أثيرت في بحر هذا الأسبوع موجة كبيرة من الجدل عبر القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، بطلها الداعية المصري أمير منير الذي روج لتطبيق على الجوال اسمه “عمرة البدل” يتوسط لأداء مناسك العمرة عن الأشخاص غير المقتدرين كالمرضى والعاجزين و أيضا المتوفين، مقابل مبلغ مالي يقدر بـ 4000 جنيه مصري (حوالي 130 دولار).

مباشرة بعد هذا الأمر، تعرض الداعية أمير منير إلى موجة من الانتقادات الحادة، مما اضطره بعد يوم واحد من الجدل حول الترويج لـ “عمرة البدل” إلى حذف مقطع الفيديو الدعائي للتطبيق، عقب إفادات وبيانات وتصريحات من طرف هيئات رسمية وغير رسمية وشخصيات معروفة انتقدت هذا السلوك.

سمسرة وتفريغ للشعائر

رأي دار الإفتاء المصرية حول عمرة البدل

دخلت دار الإفتاء المصرية على خط الجدل الدائر حول تطبيق “عمرة البدل”، وقالت أنه “تفريغ للشعائر الدينية من مضمونها”. وقالت في بيان لها، دون الإشارة بصورة مباشرة إلى التطبيق، إن “سماسرة الدين باب لتفريغ الشعائر الدينية من مضمونها”. وجاء في البيان “من المقرَّر أنَّ الله عزَّ وجلَّ قد شرع العبادات من فرائض ونوافل لمقاصد كبرى، منها تقريبُ العباد إليه سبحانه وتعالى، وتهذيب النفس البشرية. ولابدَّ للإنسان أن يستحضر تلك المقاصد والمعاني أثناء عبادته وتوجُّهه إلى ربه – جل وعلا – ومن باب التيسير على الأفراد، وبخاصة المرضى وأصحاب الأعذار، نجد أنَّ الشريعة قد أجازت الإنابة في أداء بعض العبادات بشروطٍ معينة”.

وأضاف البيان: “إذا كنَّا نجد في بعض المذاهب الفقهية جواز الاستئجار على أداء بعض العبادات كالحج والعمرة، فإنَّ الفقهاء كانوا يتكلمون عن حالات فردية لم تتحول إلى ظاهرة، وكذلك لم تتحول إلى وظيفة أو تجارة للبعض يتربَّحون منها، ولم نجد على طول السنين الماضية من تفرَّغ لأداء هذه العبادات مقابل أجر، فضلًا عن أن يصبح وسيطًا (سمسارًا) بين الراغب في العمرة – مثلًا – وبين من سيؤديها عنه، فإن من الأمور اللازمة في الإنابة أن يختار الشخص الصالح الموثوق بأمانته، ولا يتساهل فيجعل عبادته بِيَد من لا يعرف حاله، وهذا لا يحصل بالطبع إذا كان التعامل عبر تطبيقات أو وسطاء كل شغلهم واهتمامهم تحقيق الربح، فهذا مما لا يليق مع شعائر الدين.

وتابع البيان: “ما حدث من استهجان واستنكار من عموم الناس لمثل هذه الأفكار المستحدثة لهو دليل على وعي الجمهور ورفضهم لتحويل الشعائر والعبادات إلى وظيفة أو مهنة تؤدَّى بلا روح أو استحضار خشوع، هذا الوعي الجماهيري هو جدار الوقاية الأول للمجتمعات في مواجهة كل ما هو مُستنكَر وخارج عن المألوف.

من جهتها قالت لجنة الفتوى في مجمع البحوث الإسلامية إن “الله عز وجل وسنة النبي محمد أجازت أن ينوب عن الإنسان غيره في الحج أو العمرة إذا كان مريضا لا يستطيع أن يحج بنفسه. وأِشارت إلى أن “هذا الحكم إذا كان مريضا مرضا لا يرجى برؤه، أما إذا كان صحيحا أو مريضا مرضا يرجى شفاؤه فلا يجوز له أن ينيب عنه”.

أما أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية، فقال “الأفضل للإنسان أن يذهب هو لأداء العمرة والحجز دون الحاجة إلى شخص آخر يؤدي هذا العمل عنه. وأكد أن “كثيرا من الذين يتحدثون عن الدين عبر السوشيال ميديا جهلاء سفهاء، وليسوا علماء أو مفتيين”.

في أداء العمرة عن الغير

وجاء في باب “فقه المسلم” بموقع “إسلام أون لاين” إن “من يقول من الفقهاء إن العمرة واجبة يقول بجواز الاعتمار عن الغير، أما من يقول إن العمرة ليست واجبة فلا تجوز العمرة عن الغير عنده لأنه لا يجوز للإنسان أن يتنفل عن أحد، إنما أجيز في الفرض فقط ليُسقِط الإنسان الفرض عمن لم تواتيه الفرصة ليؤدي الفرض، وإن كان بعض العلماء يقول لا يجوز للإنسان أن يعتمر في السفرة الواحدة أكثر من عمرة، إنما بعض العلماء أجازوا هذا.

خصومات للمتابعين وباقات !!

وأثار التطبيق عاصفة من الجدل على مدار الأيام الماضية، لاسيما بعد ظهور منتج المحتوى الديني المصري أمير منير، في فيديو دعائي يقول: “تخيل تعمل عمرة لأحبابك (متوفي- مريض – عاجز) بأقل من 4000 جنيه (129 دولارًا)”.

تأسس التطبيق عبر شركة سعودية في عام 2019، تقول إنه “يعمل وسيطًا بين الراغبين في العمرة عن العاجزين – المرضى – المتوفين وبين الأشخاص المؤهلين شرعاً من سكان مكة المكرمة لأداء عمرة البدل عنهم”.

ويطرح تطبيق “عمرة البدل” باقات مختلفة لأداء العمرة، تختلف أسعارها من حيث إذا كانت عمرة في رمضان أو في الأيام العادية، فيما تعد العمرة المستعجلة الأعلى من حيث السعر. وكان الداعية أمير منير الذي نشر مقطع فيديو عبر صفحته في موقع فيسبوك، روّج خلاله لتطبيق “عمرة البدل” الإلكتروني، قد قدم لأول 500 شخص من جمهوره الذي يتجاوز 5 ملايين متابع، خصما يصل إلى نحو 35% من تكاليف العمرة.

انتقادات حادة لـ “التدين بالوكالة”

وأثارت دعوة الداعية أمير جدلا وانتقادات واسعة، إذ اعتبرها البعض محاولة لاستخدام الدين في التربح. وكتب محمد على منصة X معلقا على ما أثير حول عمرة البدل :

وكتب محمد يوسف عمارة على فيسبوك: “هل معنى ذلك أني لو كنت أقيم في مكة يمكن أن يصبح عملي أداء عمرة مقابل أموال، الأمر غير مستساغ ويذكرني بمن يقرأون القرآن أمام المقابر وهم لا يعلمون شيئا عن القرآن ولا يقتربون منه إلا من أجل تحصيل الأموال”.

ولما واجه صانع المحتوى الديني على شبكات التواصل الإجتماعي أمير منير انتقادات لاذعة واتهامات بأنه يسعى وراء جمع المال من الناس والنصب عليهم، ظهر مرة أخرى في مقطع فيديو مؤكدا “أنه لو فعل ذلك فسيحاسبه الله”، مشيرا إلى أن تطبيق “عمرة البدل” الإلكتروني “لا يخصه ولكنه موجود، ولو كان قد أخذ أموالا مقابل الإعلان عنه عبر حساباته على مواقع التواصل فهذا لا يضر أحدا في شيء”.

الكعبة المشرفة

يشار إلى أن أمير منير هو طبيب ويعتبر من مشاهير السوشيال ميديا الذين يقدمون محتوى ديني بجانب برنامج عبر قناته الرسمية على اليوتيوب. وفي يوليو 2019 صرح حينها السيد حسين رئيس الإدارة المركزية لشئون الدعوة بالأوقاف أن أمير منير أحمد ليس له علاقة بالأوقاف وغير مصرح له بالخطابة أو أداء الدروس الدينية.

.