بني إسرائيل

هي المرة الأولى التي يكتب فيها الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن في السياسة وقضاياها وأحداثها، بعد أن كان يأخذ مسافة من الواقع ويحلق بعيدا عن قيوده وجاذبيته لينظر إلى باطن الوقائع، ليبحث عن الأفكار التي تقف وراء الأحداث وتحركها، فالتأمل يعكر صفوه كثرة ملاحقة الوقائع، لكن الذي غير موقفه هو تغير حال الأمة العربية والإسلامية التي باتت تتعرض لأخطار تهدد وجودها، على جبهات ثلاث، هي التفريط في القدس، وتصارع الحكام المسلمين على النفوذ، والاقتتال بين العرب وبعضهم البعض، خاصة وأنه لم يرى اقترابا فلسفيا من هذه التحديات الثلاث، فمن يكتب ينظر إليها من التاريخ أو السياسة وليس من منظور فلسفي.

سُئل الإمام الشافعي رحمه الله : أيهما أفضل للرجل أن يُمكّن أو يُبتلى ؟ فقال : " لا يُمكّن حتى يُبتلى ".

دخل بنو إسرائيل أعزاء كرماء سادة في جوار أخيهم عزيز مصر يوسف الصديق -عليه السلام، ثم ما لبثت أن تبدلت بهم الأحوال وساءت بهم الظروف حتى اتخذهم فراعنة مصر عبيدًا وساموهم سوء العذاب. ومن الواضح أن بني إسرائيل حافظوا على نقاء عرقهم، ولم يختلطوا بالمصريين بالزواج حيث النسب والمصاهرة، وذلك رغم مئات السنين بين دخولهم