اقرأ أيضا:
والبيان المعجز الدقيق أحكم دقة النظم في الاختيار؛ لما يتولد من التراكيب الأخرى المحتملة- لو جاءت- من اختلال المعنى.
والإعراب في العربية مظهر من مظاهر الإعجاز الذي هيأها الله به لتكون وعاء البيان الإلهي المعجز الذي تفصح عنه، دون غيرها من سائر اللغات.
وللكلام تتمة حول هذه الآية وما فيها من دقائق النظم والإعجاز.
وأما في هذا البيت؛ فإن في مجيء الموصوف أولا ثم الصفة دلالة على أن موضع العناية في الكلام هو الموصوف وأن الصفة تابعة له ؛ فالموصوف هو محور الحديث، لأنه هو المتعرض للعوامل النحوية المختلفة،وتدل تبعية الصفة للموصوف على ارتباطها به، وأنها عنصر موضح أو مبين أو مفسر للصفة، فهي هنا – كما قال النحاة – كالحلية للموصوف.
فالتركيز في الكلام على أصله لوجاء: لمية طلل موحشٌ؛ متجه إلى الطلل وأثره في نفس المتكلم.
أما في قول الشاعر: (لميَّة موحشًا طللُ) فإن في تقديم الصفة من كونها تابعا إلى كونها مستقلة بنفسها حالا؛ إشارة عناية واهتمام بالصفة في الأصل والاهتمام بها على الموصوف؛ فحالة الإيحاش الظاهرة البارزة على الطلل هي موضع التأثير في نفس الشاعر فقدمها في الذكر مننتصبة في الحال، والحال هنا موضع العناية لديه لا صاحبها، فتأمل.
وبناءعليه؛ إذا أردنا التركيز على الموصوف أتينا بالتركيب على أصله؛ وإذا أردنا مزيد عناية بالصفة قدمناها على الموصوف وقلبناها حالا متقدمة على صاحبها، الذي كان موصوفا في الأصل.
أرأيتم لغة من لغات العالم كهذه في تراكيبها مرونة، وفي معانيها عذوبة، والمعاني فيها ملوك الكلام تسير التراكيب وفق ماتريده، مراعية حالة الخطاب وما يقتضيه السياق، مع إحكام للمعنى من خلال ثراء الإعراب فيها، على نحو دقيق وعجيب!
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين