يتذكر كثيرون منا قبيل عام 2000م ، وبداية الألفية الثالثة، ما أثير حول مشكلة تغيير أرقام أجهزة الحاسوب حول العالم كله، من 1999 إلى 2000 ، وتخوف العالم من المشاكل التى قد تنتج من عدم توافق أجهزة الحاسب رقمياً وتعطلها، مما ينذر بتعطل أجهزة الحاسوب فى جميع المنشآت حول العالم من مطارات وبنوك وحكومات ومفاعلات نووية وجميع المصالح، مما يعنى كارثة كبرى خطيرة تهدد العالم بأسره.
وبعيدا عن مدى صحة هذا الهاجس وهذه الفرضية التى أثارت مخاوف العالم، إلا انها أشارت الى إحتمالية تعطل العالم بأسره لعدم حساب فرضية رقمية إلكترونية. والعالم الشهير ” اينشتاين ” له قول شهير : ” إن الله لا يلعب بالنرد “. ورغم إن العبارة لها تفسيرات مختلفة لما قصده أينشتاين، إلا أنها تلقي الضوء والبرهان على أن لهذا الكون نظاماً دقيقاً، لايقوم على المصادفة أو المقامرة، بل ورائه خالق عظيم قادر مدبر حكيم، سبحانه وتعالى.
فالأرض كما أثبتت الدراسات الحديثة ذات حجم نموذجي، فلو كانت أصغر حجماً، سيكون الغلاف الجوي مستحيلاً، مثل الحال على كوكب عطارد ولو كانت الأرض أكبر حجماً، فإن غلافها سيحتوي على الهيدروجين الحر الضار، مثلما الحال على كوكب المشتري ،فحجم وصورة الأرض مثالية لحياة الانسان والحيوان والنبات .
والقمر يتمتع بالحجم والمسافة الدقيقة بالنسبة للأرض، وتأثير الجاذبية ،مما يجعل القمر يخلق تيارات وحركات المد والجزر فى المحيطات، وهذا يحافظ على عدم ركود مياه المحيطات ، وضابطة لحركة مياهها ،حتى لا تغرق المحيطات الأرض.
أما الماء فهو معجزة إلهية كبرى، لا يستغنى عنه كائن حي، وصدق الله تعالى : { وَجَعَلۡنَا مِنَ ٱلۡمَآءِ كُلَّ شَيۡءٍ حَيٍّۚ أَفَلَا يُؤۡمِنُونَ } (الأنبياء: 30 ) فالماء متعادل كيميائياً، مما يمكن الجسم من إمتصاص الغذاء والدواء وغيره، دون التأثير على المواد التى يحملها ، والماء كذلك مادة مذيبة مما يعنى إمكانية حملها للمواد المختلفة من غذاء ودواء وغيرها فى الأوعية الدموية وجسم الإنسان والحيوان .
وقد أثبت العلم الحديث نشأة الكون طبقاً لنظرية ” الإنفجار او الإنشطار العظيم ” منذ ملايين السنين، وكانت هذه هى البداية لنشأة كل شىء موجود، وهذا مصداقاً لقوله تعالى : { أَوَ لَمۡ يَرَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ كَانَتَا رَتۡقٗا فَفَتَقۡنَٰهُمَاۖ } ( الأنبياء : 30 ).
وقد أكد العالمان الشهيران فى الفيزياء الحديثة ” روبرت جاسترو، و ” ستيفن واينبرج ” نظرية الإنفجار العظيم الذى كان بداية نشأة الكون. ولا يمكن أن يكون هذا الكون بنظامه الدقيق من أرض وشمس وقمر ومحيطات وسموات ومجرات وكواكب ونجوم وانسان وحيوان، من قبيل المصادفة أو من صنع الطبيعة كما يقول الدهريون والملحدون، إذ لابد من صانع خالق مدبر حكيم عظيم ورائه، يخضع كل ما فى هذا الكون لمشيئته وعلمه وحكمته وقدره .
وأنظر إلى مقولة ” ريتشارد فاينمان ” الحائز على جائزة نوبل فى الديناميكية الكهربائية الكمية : ” ان سبب خضوع الطبيعة لقوانين الرياضيات يعد لغزاً، فحقيقة وجود القوانين مهما كانت هى نوع من المعجزة .
أما خلق الإنسان وتكوينه ووظائف الجسم التى اثبتها الطب وعلوم الفسيولوجيا البشرية ، فهو بالتأكيد آية من آيات إعجاز الله سبحانه وتعالى، ولا نملك أمام كل هذا الإعجاز الكونى والبشرى لله تعالى، إلا ان نقول للملحدين والمتشككين ما قال المتنبي :
وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النـــهار إلى دليـــــــــل
و يكفى قوله تعالى : { سَنُرِيهِمۡ ءَايَٰتِنَا فِي ٱلۡأٓفَاقِ وَفِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ أَوَ لَمۡ يَكۡفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} (فصلت: 53)