اقرأ أيضا:
وإني أسائل كل مسلمة آمنت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، وعليها أن تجيب بصدق: هل لو وقفت أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تخلعين الحجاب ألا تستحي منه؟ وماذا لو سألك رسول الله صلى الله عليه وسلم: لماذا خلعت الحجاب يا فلانة؟ ماذا سيكون جوابك؟ ثم ماذا تقولين لرب العزة حين الوقوف بين يديه؟
نعم، الإسلام ليس مظهرا فحسب، لكنه ليس جوهرا دون مظهر، فالإسلام جوهر ومظهر، والدين ليس مصدره العقل وحده، بل مصدره الوحي من الكتاب والسنة، مع إعمال العقل لمحاولة فهم مراد الله من كلامه، وشرح مراد الرسول صلى الله عليه وسلم من كلامه، ذلك أن أصل الإسلام هو الاستسلام والإذعان لأمر الله تعالى، ولذا امتدح الله إبراهيم الخليل عليه السلام بقوله: { إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة: 131]، ولهذا أوجب الله على المؤمنين والمؤمنات طاعته، وأن لا يخالفوا أمره، كما قال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } [الأحزاب: 36]، فالعقل ليس حاكما على الشرع، بل محكوم به.
والحجاب ليس بدعا في الإسلام، فقد جاءت كل الأديان السماوية بفريضة الحجاب، ووضعت على المرأة شروطا يجب مراعاتها، كما وضعت على الرجل شروطا أيضا، فالحجاب فريضة في اليهودية والنصرانية، فكيف لا يكون فريضة في الإسلام؟! فلو نظرن إلى اليهوديات المتدينات فهن يرتدين الحجاب بل النقاب، ولو نظرن إلى الراهبات فهن يرتدين الحجاب، فالصورة المنسوبة إلى مريم يرسمونها محجبة! وصورة الأم تريزا يرسمونها محجبة! فهل جاءت اليهودية والمسيحية بالحجاب وندعي أن الإسلام الذي هو خاتم الأديان لم يأت به؟
إلا أن تقول غير المحجبات: إن المتدينات من اليهود فقط هن من يلبسن الحجاب، والمتدينات من المسيحيات هن من يلبسن الحجاب، وليس كل اليهوديات والمسيحيات يرتدين الحجاب.
وهذا القول دليل على غير المحجبات وليس لهن، فإنهن يقررن أن المتدنية هي التي ترتدي الحجاب، أما غير المتدينة فهي التي لا تلبس الحجاب.
وتأكيدا على أن الحجاب فريضة في اليهودية، فهذه بعض نصوص العهد القديم التي تشير إلى فرضية الحجاب.
ففي سفر التكوين: (24/64-66): ” وقالت للعبد: من هذا الرجل الماشي في اللحاق للقائنا”؟ فقال العبد: ” هو سيدي. فأخذت البرقع وتغطت.
وفي سفر التكوين أيضا: (38/13-159: ” فخلعت عنها ثياب ترمله، وتغطت ببرقع، وتلففت”.
وفي سفر أشعيا: (3/18-20): ” ينزع السيد في ذلك اليوم زينة الخلاخيل والضفائر والأهلة والحلق والأساور والبراقع”.
وقد جاء في العهد الجديد مما هو منسوب إلى الإنجيل ما يدل على وجود حجاب المرأة المسيحية، كما جاء في (رسالة بولس الأول الى أهل كورنثوس):
” ينبغي للمرأة أن يكون لها سلطان على رأسها ، من أجل الملائكة، غير أن الرجل ليس من دون المرأة ، ولا المرأة من دون الرجل في الرب ،لأنه كما أن المرأة هي من الرجل ، هكذا الرجل أيضا هو بالمرأة ولكن جميع الاشياء هي من الله ، احكموا بأنفسكم : هل يليق بالمرأة أن تصلى إلى الله وهى غير مغطاة ؟ أم ليست الطبيعة نفسها تعلمكم أن الرجل إن كان يرخى شعره فهو عيب له ؟ وأما المرأة إن كانت ترخى شعرها فهو مجد لها ، لأن الشعر قد أعطى لها عوض برقع”.
أما الإسلام فقد جاء آمرا بالحجاب في عدد من الآيات والأحاديث. وللعلماء رأيان في الحجاب، الأول: أن كل المرأة عورة عدا الوجه والكفين، وهو رأي جمهور الفقهاء، والرأي الثاني: أن كلها عورة بما في ذلك الوجه وهو المعتمد عند الحنابلة.
من ذلك قوله تعالى: ( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا). قال العلماء: ما يظهر منها هو الوجه والكفين.
وقوله تعالى: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) فالخمار هو ما تغطي به المرأة شعرها، وهذا يعني أنهن كن يغطين شعورهن، وإنما كانت المرأة في الجاهلية ربما يظهر شيء من نحرها، فأمرت بتغطيته
وقوله سبحانه: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [النور: 60]، فاستثنى القواعد من النساء أن تظهر بالزينة، وهذا يعني أن الواجب على النساء ستر تبرجهن بالزينة.
وقوله سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [الأحزاب: 59]
وفي الواقع العملي لم يحفظ عن المسلمات منذ رسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلى عصر الحداثة أنَّ خلع الحجاب كان منتشرا بين المسلمات.
ومن الادعاءات التي يتبناها التيار العلماني أن هدى شعراوي أول من خلعت الحجاب في مصر والعالم العربي، والحق أن هدى شعراوي لم تخلع الحجاب، ولكنها حينما سافرت للغرب رجعت فخلعت النقاب وذلك في مايو 1932م وليس الحجاب، ومعلوم أن جمهور الفقهاء على أن النقاب ليس بواجب، وغالب صور هدى شعراوي موجودة بالحجاب، وهي التي ماتت بالسكتة القلبية بسبب صدور قرار مجلس الأمن بتقسيم دولة فلسطين في 29 نوفمبر 1947،، وكانت تعد بيانا تدعو فيه العرب للوحدة للدفاع عن قضية فلسطين.
إن من المؤسف أن يسعى بعض المسلمات إلى خلع الحجاب، وقد كن في أوساط الملتزمات، فإن الحجاب لو لم يكن فريضة لكان فضيلة، وكل فريضة فضيلة وليست كل فضيلة فريضة، فهو من أوجب الواجبات.
ثم إنه وبفضل الله تعالى لم يقل فقيه واحد معتبر إن الحجاب ليس بفريضة، وكل من ادعى ذلك فليس من أهل العلم ولا أهل الفقه، والله تعالى يقول: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
ويبقى خلع الحجاب بعد ارتدائه من باب النكوص عن فعل الخيرات والتزام الواجبات، وإن كان ممن خلعن الحجاب فيهن من الدين والإيمان، فالواجب عليهن أن يكملن إيمانهن بالعودة إلى فريضة الله في الحجاب؛ استجابة لأمر الله ورسوله، لا استجابة لبيئة أو واقع، بل ليكن ارتداء الحجاب دليل محبة المرأة المسلمة لله رب العالمين.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين