اقرأ أيضا:
من هنا إذن تحول الأمر من مجرد تحقيق المنفعة الدائمة للمستهلك من خلال تطوير شكل المنتج وبعض خصائصه، كما هو الحال في التغييرات الشكلية على المنتجات بغية تحقيق مبيعات أفضل من خلال الميزات الوهمية للجديد (NEW) التي أصبح لها مفعول سحري، إلى خلق نمط حياتي للناس ابتداء من الآراء والأفكار إلى شكل الاستجابة للمحيط والبيئة، أي تنميط الشخصيات وخلق أنماط الحياة المرغوبة، التي تميز الثقافة الاستهلاكية أهم مميزاتها، وهي عملية تشترك فيها وسائل الأعلام والتثقيف بكافة أشكالها وألوانها، وهكذا بات المستهلك هدفا للكل، المؤسسات المنتجة والوسيطة (الإعلامية) التي يأوي إليها بغية التثقيف والاستجمام فتحقن وعيه وتنمطه حتى يكون جاهزا للدخول في عملية السعار المتحكم فيها من الأساس وفي اتجاهاتها من طرف المؤسسات المنتجة للسلع والخدمات، أي من طرف نخبة النظام الاقتصادي الاجتماعي العولمي المسيطر .
الخداع الرقمي
يتفرع عن ما أسلفنا ، من منهجية التسويق الأناني التحكمي، جملة من التقنيات المبهرة والمخادعة في ذات الوقت، والتي تقوم على استغفال الزبون، وتوظف دراسة ردود الفعل التلقائية للعميل في طريق ينتج الخدع النفسية لتحقيق أهداف التسويق، ومن هذه الخدع الطريفة اتباع سياسات تسعيرية تلعب بالأرقام للإيحاء بدلالات سعرية كاذبة (خصوصا أن السعر التوازني التلقائي هو وضعية لا تتحقق سوى في سوق المنافسة الكاملة المثالي، وأيضا في ظل بناء كثير من المؤسسات استراتيجياتها التسعيرية انطلاقا من تعظيم الربح والتخطيط على خلق الطلب) ومن ذلك ما يسمى بالسعر الترويجي، كأن يقوم المنتج بربط السلعة الأرخص قيمة بشراء سلعة أخرى غالية، ومن نماذجها الشائعة الإعلان عن سعر بمبلغ أقل بفاصلة عن سعره الحقيقي ليبدو وكأنه ينتمي إلى الفئة الأقل كإعلان بيع السلعة ب 99 دولار وكأنها في حدود التسعين، في حين أن سعرها الحقيقي هو 100 دولار، ومن ذلك الخصم النفسي، حيث يتم كتابة سعر وهمي وشطبه، وكتابة سعر أدنى باعتبار الأخير تم من خلال خصم للمشتري (300 دولار أصبح 100 دولار).
إن ما نود أن نصل إليه هو أن الجهود التسويقية الحديثة انتهت إلى تذويب شخصيات المستهلكين وخداعهم، وهو ما يجعل الأبعاد الأخلاقية في هذا النشاط بحاجة إلى الإحياء حتى يعيش المجتمع التوازن بين كل فئاته، بدلا من أنانية ولا أخلاقية الثقافة التسويقية السائدة.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين