إن مدمن الطرق على الباب يوشك أن يلج، أي أن المصر على أمر. وقد عقد عليه العزم والتصميم فلا يوجد ما يقف دون وصوله إلى ما يريد. إن كل ما تحتاجه الرجل المقبل على الزواج هو أن يتأكد من مشاعره نحو الفتاة التي يرغب الارتباط بها. فالزواج والاختيار الصحيح أمر في غاية الأهمية في الحياة الاجتماعية.

للاختيار جناحان لا بد منهما في عملية البحث عن الزوجة أو الزوج المناسب جناح الاختيار: بالعقل، وجناح الاختيار بالعاطفة. وبينهما يمكن للإنسان المعني أن يحلق للحصول على ما يريد. وعندها سيجد ردًا على كل ما يثيره الأهل والأقربون من اعتراضات، ولكن دون شك سيرون منه إصرارًا.

الإصرار والمباركة

مع إعلانه الإصرار فإنه يبين للمعترضين أن رضاءهم ومباركتهم ستسعده، وستجعله يبدأ في الخطوات العملية. فيا أخي المقبل على الزواج، لا تترك أحدًا قريبًا أو بعيدًا يمكن أن يعينك إلا وجعلته يحدث الأهل في هذا الأمر. بحيث تجعلهم في حالة حصار نفسي. فالكل يحدثهم بأنك تريد موافقتهم، ولكن لن تتنازل عنهم، كما أنك لن تتنازل عن الفتاة.

عليك أن على ما يقدمونه من اعتراضات بصورة موضوعية هادئة. عندها سيجد الأهل أنفسهم في مأزق يضطرون معه إلى الموافقة.

لعبة الضغط

إنها لعبة التضاغط تمارسونها، وسيربح فيها من يصبر ويصر… ومن يصبر ويصر هو من كانت رؤيته لما يريد واضحة محددة، بحيث يرد اعتراضاتهم المبهمة غير المحددة إرادة واضحة ورد محدد على كل ما يثيرونه. سيلعبون معك بسياسة حافة الهاوية؛ بمعنى أنهم ربما يهددونك بالمقاطعة. فأعلن أنك لن تطيقها، لأنهم أهلك الذين تحبهم، ولكن تصر على الزواج من فتاتك..

هذا هو الطريق الوحيد للوصول إلى ما تريد، إذا كنت متأكدًا من مشاعرك واختيارك. وليكن أسلوبك مهذبًا وهادئًا، ولا تتجاوز في أي وقت، وتحت أي ظرف، لأنهم في النهاية أهلك، وما يفعلونه يتصورون أنهم يريدون به مصلحتك.. إذن فنيتهم حسنة، فلا تقابلها بالإساءة.تودد إليهم حتى ترق قلوبهم ونفوسهم، لأنهم عندما يرون حسن خلقك فلن يرضوا أن يخسروك، وسيسعدهم ما يسعدك..

الاختيار الصحيح والاختيار الفاسد

في مسألة الزواج، الاختيار الصحيح هو الأهم، ورفض الأهل يمكن التغلب عليه مهما كانت الظروف، ولكن الاختيار الفاسد له عواقبه الوخيمة، ولا أحد يختار لأحد، والنقاط التي ينبغي أن يفكر فيها تبدو ضائعة وسط الصراع مع الأهل، ورفضه لرفضهم؟!

تأمل أيها الرجل في أسس اختيارك وتمسكك بالفتاة التي ترغب أن تشاركك حياتك، فقد تحبها لأنها متحجبة أو متعلمة أو جميلة أو غنية أو أي شيء آخر..لكن في النهاية، اختيارك ليس فقط نابعا من مشاعرك، ولكن منبعه اقتناع تام وشامل بكل ما يحيط بشخصيتها. وعندما نتحدث عن الشخصية، سنجد أن الفتاة قد تكون ناضجة بإسراف، وذات شخصية قوية وآسرة، و”قد” يكون لنضج وقوة الشخصية هذا وجه آخر مختلف، فقوتها ربما تكون عائقًا في يوم الأيام أمام القوامة التي تكون للزوج على زوجته.

الزواج والقوامة

يقول عز وجل: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ..) [النساء: 34]، ففي الآية توجيهًا لما ينبغي أن يكون، أكثر من كونها تقريرًا لما هو كائن، أي أن المعنى: أن الرجال ينبغي أن يكونوا قوامين على النساء بالصفات التي يتميز بها كل زوج في حالة معينة على زوجته، ولا تعني الآية أن كل الرجال قوامون على كل النساء داخل وخارج الأسرة!! كما لا تعني أن الرجال الأزواج قوامون على النساء الزوجات هكذا تلقائيًا، أو أتوماتيكيًا، أو أن هذا التفضيل لبعضهم على بعض هو تفضيل موروث بالفطرة، أو متحقق بالبيولوجيا، إنما هو تفضيل مكتسب بالمهارات والقدرات، وكل حالة تقدَّر بقدرها.

والقوامة لا تتحقق إلا إذا اعتقدت المرأة واقتنعت بأن زوجها أنضج منها وأعقل وأحكم، حتى تسلم له دفتها، ودفةَ البيت راضية مستريحة، وتثق فيه قائدًا وربانًا لسفينة حياتهما! وتشعر بأنه سقفها العالي الذي يحميها ويكفيها، ويظلها ويؤويها.

الزواج و الاختيار .. لعمر لا للحظة

بعيدًا عن مسألة الاختيار الصعب والاختيار العسير، أو الاختيار الصائب والاختيار الخاطئ، وبعيدا عن مدى رفض الأهل، سواء من ناحية الزوج أو من ناحية الزوجة. فعلى الرجل (والمرأة أيضا) التأمل بهدوء وعقل وروية في مسألة الاختيار، والتدقق بكل الطرق والوسائل في هذا القرار المصيري، فالاختيار اختيار عمر وحياة وليس اختيار لحظة. قد يربح الإنسان معركة الاختيار  بالحصول على رضا الأهل، ثم يكتشف مع الأيام أنه الخاسر الأول بسبب سوء تقديره، وتسرعه في اختياره.