كسوف الشمس أو خسوف القمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي – ﷺ – أنه قال: ” إنَّ الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتموهما فصلوا” (صحيح البخاري)؛ ولحديث أبي مسعود – رضي الله عنه -، قال: قال النبي – ﷺ -: ” إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحدٍ من الناس، ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما فقوموا فصلُّوا”(متفق عليه).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: (آيتان): أي علامتان، (من آيات الله) أي الدالة على وحدانية الله، وعظيم قدرته، أو على تخويف العباد من بأس الله وسطوته، ويؤيده قوله تعالى: { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا } (الإسراء: 59) (فتح الباري، ابن حجر)
ولحديث أبي بكرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – ﷺ -: ” إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد، ولكن الله تعالى يُخوِّف بهما عباده” (صحيح البخاري)
وعن عائشة رضي الله عنها ترفعه: “إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما من آيات الله يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم كسوفًا فاذكروا الله حتى ينجليا” (صحيح مسلم ).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ” وكأن بعض الناس ظن أن كسوفها [أي الشمس] كان؛ لأن إبراهيم مات فخطبهم النبي – ﷺ – وقال: “إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة” (متفق عليه).
وهذا بيان منه – ﷺ – أنهما سبب لنزول عذاب بالناس؛ فإن الله تعالى إنما يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه، وعصوا رسله، وإنما يخاف الناس مما يضرهم فلولا إمكان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان ذلك تخويفًا، قال تعالى:{وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} (الإسراء : 59)، وأمر النبي – ﷺ – بما يزيل الخوف: أمر بالصلاة، والدعاء، والاستغفار، والصدقة، والعتق، حتى يُكشف ما بالناس، وصلى بالمسلمين صلاة الكسوف صلاة طويلة) (مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية).
وهذا يؤكد الاستعداد بالمراقبة لله تعالى والالتجاء إليه سبحانه، وخاصة عند اختلاف الأحوال وحدوث مايخاف بسببه (حاشية ابن قاسم على الروض المربع)
فوائد وحكم من الكسوف
للكسوف حكم عظيمة منها، سبع فوائد: قال ابن الملقن رحمه الله تعالى: ((ونقل المحب الطبري في أحكامه عن بعضهم أن في الكسوف سبع فوائد:
الأولى: ظهور التصرف في الشمس والقمر، وهما خلقان عظيمان.
الثانية: أن يتبين بتغيُّرهما تَغيُّر شأن ما بعدهما.
الثالثة: إزعاج القلوب الساكنة بالغفلة وإيقاظها.
الرابعة: ليرى الناس نموذج ما سيجري في القيامة، قال تعالى: {وَخَسَفَ الْقَمَرُ، وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}.
الخامسة: أنهما موجودان في حال الكمال، ويكسفان ثم يلطف بهما، ويعادان إلى ما كانا عليه، تنبيهًا على خوف المكر ورجاء العفو.
السادسة: إعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب له؛ ليحذر من له ذنب.
السابعة: أن الناس قد أَنسوا بالصلوات المفروضات، فيأتونها من غير انزعاج ولا خوف، فأتى بهذه الآية سببًا لهذه الصلاة؛ ليفعلها بانزعاج، وخوف، ولعل تركه يصير عادة لهم في المفروضات .
صفة صلاة الكسوف
صفة صلاة الكسوف على النحو الآتي:
- يكبِّر تكبيرة الإحرام.
- يقرأ دعاء الاستفتاح.
- يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويقول بسم الله الرحمن الرحيم.
- يقرأ الفاتحة وسورة طويلة جهرًا .
- يكبر ويركع ركوعًا طويلاً يكرر فيه دعاء الركوع.
- يرفع ويقول سمع الله لمن حمده، ويقول بعد أن يعتدل: ربنا ولك الحمد.
- يقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون السورة الأولى بحيث يتميَّز القيام الأول عن القيام الثاني .
- يكبر ويركع ركوعًا طويلاً دون الركوع الأول بحيث يتميز الركوع الأول عن الركوع الثاني.
- يرفع ويقول: سمع الله لمن حمده، ويقول بعد أن يعتدل: ربنا ولك الحمد، والصواب إطالة هذا الاعتدال بقدر الركوع .
- يكبر ويسجد سجودًا طويلاً بقدر الركوع .
- يكبر ويرفع فيجلس بين السجدتين والصواب إطالة هذا الجلوس بقدر السجود .
- يكبر ويسجد سجودًا طويلاً وهو دون السجود الأول .
- يكبر ويقوم للركعة الثانية فيصليها مثل الركعة الأولى: بقراءتين، وركوعين، وسجودين إلا أن كل قراءة وقيام وسجود أول أطول من الذي بعده .
- يجلس للتشهد والصلاة على النبي – ﷺ -.
- ينصرف بالتسليمتين؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله – ﷺ – صلى يوم خسفت الشمس، فقام فكبر، فقرأ قراءة طويلة.
- ثم ركع ركوعًا طويلاً.
- ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده.
- وقام قيامًا طويلاً وهو دون القيام الأول.
- ثم ركع ركوعًا طويلاً وهو دون الركوع الأول.
- ثم قال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، [ثم سجد] سجودًا طويلاً.
- ثم قام فقام قيامًا طويلاً وهو دون القيام الأول.
- ثم ركع ركوعًا طويلاً وهو دون الركوع الأول.
- ثم قام قيامًا طويلاً وهو دون القيام الأول.
- ثم ركع ركوعًا طويلاً وهو دون الركوع الأول.
- ثم سجد وهو دون السجود الأول، ثم انصرف .
وهذه الصفة لصلاة الكسوف هي المعتمدة ، وهي الصواب؛ لأن الأحاديث الصحيحة دلّت عليها. (1)
تنزيل PDF