الإصلاح

كتاب جديد للأكاديمي الفلسطيني وائل حلّاق تحت عنوان "إصلاح الحداثة: الأخلاق والإنسان الجديد في فلسفة طه عبر الرحمن". يتناول تجربة الفيلسوف المغربي صاحب "فقه الفلسفة" من زاوية معيّنة هي "الأخلاق" التي تضمّنتها فلسفته ومنجزاته مجتمعة.

منذ عقود وسؤال التجديد في خفوت، تعيد الأقلام والصفحات طرح الأفكار التي تلقت الصدمة الأولى في اتصالنا مع الغرب، وتطرح نفس الإجابات على إكراهات التحديث

القرن التاسع عشر ذو أهمية، فقد شهد الظاهرة الاستعمارية، ورغم كارثية تلك العقود والتضحيات التي دفعتها الأمة المسلمة إلا أنه شهد محاولات حثيثة للنهوض، واقترن سؤال التحرير بسؤال النهوض والإصلاح، وانصرفت جهود المصلحين نحو إيقاظ الجسد الإسلامي الضخم المتيبس من الجمود وكثرة الرقود، فنبه المصلحون الأمة إلى طبيعة التحديات التي تواجهها، وواجباتها نحو التحرر والإصلاح، ورأى هؤلاء أن الصحافة أداة لتبيلغ الفكرة وتحقيق الغاية، وأن كلمتها قادرة على إشعال النار في الرماد من جديد، فلجئوا إليها لإنضاج أفكار النهضة، وإحياء همومها في نفوس الجماهير وطبقتها الواعية، وبلورة الرؤى الإصلاحية وتطويرها وخلق جدالات حولها.

إشكالية المصطلح وتنازع دلالاته قديمة جدا، بدأت منذ وعى الإنسان قيمة اللغة ومكانتها في الفكر، ذلك أنه كما يقال: “في البدء كانت الكلمة”، وفي سرد القرآن الكريم لقصص الأنبياء مصداق ذلك، فقوم نوح يرمونه بالسفه ويصمونه بالضلال، ويلجأ هو إلى نفي هذه الصفة عنه، لأن رميه بها يؤثر على سمعته ويجعل مشروعه الإصلاحي منفرا، وإذا

يأمرون وينهون تقع وظيفة الضمير المجتمعي في القرآن بين فعلين رئيسين هما: (يأمرون، وينهون)، والأول يقصد به التوجه: نحو فعل المعروف الذي هو مبدأ كل خير يعود على الجماعة ومن ثم على الفرد داخل المجتمع، بما يسهم في تشييد مقومات البناء الإيجابي، والثاني: (النهي) ويقصد به الدعوة إلى منع كل شر يعود أثره على الجماعة

آمن جودت باشا بأن الإصلاح ينبغي أن يراعي هوية الدولة الدينية وخصوصيتها الحضارية، فالإسلام كما يعتقد هو سر قوة العثمانيين وهم مدينون له لأنه البوابة التي دخلوا منها إلى التاريخ ..