تعريف علوم القرآن : هو مباحث تتعلق بالقرآن الكريم من ناحية نزوله وترتيبه، وجمعه وكتابته، وقراءاته، ومحكمه ومتشابهه، وناسخه ومنسوخه، وإعجازه، وأساليبه ودفع الشبه عنه … إلخ ذلك

ويتضح من هذا التعريف أن (علوم القرآن) علم عربي إسلامي في نشأته وتكوينه، بدأ مع نزول القرآن الكريم، وما زال ينضج ويتكامل حتى قيام الساعة.

موضوعه : القرآن الكريم من أية ناحية من النواحي المذكورة في التعريف.

فائدته : الثقافة العالية العامة في القرآن الكريم، والتسلّح بالمعارف القيّمة فيه، استعدادا لحسن الدفاع عن حمى الكتاب العزيز، وتسهيل خوض غمار تفسير القرآن الكريم، وهو من هذه الناحية كمثل علوم الحديث (المصطلح) لمن أراد أن يدرس علم الحديث.

تاريخ علوم القرآن

أ- عهد ما قبل التدوين: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه يعرفون عن القرآن وعلومه ما عرفه العلماء من بعد، ولكن معرفتهم لم تدوّن، ولم تجمع في كتاب

لعدم حاجتهم إلى ذلك، فقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أظهرهم ينزل عليه الوحي فيرتّله على مسامعهم، ويكشف لهم عن معانيه وأسراره بوحي من ربّه، وكان الصحابة عربا خلّصا، يتّصفون بقوة الذاكرة وتذوّق البيان وتقدير الأساليب، فأدركوا من علوم القرآن ما لم ندركه نحن، وكانت الأمية متفشية بينهم ووسائل الكتابة بدائية وغير ميسّرة لديهم، ومع ذلك فقد نشطوا في نشر الإسلام وتعاليمه والقرآن وعلومه تلقينا ومشافهة.

ب- عهد التمهيد لكتابة علوم القرآن : إنّ ما تمّ في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه من جمع القرآن في مصحف إمام، ونسخ عدة نسخ منه لإرسالها إلى الأقطار الإسلامية- والذي نفصّل فيه القول في الباب الثالث من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى- كان الأساس لما يسمّى «علم رسم القرآن». وفي عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه وضع الأساس لما يسمّى «علم النحو» بعد أن أمر عليّ رضي الله عنه أبا الأسود الدؤلي أن يضع بعض القواعد، لحماية لغة القرآن من العجمة وتفشي اللحن بين الناس.

وفي العهد الأمويّ ساهم عدد من الصحابة والتابعين في وضع الأساس لما يسمّى «علم التفسير» و «علم أسباب النزول» و «علم الناسخ والمنسوخ» و «علم غريب القرآن».

ج- عهد التدوين : وفي هذا العهد ألّفت الكتب في أنواع علوم القرآن، واتّجهت الهمم أول الأمر إلى التفسير باعتباره أمّ العلوم القرآنية، ومن أوائل من كتب في التفسير شعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح. وتفاسيرهم جامعة لأقوال الصحابة والتابعين، ثم تلاهم الطبري المتوفى سنة (310 هـ). وفي علوم القرآن الأخرى كتب علي بن المديني- شيخ البخاري– المتوفى سنة (234 هـ) كتابا في «أسباب النزول» وأبو عبيد القاسم بن سلّام  (المتوفى سنة 224هـ) كتب في «الناسخ والمنسوخ» وكلاهما من علماء القرن الثالث.

وأبو بكر السجستاني المتوفى (330 هـ) كتب في «غريب القرآن» وهو من القرن الرابع، وعليّ بن سعيد الحوفي صنف في «إعراب القرآن» وهو من علماء القرن الخامس. وفي هذا القرن الخامس ظهر اصطلاح «علوم القرآن» وأول من كتب فيه هو علي بن سعيد الحوفي المتوفى سنة 430 هـ واسم كتابه: «البرهان في علوم القرآن» ويقع في ثلاثين مجلدا، والموجود منه الآن في دار الكتب المصرية (15) مجلدا. وفي القرن السادس ألّف ابن الجوزي المتوفى سنة (597 هـ) كتابين هما: “فنون الأفنان في علوم القرآن”  و ” المجتبى في علوم تتعلق بالقرآن.

وفي القرن السابع ألّف علم الدين السخاوي المتوفى سنة (641 هـ) كتابا سمّاه «جمال القراء». وألّف أبو شامة المتوفى سنة (665 هـ) كتابا سمّاه «المرشد الوجيز فيما يتعلق بالقرآن العزيز».

وفي القرن الثامن كتب بدر الدين الزركشي المتوفى سنة (794 هـ) كتابا وافيا سماه «البرهان في علوم القرآن». وألّف تقي الدين أحمد بن تيمية الحرّاني المتوفى سنة (728 هـ) رسالة في أصول التفسير، وهي مشتملة على بعض موضوعات علوم القرآن.

وفي القرن التاسع: ألّف محمد بن سليمان الكافيجي المتوفى سنة (873 هـ) كتابا في علوم القرآن، وألّف جلال الدين البلقيني المتوفى سنة (824 هـ) كتابه «مواقع العلوم من مواقع النجوم».

وفي القرن العاشر ألّف جلال الدين السيوطي المتوفى سنة (911 هـ) كتابه المشهور «الإتقان في علوم القرآن» وهو من أجمع الكتب في موضوعه، لأنه استفاد من مؤلفات السابقين وزاد عليها (مناهل العرفان؛ للزرقاني 1/ 5 – 32 )

وفي عصر النهضة الحديثة أثرت المكتبة العربية وازدانت بمؤلفات عديدة في الموضوعات القرآنية وفي علوم القرآن بالذات ونستطيع أن نعدّ منها على سبيل المثال لا الحصر:

“التبيان في علوم القرآن” للشيخ طاهر الجزائري.

“منهج الفرقان في علوم القرآن” للشيخ محمد علي سلامة.

“مناهل العرفان في علوم القرآن” للشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني.

“مباحث في علوم القرآن” للدكتور صبحي الصالح.

“من روائع القرآن” للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.

” مباحث في علوم القرآن” للأستاذ مناع القطان.