اقرأ أيضا:
ألسنا نراهم – ونحن معهم ؟ – مبتهجين فرحين مرحين لاهين بالليل والنهار ؟ قست قلوبهم وجفّت مآقيهم حين وقعوا ضحايا للنزعة المادية الطاغية ، فأين الانسان الذي يبكي من خشية الله ؟ يذكر الله خاليا ، يتذكر تقصيره في حق الله وتفريطه في جنبه فتسيل عبراته ويئنّ أنين الملدوغ ويبكي بكاء الثكلى ؟
ما أكثر من غلبتهم الأنانية ، فجعلوا من ذواتهم أصناما يطوفون حولها ، فأين الانسان الذي تمكنت من قلبه بشاشة الايمان فكان مع الله في خلوته وجلوته وحركته وسكونه حتى خلت نفسه من الأنانية وانفتح قلبه على القريب والبعيد من ذوي الحاجات وأصحاب المطالب ؟
ما أجمل هذا الدين ! هو مظنة الطهر والمحبة والتضحية ، لكن حوّله بعض الناس إلى ميدان للتنافس والصراع والاقتتال ، فنريد الانسان الذي فهم دينه فتجنّب المتحاربين وتخلى عن التناحر ، وعمل على نشر المحبة والأخوة والخلق الرفيع ، يجمع الشمل ويؤلف بين القلوب و يوحّد الصف.
ما أكثر من يرفعون لافتة ” حاسبوا غيركم ” ، يتقون الله في الناس وربما عصَوه في أنفسهم ، يتتبعون العورات ويحصون العثرات ، يضخمون الصغائر ويكفّرون بالكبائر، يزكون أنفسهم وينادون عليها بالبراءة ويلتمسون لها الأعذار ، وما أحوجنا إلى إنسان يرفع راية ” حاسبوا أنفسكم ” ، يحسن الظن بالمسلمين ، يعدّ نفسه داعية لا قاضيا ، يوجّه إصبع الاتهام لذاته ويدقق البحث عن مساويها وسلبياتها ليعالجها مهتديا بقول الله تعالى ” قل هو من عند أنفسكم “.
نريد هذا المسلم المتميّز الذي لا يحمل بالضرورة مصحفا لكن يترك الناس يرون أخلاق القرآن في قوله وفعله وسيرته ، يعيش الإسلام ويتمثل أحكامه وأخلاقه قبل أن يتكلم باسمه ، إذا دعا إلى معروف كانت دعوته بالمعروف ، وإذا نهى عن منكر لم يرتكب منكرا ، يدعو بالحكمة ويعظ بالحسنى ويجادل المخالفين بالتي هي أحسن ، ليس راضيا عن نفسه حتى يهمل شأنها ويستفرغ جهده ووقته في إصلاح غيره ، إنه يَصلح ثم يُصلح ، يغيّر ما بنفسه لتتغيّر الدنيا من حوله ، قلبُه نقي سليم ، ولسانه رطب بذكره الله وبالكلام الطيب ، ويده طاهرة متعففة لا تؤذي ولا تختلس ، وجوارحه مستقيمة على أمر الله.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين