أكد د. إبراهيم بن صالح النعيمي، رئيس مجلس “مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان” أن المركز ملتزم بمبادئ الإسلام القائم على الكتاب والسنة بروح الوسطية، وفي إطار عادات وتراث المجتمع القطري . وتحدث النعيمي في حوار خص به موقع “إسلام أون لاين” عن حضور قطر العالمي واهتمامها بمجالات الحوار والتعايش الذي يخدم الإنسانية. وقال أن مركز الدوحة لحوار الأديان مؤسسة رائدة في قطر المعنية بالحوار بين الأديان والثقافات، وبناء القدرات في مجال الحوار وثقافة السلام.

وكشف د. إبراهيم النعيمي عن الخطة الاستراتيجية الجديدة للمركز، والتي تتمثل في توعية المجتمع المحلي بـ”ألفبائيات” الحوار لكسر حاجز التوجس ومعالجة المفاهيم المغلوطة والشائعة، والتي لا تعتمد على مصادر موثوقة. تحدث النعيمي عن أهداف المركز وأدواته ونشاطاته خلال العشرين سنة الماضية، وعن علاقته بالمؤسسات الثقافية والحوارية والتعليمية المحلية منها والدولية، وكذا الاتفاقات المبرمة مع هذه المؤسسات، كما شرح النعيمي المعاني الحقيقية لحوار الأديان، وأغراضه الدينية والمدنية، والعقبات التي تقف أمامه والنتائج المرجوة منه..وخاض النعيمي في أمور كثيرة نكتشفها في هذا الحوار.

مركز حوار الأديان ملتزم بمبادئ الإسلام القائم على الكتاب والسنة وبروح الوسطية

– نحن -كمسلمين- أولى بالدفاع عن الحرية والعدالة وحقوق الإنسان

حضور قطر العالمي واهتمامها بالحوار والتعايش يخدم الإنسانية

الغرض الديني من حوار الأديان هو تحقيق مبدأ: “لا إكراه في الدين”

حوار الأديان “قوة ناعمة” تحقق مبادئ العصر وتخدم الإنسانية

مقاصد الشريعة المختلفة هي أهم جزئيات قوام حوار الأديان

– نسعى للإسهام الحضاري القائم على التكامل والشمول

– نراعي في المركز مبادئ الإسلام ووسطيته وعادات وتراث المجتمع القطري

نتعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية لأن لديها مقررات وبرامج مرتبطة بالأديان والحوار

أكبر العقبات التي تواجهنا في حوار الأديان سوء الفهم، تردد المواقف والاستغلال لمصالح شخصية

حوار الأديان دعوة إلى الإقرار بالاختلاف والاعتراف بالتعددية والتنوع

نساهم في تقديم صورة صحيحة عن الإسلام وإبراز الصورة المشرقة لقطر في مجال الحوار

حوار الأديان لا يعني الاتفاق في كل شيء أو الإختلاف في كل شيء

الدكتور إبراهيم النعيمي في مؤتمر الدوحة الرابع عشر لحوار الأديان 2022

وفيما يلي نص الحوار مع الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي، رئيس مجلس “مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان”:

لماذا مركز لحوار الأديان في قطر؟    

دولة قطر تعيش الأحداث العالمية، ولها دور ريادي وحضور بارز، وتتطلع إلى أن تكون لها إسهامات عالمية في شتى المجالات الرياضية والثقافية وغيرها، ومجال التعايش السلمي وحفظ الحقوق وقبول التعددية والتنوع الثقافي وحوار الأديان ليس بمستثناة من هذا.  فلماذا حوار الأديان في قطر؟

لأن حوار الأديان موضوع حيوي ذو اهتمام عالمي!

ولأن قطر لها إسهاماتها في المجالات العالمية

ناهيك على أن واقع دولة قطر يعيش حقيقة ثقافة حوار الأديان، ودين دولة قطر يقرّ بمبادئ حوار الأديان كما يدركه من يملك أدنى ثقافة إسلامية.

وعليه، فليس غريبا أن يكون حوار الأديان في قطر، وإن كان كل أو أغلب القطريين مسلمون.  فالحضور العالمي وخدمة الإنسانية لا تزال تمثل جزءا كبيرا من خطى دولة قطر. نجد مصداق ذلك في رؤية قطر 2030. حيث نصت الرؤية صراحة وبشكل مباشر على الاهتمام بالتعايش والحوار.

من هذا المنطلق كله نشأ مبدأ الحوار بين أتباع الأديان السماوية في دولة قطر عندما عُقد المؤتمر الأول لحوار الاديان في عام ٢٠٠٣م بتوجيهات كريمة من صاحب السمو الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وتوالت المؤتمرات السنوية التي عُقدت في السنوات التالية بين أتباع الأديان السماوية الثلاث: الإسلام والمسيحية واليهودية.

ويُعدُّ مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان المؤسَّسة الرائدة في قطر المعنية بالحوار بين الأديان والثقافات، وبناء القدرات في مجال الحوار وثقافة السلام.

ماهي أهداف مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان والبرامج أو الأنشطة التي يقدمها؟

مجملا ألخص أهداف المركز في تعزيز ثقافة الحوار وقبول الآخر والعيش المشترك ونبذ الإرهاب والتطرف والكراهية، مستفيدين من تعاليم الأديان ما يكرس هذه المبادئ. وجميع أنشطة المركز تقوم على الإبداع والابتكار في تحقيق هذا الهدف النبيل.

وتفصيلا، تم تحديد خمسة أهداف تجسد الرسالة التي قام من أجلها المركز لتأسيس منتدى بين أتباع الأديان من أجل فهم أفضل للمبادىء والتعاليم الدينية لتسخيرها لخدمة الإنسانية جمعاء، انطلاقًا من الاحترام المتبادل والاعتراف بالاختلافات.

وفي شهر مايو ٢٠٠٧م تم إشهار مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، وتشكيل مجلس إدارة للمركز، وكذلك تشكَّل مجلس استشاريّ عالمي من علماء في الأديان السماوية الثلاثة للمعاونة في التخطيط والتواصل مع المؤسسات المماثلة حول العالم.

يهدف مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان إلى:

  • أن يكون منتدى لتعزيز ثقافة التعايش السلمي وقبول الآخر.
  • أن يكون المركز بيت خبرة يوفر معلومات علمية وتعليمية وتدريبية في مجاله.
  • تفعيل القيم الدينية لمعالجة القضايا والمشكلات التي تهم البشرية.
  • توسيع مضمون الحوار ليشمل الجوانب الحياتية المتفاعلة مع الدين.
  • توسيع دائرة الحوار لتشمل الباحثين والأكاديميين والمهتمين بالعلاقة بين القيم الدينية والقضايا الحياتية.

عن ماذا يبحث المركز في مجال حوار الأديان؟

عن تفاهم متبادل، تعارف أعمق وقيم مشتركة أو متفق عليها..ولأي غرض. ولعل كلامي السالف وإجابتي على السؤالين الأولين يتضمن جوابا عن هذا السؤال الثالث. ومع ذلك أقول:

يبحث المركز عبر حوار الأديان عن الآتي:

  • تفاهم متبادل
  • تعارف عميق بين الناس
  • قيم مشتركة
  • قبول الآخر والاعتراف بوجوده وحقّه
  • تحقيق مبدأ العدالة
  • غرس ثقافة الحوار
  • العمل على تكريس التعددية وحرية المعتقد
  • احترام الإسلام
  • التعامل مع المخالف بالبر والتقوى
  • الاستفادة من قيم الأديان وتعاليمها في تربية النشء

والغرض من هذا هو (علما أن كل نقطة من هذه النقاط غرض بنفسها، ولا يستهان بها. فلم ينتشر الإرهاب والتطرف والعنصرية والتمييز العرقي إلا لانعدام هذه الأمور السالف ذكرها، ومع ذلك أعود وأقول وأؤكد بأن الغرض فيما يبحث المركز عنه عبر حوار الأديان هو):

غرض مدني: الغرض المدني هو الإسهام الحضاري، وتحقيق رؤية دولة قطر، وتحقيق الأهداف التي من أجلها وجه سمو الأمير الوالد بإنشاء المركز. وهذا الغرض المدني يعني الإسهام الحضاري، ويعني المواكبة والمعاصرة.

غرض ديني: ما مضى غرض ديني بالنظرة الإسلامية القائمة على التكامل والشمول. بيد أني أذكر لأؤكد أن الغرض الديني من حوار الأديان هو تحقيق مبدأ: “لا إكراه في الدين” والعمل بـ: “وإن جنحوا للسلم فاجنج لها وتوكل على الله”. “وإن أحد من المشركين استاجرك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه”. فالأمن والسلم والعيش المشترك والحرية الدينة والعدالة من المبادئ الأساسية التي كفلها الإسلام بنصوص قرآنية وأحاديث نبوية شريفة، وواضحة.

ماهي المبادئ الأساسية التي يستند إليها المركز في مجال الحوار بين الأديان؟

ما يميز مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان هو أنه فريد في مراعاته أمرين:

الأمر الأول: مبادئ الإسلام ووسطيته في التعامل مع الآخر المخالف

الأمر الثاني: عادات المجتمع القطري وتراثه العريق

أقول هذا لأن أغلب أو الكثير من مؤسسات حوار الأديان وفي الغرب خاصة مؤسسات مدنية أو حقوقية. ينطلقون من هذه المؤسسات لتكريس ما يحقق مبادئ العصر وروح الحضارة السائدة، أقصد المساواة والعدالة والحرية وغيرها.

لكن نحن كمسلمين نجد أن هذه الأمور التي يتحدثون عنها باسم الإنسانية والحقوق أولى بها، وهي جزء من ديننا، فلم لا نعبد الله في هذه المساعي.

باختصار مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ملتزم بمبادئ الإسلام القائم على الكتاب والسنة وبروح الوسطية، مع استحضار ثقافة دولة قطر في مساعيه. ومن هنا نجد التنوع الجميل في صفوف ليس فقط أعضاء مجلس الإدارة بل حتى فريق العمل: تنوع من حيث التخصص وتنوع من حيث الجنسيات.

هل يعتمد مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان على أساليب علمية أو أكاديمية في دراسة الأديان؟

توجد قواسم مشتركة بين الحديث هنا عن الأساليب والوسائل وبين الأنشطة التي يقيمها المركز. وقد حدد المركز وسائل متعددة لتحقيق أهدافه، ومن أهمها: المؤتمرات السنوية، والطاولات المستديرة المخصصة للجاليات المحلية، والدورات التدريبية للعاملين في هذا المجال، وللطلاب والمتخصصين سواء داخل قطر أو خارجها، ويهتم المركز كذلك بالشباب.

ومن الوسائل كذلك إجراء الأبحاث العلمية التي يشارك فيها المركز  والدوريات  التي يصدرها. ويعمل مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان أيضاعلى نشر إصدارات وبحوث علمية، سعيا لتحقيق أهداف المركز في تعزيز ثقافة الحوار وخلق بينئة تمتاز بالسلم وقبول الآخر، وتكوين عقلية متزنة ومعتدلة في النظر إلى التعددية وإيجاد جو يطمئن إلى التعايش السلمي. ومن هذه المنشورات والإصدارات “مجلة أديان” و”النشرة الدورية” و”رسائل مختارة”، وترجمات.

قد يقتضي الحوار بين الأديان التعاون بين مراكز أو مؤسسات مختلفة، هل يتعاون المركز مع منظمات دينية محلية ودولية؟ ما هي المنظمات؟ وهل يعقد المركز اتفاقيات ومعاهدات مع هذه الجهات؟

هذا تحصيل حاصل، كما يقال: “اليد الواحدة لا تصفق”. من مقتضيات المعاصرة التعاون مع المؤسسات ذات النفع والمصلحة المشتركة. وعليه، فإن المركز يعمل مع المؤسسات التي تهدف إلى تحققيق الأهداف التي يرمي المركز إلى إنجازها والمساهمة فيها. وبالتالي فإننا نعمل محليا ودوليا مع:

  • المؤسسات العلمية والأكاديمية والثقافية
  • مؤسسات المجتمع المدني
  • المؤسسات الحقوقية
  • المؤسسات الدينية
  • مؤسسات حوار الأديان

ولنا اتفاقيات تفاهم وتوقيعات شراكة وتعاون بين الكثير من المؤسسات الصديقة. ونحن في صدد تحديث قائمة شركاء العمل، لتحقيق ما نصْبوا إليه من استراتيجياتنا الجديدة.

هل يقدم المركز دورات تدريبية أو ورش عمل للراغبين في تعلم المزيد عن حوار الأديان، خاصة الشباب؟

نعم، الدورات العلمية والندوات والمحاضرات جزء مهم من الأنشطة الدورية التي يقيمها المركز إلى جانب المؤتمر الدولي الذي يُعقد كل سنتين، وإلى جانب المجلة العلمية التي تُنشر مرتين في السنة.

وقد تعقد هذه الدورات ابتداء من المركز وفق خطتها السنوي أو بطلب من مؤسسات صديقة. ولدينا فريق عمل قوي ومتخصص في ذلك. علما أننا نتعاون كذلك مع جامعة قطر وجامعة حمد بن خليفة، إذ لديهم مقررات وبرامج مرتبطة بالأديان والحوار. نستقبل طلابهم، ونقيم أنشطة مشتركة في المجالات ذات الصلة. ولا شك أن مثل هذه الأنشطة تخدم الشباب من الدرجة الأولى.

وبما أننا لاحظنا أن المجتمع المحلي بحاجة إلى معرفة المزيد عن حقيقة حوار الأديان، فقد وضعنا من ضمن أولويات المركز في المرحلة القادمة التي ستطبق مع الشروع في تنفيذ الخطة الاستراتيجية الجديدة ضرورة توعية المجتمع المحلي بألفبائيات الحوار لكسر حاجز التوجس ومعالجة المفاهيم المغلوطة والشائعة والمنتشرة، والتي لا تعتمد على مصادر موثوقة.

أما ما يتعلق بالشباب، فللشباب حضور كبير في برامجنا استهدافا ومشاركة. وفي بداية هذا العام عقدنا ندوة شبابية عالمية شارك فيها قرابة  (71) شابا وشابة من قرابة أربعين (40) دولة.

بما أن موضوعنا هو الحوار ،كيف يُدار الحوار بين الأديان في هذا العصر؟ وماهي الأدوات التي يُدار بها؟

لا يشترط في الحوار أن يكون خطابا أو كلاما. الحوار تفاعل، الحوار معايشة، الحوار قبول الآخر، الحوار سلوك، الحوار أخلاق، الحوار تغيير مفاهيم، الحوار تأثير في الآخر، الحوار تقديم صورة إيجابية جميلة. كل ما أدى إلى نتيجة إيجابية بين طرفين مختلفين دينيا فهو حوار. لذلك توجد مصطلحات عديدة لحوار الأديان في اللغة الإنجليزية، للأسف لم ينتشر منها في العربية إلا مصطلح “حوار الأديان”. أما مرادفاتها بالإنجليزية فحدّث ولا حرج.

وآليات الحوار هو المجتمع والواقع المعاش، ومنابر دور العبادات، ومنصات الإعلام ووسائل التواصل، وقاعات المؤتمرات والندوات واللقاءات الأكاديمية والتثقيفية، وصروح الجامعات والمراكز البحثية والعلمية، والتجمعات الشبابية رياضية كانت أم ترفيهية.

هل يمكن لحوار الأديان أن يحقق مقاصد الشريعة الإسلامية؟

دعني أشكرك على هذا السؤال العلمي الدقيق، هو فعلا عميق.

نحن مقتنعون بحوار الأديان لأنه كما أقول دوما “قوة ناعمة” نحقق بالحوار الكثير من مبادئ العصر، ونخدم به الإنسانية، ونجسد من خلاله حقوق الإنسان. لو تساءلتَ عن القدر المشترك بين ما ذُكر أقول هو الإنسانية. وبلغة الدين الفطرة. أقول لك هذا الكلام لأصل معك إلى مقاصد الشريعة. فما مقاصد الشريعة إلا لتحقيق سعادة الإنسان وفق متطلبات الفطرة.

إذا كان حفظ الدين هو أول مقصد من مقاصد الشريعة فإن حوار الأديان يسعى إلى حفظ الدين بتكريس حرية التدين. يذكر أن حفظ الدين عام ولا ينحصر في الإسلام. فمن مقاصد كل قوم حفظ دينهم الذي يرون أنه الدين الحق. ونحن إذ نتمسك بديننا الإسلامي الحنيف ونسعى إلى الحفاظ عليه وفق هذا المقصد فإننا بالعمل بالمبادئ الإسلامية الأخرى والتعامل مع المخالف بالبر والقسط والعدل والإنصاف وعدم إكراهه وحرمة ماله ودمه فكأننا حفظنا دينه ولم نعتد عليه، وحسابه على الله يوم القيامة.

فحفظ الدين يشمل حفظ دين الأغلبية وحفظ دين الأقلية وعدم اضطهادهم أبدا. الإسلام دين الأغلبية في الكثير من الدول العربية لكنه دين الأقلية في الكثير من الدول الغربية على سبيل المثال. فحوار الأديان يسهم في أن يحتفظ إخواننا المسلمون بدينهم حتى لو كانوا أقلية بين أصحاب ديانات أخرى.

وإن من مقاصد الشريعة حفظ النفس. في حوار الأديان ندين الإرهاب والعنف والتطرف والكراهية وزعرعة الأمن والاعتداء على الغير لمجرد أنه يخالفك في الدين. ونفعّل تعاليم الأديان التي تدعو إلى حرمة قتل النفس البشرية بغير حق. فهذا تفعيل لمقاصد الشريعة عبر حوار الأديان.

وقل الأمر نفسه في باقي المقاصد من حفظ المال، والنسب والعرض والعقل.

هذا ولا يخفى عليكم تقسيم البعض مقاصد الشريعة إلى المساواة والعدل والحرية. وهذه من أهم جزئيات قوام حوار الأديان كذلك.

عندما نتحدث عن الحوار هناك مسألة “رفض وقبول”، فكيف نحقق الحوار في ظل وجود قيم رافضة للآخر في كل دين تقريبا؟

إن حوار الأديان لا يعني الاتفاق في كل شيء ولا رفض كل شيء. حوار الأديان دعوة إلى الإقرار بالاختلاف، ودعوة إلى الاعتراف بالتعددية والتنوع. حوار الأديان لا يسعى إلى تحويل المختلف فيه إلى متفق حوله، ولا إلى تذويب الفوارق. بل هو عمل بمبدأ: “لكم دينكم ولي دين” ومع ذلك تعالوا نعمل معا على القدر المشترك بيننا قلّ أو كثر، فهو بحث عن الكلمة السواء.

وكما يقال: “الاختلاف لا يفسد في الود قضية.. فجمال الكون يكمن في التنوع والعمل معا لتحقيق القدر المشترك.

هل هناك عقبات رئيسية يواجهها المركز في عمله وكيف يتعامل معها؟

لا يخلو مجال من مجالات الحياة من تحديات، ولا توجد مؤسسة خاصة كانت أو حكومية خالية من عقبات. بل لعل ذلك سنة الكون. وعليه، فإن ثمة العديد من العقبات أمام حوار الأديان كمفهوم وكمؤسسة وكمواكبة وتطوير، بعض هذه العقبات ثقافية، وبعضها سياسية، وبعضها اقتصادية وبعضها اجتماعية. وتفصيل ذلك يطول. لكن باختصار أقول:

من العقبات الثقافية التعليمية التوعوية إن صح التعبير: سوء فهم حوار الأديان، وتردد المواقف حوله.

ومن العقبات السياسية: استغلال البعض لحوار الأديان لمآرب شخصية أو سياسية، أو انتهازه لنشر أيديولوجياتهم السياسية وغيرها.

 ولعل من العقبات الاقتصادية: ندرة المصادر المادية بالمقارنة إلى الأنشطة التي يفترض بنا عقدها. وهذا حديث عام عن حوار الأديان كحوار الأديان دون تخصيص مؤسسة معينة.

ومن العقبات الاجتماعية: النظرة الدينية إلى الحوار أو إلى دين المخالف، إذ اجتماعيا في بعض البيئات يتحفظ البعض في التعامل أو الاحتكاك مع المخالف له في الدين. وهذه النفرة ليس إسلاميا، إذ الإسلام أجاز للمسلم الزواج من المسيحية مثلا، وأجاز أن يكون جار المسلم ذمي أو معاهد يعني غير مسلم مقيم في مجتمع إسلامي.

ونحن نحرص على التعامل مع هذه العقبات كما ينبغي، ونعقد أنشطتها باستحضار هذه العقبات ونعمل على تجاوزها وتحقيق أكبر قدر من إنجاز.

ماهي أبرز النتائج التي حققها المركز  وماهي خططه للمستقبل؟

لو بدأت معك بالخطط المستقبلية فيكمن ذلك في الخطة الاستراتيجية للمركز والتي نعمل عليها حاليا. فبعد مرور عقدين من الزمن يحق بنا التحوّل وإحداث نقلة نوعية من جميع الأصعدة. وهذا ما سنسعى إليه مع الخطة الاستراتيجية 2030 إن شاء الله.

أما عن نتائج جهودنا فهي كثيرة ولله الحمد، منها الآتي:

  • المساهمة في مكافحة إسلاموفوبيا، وتقديم صورة صحيحة عن الإسلام
  • إبراز الصورة المشرقة لدولة قطر وتقديم الخبرة القطرية في مجال الحوار
  • إبراز وسطية الإسلام واعتداله، وتثقيف المجتمع المحلي والعالمي
  • المساهمة في نشر ثقافة التعددية والتعايش السلمي
  • المساهمة في مكافحة خطاب الكراهية والعنف والتطرف ونبذ الآخر لمجرد أنه مختلف
  • المساهمة في استنكار الإساءات التي تحدث بين وقت وآخر من يميني، أو متطرف، وأن ذلك لا يمثل الأكثرية
  • صنع شبكة علاقات قوية وجيدة وإيجابية مع المخالف في كل أنحاء العالم
  • تعاون رجال الدين فيما بينهم لدى الحاجة
  • تسهيل الأمور القانونية للإخوة المسلمين في الغرب من رخص بناء وفتح مساجد ومراكز وأوراق اعتماد…وغير ذلك من النتائج والجهود التي لا تتوقف.