طه جابر العلواني

قبل أن نتحدث عن العلواني كأحد مجتهدي العصر لا بد من طرح سؤال في غاية الأهمية، وقد طرح من ذي قبل؛ وهو هل كان العلواني مؤهلا للاجتهاد؟ الجواب باختصار أنه إذا كانت العدة الأصولية هي التي تؤهل الإنسان لممارسة الاجتهاد فإن هذا الرجل قبل أن يكون مفكرا كان أصوليا ومقاصديا، وقد درس علم أصول الفقه مدة لا تقل عن أربعين سنة، وجهوده في هذا العلم أكثر من أن تعد وتحصى، وحسبي في هذا المدخل أن أشير إلى بعضها حسب ما يسمح به الزمان والمكان:

لم ينفك المسلمون في كل العصور منذ عصر الصحابة رضوان الله عليهم يحاولون مقاربة القرآن الكريم بمداخل شتى في محاولة استلهام معانيه والإفادة منه في جوانب كثيرة تعبدا وتنفيذا لأمر الله عز وجل واتباعا لهدي نبيه صلى الله عليه وسلم.. وفي بعض تلك المقاربات كانت تتجلى طبيعة العصر، ونوعية العلم الذي شكل العقلية التي تقود

التراث.. من التكوين إلى المراجعات كتاب “المحصول” للإمام الرازي، مع كتاب “إحكام الأحكام” للآمدي يعتبران أهم كتابين آل إليهما علم أصول الفقه، ولذا فإن تحقيق أحدهما بمثابة غوص في بحر بعيدة شطآنه… وهذا ما فعله العلواني حينما اختار تحقيق “المحصول” أو اختاره له القدر. لقد غاص الرجل في التراث غوصا عميقا، فعلم الأصول حين تتعامل

قالها مستشعرا ثقل الوحدة إلا من الأفكار.. “ويل للمفكر من الفكر” لكنه ربما كان يقصد “الفقيه” لا المفكر.. فالفقيه إذا فكر في إرثه الفقهي، ربما وصل إلى درجة من درجات الرغبة في الثورة على ما لا يستسيغه عقله الذي تكون أساسا من هذا التراث وذاك الفقه. يقول صاحبنا: “تأتي أوقات يتمنّى فيها المفكّر المحبط، لو

يرى الكاتب بأن كنه وحقيقة إسلامية المعرفة ناتج من روح الإسلام وفلسفته، وما ذاك إلا أن إسلامية المعرفة هي النظر إلى العلوم ومناهجها بنظرة إسلامية