، فالمكتوب فيها معظمه ما قال الله وقال الرسول ﷺ، والكاتب اجتهد وبذل وقته على حساب عمله ودنياه ليقدم لك الخير، وهو لم يطلب منك أجر ولا مدح فأجره على الله في الجنة، ولكنه بَشَرٌ مثلك يتأذى من فعلك هذا، فأنت لم يعجبك المقال اتركه لغيره دون أن تضع العلامات الحمراء في صفحة من قدم لك الخير والنصح … فلا يقبل منه الناس بعد ذلك ويضيع مجهوده سدى.
ولله الحمد مشايخنا وعلماؤنا جزاهم الله خيرا على ما يقدمونه وأثابهم الفردوس الأعلى لم يقصروا بشيء، بل بذلوا وجاهدوا أنفسهم وصبروا على قِلة الدخل وعلى السهر والتعب وأذى الناس، يصبرهم في ذلك كله الحلم بجنة الرحمن وملاقاته وهو راض عنهم. فلا تؤذيهم وادعو لهم بالقبول والرحمة وتلطف بهم … وإن لم تدعو لهم فكف عنهم يدك.