اقرأ أيضا:
من شيوخه ابن قيم الجوزية رحمه الله، وابن جماعة، والعالم أحمد عبد الهادي المقدسي. ومن تلاميذه القاضي ابوبكر الحنبلي والزركشي وغيرهم كثير. وقد تميزت مؤلفاته بأنها تجمع بين الأسلوب العلمي وأسلوب الرقائق، فكتاب “جامع العلوم والحكم” مع أنه علمي ولكنه امتلأ بأقوال أجزاء من قصائد ترقق القلوب. و نذكر من مؤلفاته مايلي:
قال ابن رجب في مقدمة كتابه: “وقد استخرت الله في أن أجمع في هذا الكتاب وظائف شهور العام وما يختص بالشهور ومواسمها من الطاعات، كالصلاة والصيام والذكر والشكر وبذل الطعام وإفشاء السلام، وغير ذلك من خصال البررة الكرام، ليكون ذلك عونا لنفسي ولإخواني على التزود للمعاد، وللموت قبل قدومه والاستعداد”.
وبدأ ابن رجب كتابه – بعد الخطبة – بذكر مجلس في فضل التذكير بالله تعالى ومجالس الوعظ. ثم تحدث عن وظائف شهر الله المحرم فجعله في مجالس: مجلس في فضله وعشره الأول، وفضل قيام الليل، وفي يوم عاشوراء. ثم عقد فصلاً في قدوم الحاج، وفي استلام الحجر الأسود، واستقبال الحاج، وانتقل إلى الحديث عن وظيفة شهر صفر، فتكلم على التوكل، وعلى النهي عن الطيرة. وتلا ذلك حديثه عن وظائف شهر ربيع الأول، فجعل المجلسين الأول والثاني في ذكر مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، وختمه بمجلس في وفاته عليه السلام.
وفي الحديث عن وظيفة شهر رجب أفاض ابن رجب في ذكر الأشهر الحرم وما يتعلق بها وبحرمتها. وجعل وظائف شهر شعبان في ثلاثة مجالس: الأول في صيامه، والثاني في نصف شعبان، والثالث في صيام آخر شعبان. وتحدث مفصلاً عن وظائف شهر رمضان، فجعلها في ستة مجالس: في فضل الصيام، وفي فضل الجود في رمضان وتلاوة القرآن، وفي ذكر العشر الأوسط منه وذكر نصفه الآخير، وفي ذكر العشر الأواخر، والسبع الأواخر، ثم في وداع رمضان.
وقسم ابن رجب الحنبلي وظائف شوال إلى ثلاثة مجالس: الأول في صيام شوال كله واتباع رمضان بصيام ستة أيام من شوال. والثاني في ذكر الحج وفضله، والثالث فيما يقوم مقام الحج والعمرة عند العجز عنهما. وتحدث في ذي القعدة عمن يواصل الصوم، وعن فضل الاعتدال في العبادة، وأنه من أشهر الحج، وأحد الأشهر الحرم.
وطول الكلام عن وظائف شهر ذي الحجة، وقد اشتمل على أربعة مجالس: مجلس في فضل عشر ذي الحجة، وفي يوم عرفة مع عيد النحر، وفي أيام التشويق، ومجلس رابع ختام العام. وعقد فصلاً خاصاً بين فيه وظائف فصول السنة الشمسية، وجعله في ثلاثة مجالس: الأول في ذكر فصل الربيع، والثاني في ذكر فصل الصيف، والثالث في ذكر فصل الشتاء.
وختم ابن رجب كتابه بمجلس في ذكر التوبة والحث عليها قبل الموت، وهي وظيفة العمر كله، وخاتمة مجالس الكتاب. وقد ترك الحديث عن ثلاثة أشهر، هي: ربيع الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، لخلوها من وظائف الطاعات. كما سلك ابن رجب في كتابه أسلوب الخطباء الوعاظ تارة، وأسلوب الفقهاء والمحدثين تارة أخرى، بعبارة مسجوعة أو مطلقة، يحدوه الصدق والإخلاص وحضور الشواهد والنصوص. وهو واحد من أولئك العلماء الذين حملوا راية الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع علم ودراية في الفقه والحديث والرجال والأدب.
يحتوي الكتاب على عدة مواضيع وهي:
الموضوع الأول: يذكر الكاتب مجلس في فضل التذكير بالله تعالى ومجالس الوعظ، حيث يحتوي على مجالس الذكر توجب لأصحابها رفة القلوب، الزهد في الدنيا، الرغبة في الآخرة، حال أهل الذكر بعد انقضاء مجالس الذكر، المواعظ سياط تضرب بها القلوب، فائدتان عظيمتان في إيقاع الخلق في الذنوب، الكلام على أن الماء مادة جميع المخلوقات، الكلام على الجنة وبنائها، الكلام على الدنيا والزهد فيها، أبيات من قصيدة عدي بن زيد في ذم الدنيا.
الموضوع الثاني: يذكر ابن رجب وظائف شهر المحرم، حيث يحتوي على المجلس الأول فضل شهر الله المحرم وعشره الأول وفضل التطوع بالصيام فضل قيام الليل، المجلس الثاني يوم عاشوراء وصومه، فضائل يوم عاشوراء، المجلس الثالث قدوم الحاج، علامات الحج المبرور تلقي الحاج المسنون.
الموضوع الثالث: يذكر الكاتب وظيفة شهر السفر، حيث يحتوي على الكلام على الحديث (لا عدوى ولا هامة ولا صفر)، كلام على التوكل، النهي عن الطيرة. الموضوع الرابع: يذكر الكاتب ابن رجب وظائف شهر ربيع الأول، حيث يحتوي على المجلس الأول ذكر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الكلام على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نبيًا قبل أن يخلق ودلائل ذلك، فائدتان في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميًا وكان من العرب، فضل الرسول صلى الله عليه وسلم على الأمة، نزول عيسى عليه السلام بالشام وحكمه بدين محمد صلى الله عليه وسلم، المجلس الثاني ذكر مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أيضًا، المجلس الثالث ذكر وفاة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
الموضوع الخامس: يذكر الكاتب وظيفة شهر رجب، حيث يحتوي على حكم القتال في الأشهر الحرم، عدة أسماء شهر رجب، صلاة الرغائب، حكم الصيام في رجب، حكم الزكاة في رجب، حكم الاعتمار في رجب.
الموضوع السادس: يذكر ابن رجب وظائف شهر شعبان، حيث يحتوي على المجلس الأول في صيامه، المجلس الثاني في ذكر نصف شعبان، المجلس الثالث في صيام آخر شعبان وغيرها من المواضيع التي طرحها الكاتب.
تضمن كتاب “لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف” لمؤلفه ابن رجب الحنبلي، على كم هائل من الحكم والفوائد والأمثال والمواعض يمكن ان نوجزها فيما يلي:
أما المواعض فهي كثير ومتعددة:
قيل عن الإمام أبو الفرج عبد الرحمن ابن رجب الحنبلي رحمه الله إنه قد ذبحَ القلوب وشرَّحها بجميل كلامه، ولطيف مقالته، جعل القلوب تشتاق إلى رب الأرباب، وملأ العقول تفكيرًا من تقصير العباد لرب العباد .
فتراه ينصحك بنصيحةٍ فإذا هيَ عليك فضيحة، وتراه يكشف عنكَ قريحة فإذا هي لك مليحة، فتسمو روحك ويشغف قلبك بكلامه الأسير الأسيف، الذي ينبع من منطقِ العلمِ والصدق.
ولا أشهدَ على هذا القول مما ذُكر : من قرأ سفره الجليل (جامع العلوم والحِكم) الذي جمعَ فيه بين العلمِ والموعظةِ والقول الحسن .
أما كتابه الجليل الذي يزيدك إجلالا لمصنفه ودعاءً لزابره، فهو الموسوم بـ ( لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف ) والذي حقّق فيه الإمام الجليل أبو الفرج ابن رجب ما وردَ في الكتاب والسنة في ذكر شهور السنة، بادئًا بشهر الله (المحرم) وخاتمًا بشهر العباد (ذي الحجة) مقسمًا كل شهر على مجالس إلا بعضها, وذاكرًا فصول السنةِ الشمسية في ثلاثةِ مجالس .
ستجد العين مقرحة والقلب مشرحًا إذا ما تكلم عن شهر الله (المحرم) وإذا ما تكلم عن شهر الصيام (رمضان) وشهر الحج (ذي الحجة)، ومن ثمَّ آخرَ مجلسٍ في (ذكرِ التوبةِ والحث عليها قبل الموت وختم العمر بها والتوبة وظيفة العمر وهي خاتمة مجالس الكتاب) فيسلِكُ من معرفةِ الأحكام عللها، ومن حوادثِ الأحوالِ حكِمها .
وكأن الإمام ابن رجب ينادي بقارئِ الكتاب أن الشهور أيام وأن الأيام ساعات فلا تغترَّ بكثرها ولا بفصولها، واعلم أنَّ العمل قد حان، وأن الأجل قد آن .فمن أرادَ أن يهذب قلبه، وأن يرشد عقله، وأن يبصِّر دربه، أن يخصص وقتًا ليس بالطويل لقراءة هذا الكتاب وتدبره وفهمه.ذلك أن الحاجة ماسة لهذا الأمر ، فبابُ رمضانَ قد طرق الأبواب، وإنه لينتظر من يفتحها، فافتحوا القلوب ليدخل رمضانِ على أضياف أطهار كرماء.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين