زوجته شابةٌ حسناء طيبة خَلوقة، ودودٌ وَلود ،ملأت بيته دفئاُ وبهجة وسروراً، وقلبه متعلقٌ بفتاة عادية جداً تستميله بكلامها وتصرفاتها و رسائلها عبر”الواتس اب”، اعتاد رؤيتها يومياً بحكم عمله، وأصبح يقتِّر على أهل بيته ليحضر الهدايا لها.
قلت له يوماً: هل تريد أن تتخذها زوجة ثانية؟
قال: كلا، لا أقدِر
سألته: هل تريد أن تزني بها؟
أجاب مصدوماً: كلا، أستغفر الله
حسناً، ماذا تريد منها إذن؟
أمامه كل أنواع عصائر الفاكهة اللذيذة الطيبة و “الكوكتيل” الطازج والمشروبات الغازية الخفيفة والمشروبات الساخنة، لكنه يزهد بها جميعاً ولا يجد مَزاجه إلا في معاقرة الخمر بأنواعها.
يستيقظ من نومه العميق يفتح عيناه، ينظر إلى الرسائل القادمة إلى هاتفه الجوّال، يستحم ويستفتح صباحه بسماع أغاني محببة إلى قلبه وهو يرتشف فنجاناً من القهوة الساخنة، يخرج من بيته يستقل سيارته وفي العمل تسأله عن حاله فيبصق على الدنيا متذمراً ويلعن حظه العاثر.
صديقه – أو المُفتَرَض أنه كذلك – رجلٌ أصيل طيب من عائلة محترمة، أخلاقه عالية، شهمٌ نبيل، متعلم ومثقف، متزن وناجح في حياته، محبوب بين زملائه و رفاقه ولكنه عندما يغضب منه – وما أكثر ما يفعل ذلك – تراه ينسى كل هذه الصفات الطيبة فيه وينظر إلى نقاط ضعفه ونقصه، وينبش زلاته فيضعها تحت المجهر المُكبِّر ويثرثر عنه.
الطقس جميل والنسيم عليل الشمس تنهض من سرير الغروب مشرقة على الأفق الواسع تبتسم للطيور المغردة فوق أغصان الأشجار السماء صافية إلا من بضعِ غيومٍ بيضاء تتراكض لتشكِّل أشكالاً بديعة.. ويزيدُ هذه اللوحة بهاءً زهور الربيع التي تناثرت بلطفٍ ساحرٍ وبألوان زاهية ممتعة على حافتي الطريق الرئيسي الطويل الممتد في المدينة الكبيرة المزدحمة.. وهو لا يرى سوى حفرة في نهاية الطريق بجانبها فتحة مجرور للمياه العادمة لم تُغلق جيداً.
أيها الصديق كن جميلاً ترى الوجود جميلاً.. أيها الغالي اتقِ الله وتذكَّر قوله تعالى: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد).
أيها المُكرَّم.. من ترك السَعة ابتلاه الله بالضيق!