اقرأ أيضا:
الفقهاء كانوا أكثر وضوحًا وتحديدًا من الفلاسفة في التفريق بين التعريفين، حيث بيَّن ابن رشد والقرطبي وابن تيمية أن الثمن هو المبلغ الذي يدفعه المشتري نظير الحصول على سلعة، أما القيمة فهي ما تم تقويم الشيء به؛ أي أنها بمنزلة المعيار، أو المعادل النقدي للشيء كما يسميه أهل السوق والخبراء اليوم.
وبيَّن الفقهاء أيضًا أن القيمة بهذا المنطق ليست بالضرورة هي الثمن، الذي يتراضى عليه البائع والمشتري في مبادلة أو صفقة معينة، فهذا الثمن قد يزيد عن القيمة أو ينخفض.
وعليه فإن القيمة شيء تفسره الحاجة، بينما الثمن شيء تفسره الرغبة، والحاجة شيء كامن في الكيان العضوي والوظيفي للإنسان كالتنفس والطعام..، وقيمة الشيء هي قدرته على الوفاء بالحاجة، ومن ثم تتفاوت قيمة الأشياء بتفاوت شدة الحاجة إليها، فحاجة الإنسان إلى الهواء (الأكسجين) أكثر إلحاحًا من حاجته إلى الطعام، ولذلك قيمة الأكسجين أكبر من قيمة الطعام.
والثمن هو ما يتحمله المرء من جهد أو نقود أو أي شيء آخر من أجل تحقيق رغبته، والرغبة موطنها النفس البشرية، والنفس قادرة على توليد رغبات تطابق حاجات الإنسان، كما أنها قادرة على توليد رغبات لا تطابق هذه الحاجات، فإذا اشتدت الرغبات أو كثرت ارتفع الثمن والعكس صحيح.
وفي هذا يقول ابن تيمية -رحمه الله-: إن رغبات الناس كثيرة الاختلاف والتنوع، وما كثر طالبوه يرتفع ثمنه بخلاف ما قلّ طالبوه. ويوضح أنه عند كثرة الحاجة وقوتها ترتفع القيمة إلى حد لا ترتفع له عند قلتها وضعفها.
من أرشيف إسلام أون لاين
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين