هـذا الكتــاب؛ يحتوي على خلاصة ما قاله أهل العِلْم بشأن “سورة القدر” وأسباب نزولها، وأغراضها الجليلة، ومقاصدها البعيدة، وأسرار ليلة القدر العجيبة.

 “هـذا الكتــاب” يعرض ألواناً من عجائب سورة القدر وغرائبها، وما حوته من جوانب الإعجاز، وحسن الاستهلال، وطريقة العرض، وأسلوب التشويق في ربط عالَم الغيْب بعالَم الشهادة! 

 هـذا الكتــاب؛ يحتوي على جوامع دعاء الأنبياء، وابتهالات الأولياء، ومناجاة العارفين، وتضرُّعات الصالحين.

 “هـذا الكتــاب” يحمل باقةً من أروع ما جادت به قرائح الشعراء والمبدعين؛ الذين عاشوا مع القرآن، وعايشوا أيام وليالي رمضان، والْتمسوا ليلة القدر الطاهرة؛ ففاضت عليهم بأنوارها.

 “هـذا الكتــاب” تحية مِنِّي للشهر الفضيل، وشهادتي على القرآن المجيد، وتجديداً للعهد مع خاتم النبيِّين، وتاج المرسلين، ورحمة الله للعالَمين.   

هذا؛ وقد ورد الحديث عن “ليلة القدر” وأسرار ليلة القدر في الأناجيل التي كتبها حواريّو المسيح وتلامذته الذين عاصروه، فقد جاء الحديث عن تلك الليلة المباركة في عدة أناجيل، ومنها “إنجيل برنابا» وذلك في الحوار الذي دار بين المرأة السامريّة والسيد المسيح “عليه الصلاة والسلام”- حيث أشار سيدنا عيسى إلى زمن تحويل القِبلة، وعن ليلة القدر- على النحو التالي:

{ولكن صدِّقيني يا امرأة؛ أنه يأتي وقتٌ يُعطي اللهُ فيه رحمته في مدينة أخرى ويمكن السجود له في كل مكان بالحقّ ويقبل الله الصلاة الحقيقة في كل مكان برحمته. قالت المرأة: إننا ننتظر مًسيَّا فمتى جاء يُعلِّمنا؟ أجاب يسوع: أتعلمينَ أيتها المرأة أنَّ مسيَّا لابدَّ أن يأتي؟ قالت: نعم يا سيد. حينئذ تهلّل يسوع، وقال: يلوح لي أيتها المرأة أنك مؤمنة، فاعلمي إذاً أنه بالإيمان بمسيّا سيخلص كل مختاري الله، إذْ وجب أن تعرفي مجيء مسيّا، قالت المرأة: لعلك أنتَ مسيّا أيها السيد، أجاب يسوع: إنّي حقاً أُرسلتُ إلى بيت إسرائيل نبيُّ خلاص، ولكن سيأتي بعدي مسيّا المرسَل من الله لكل العالَم الذي لأجله خَلَقَ اللهُ العالَم، حينئذ يُسجَد لله في كل العالَم وتنال الرحمة، حتى أن سُّنَّةُ اليُوبيل التي تجيء الآن كل مائة سنة سيجعلها مسيّا كل سنة في كل مكان، حينئذ تركتْ المرأةُ جرّتها وأسرعت إلى المدينة لتخبر بكل ما سمعت من يسوع} [إنجيل برنابا: 82]

جُملة {حتى أنّ سُّنَّةُ اليُوبيل التي تجيء الآن كل مائة سنة سيجعلها مسيّا كل سنة في كل مكان} فاليُوبيل هو احتفال ديني كبير بـ “يوم الكفّارة ” كان يقام عند اليهود القدامى كل مائة سنة، وكانوا يطلقون عليه اسم: (اليُوبيل المِئوي).

واليُوبيل هو الاحتفال الديني الكبير بـ “الغفران الكامل العام” الذي كان يمنحه البابا في بعض المناسبات الدينية عند طائفة الكاثوليك من النصارى الغربيين، ومن هذا نستنتج أنّ كلمة: (اليُوبيل) في معناها العام تعني “الاحتفال الديني الكبير” سواء كان عند اليهود أو النصارى أو المسلمين.

وبهذا يمكن أن نعرف أنَّ المقصود بقول السيد المسيح: (سُّنَّةُ: اليُوبيل) أيْ: عادة الاحتفال الديني الكبير بالغفران الكامل للذنوب، وفي هذا إشارة إلي لَيْلَةِ الْقَدْرِ المُبَارَكَةٍ التي كانت تأتي من قبل في الأمم السابقة مرةً كل مائة سنة، وكان يتم الاحتفال بها لمدة طويلة قد تصل أحيانا إلى سنة، والتي أعطاها الله تعالي هبة لرسوله مُحمَّد في شهر رمضان الكريم من كل عام تعويضاً لأمته على أعمارهم القصيرة بالمقارنة مع أعمار الأمم السابقة التي كانت طويلة جدا.

2- جاء في “إنجيل برنابا“، ما يلي: {وبعد صلاة نصف الليل اقترب التلاميذُ من يسوع، فقال لهم: ستكون هذه الليلة في زمن مسيّا رسول الله اليُوبيل السنوي الذي يجيء الآن كل مائة سنة،    لذلك لا أريد أن ننام بلْ نصلي محنين رؤوسنا مائة مرة ساجدين لإلهنا القدير الرحيم المبارك إلى الأبد، فلنقل كل مرة: اعترف بك إلهنا الأحد الذي ليس لك من بداية ولا يكون لك من نهاية، لأنك برحمتك أعطيتَ كل الأشياء بدايتها وستعطى بعدلك للكل نهاية، لا شبه لك بين البشر، لأنك بجودك غير المتناهي لست عرضة للحركة ولا لعارض، ارحمنا لأنك خلقتنا ونحن عمل يدك } [ إنجيل برنابا: 83 ]

قول السيد المسيح: {ستكون هذه الليلة في زمن مسيّا رسول الله اليُوبيل السنوي الذي يجيء الآن كل مائة سنة لذلك لا أريد أن ننام بلْ نصلي} إشارة إلي لَيْلَةِ الْقَدْرِ المُبَارَكَةٍ التي كانت تأتي من قبل في الأمم السابقة مرة كل مائة سنة ، والتي تأتي الآن في شهر رمضان الكريم من كل عام هجري، وعلى ضوء ما جاء في هذا النص يمكن أن نفهم المعني المقصود من عبارة: (سُّنَّةُ اليُوبيل التي تجيء الآن كل مائة سنة) التي ذكرها السيد المسيح (صلوات الله وسلامه عليه).