اقرأ أيضا:
وقد نفى المولى – عز وجل- عن نفسه الغفلة في مواضع متعددة في معجز البيان إذ قال: ( وَمَا ٱللهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُون) ( وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ) فقد نزَّه نفسه عن الغفلة بموجب ربوبيته، وبموجب ألوهيته، فما كان سبحانه ليخلق الخلق ويغفل عنهم ( وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلۡخَلۡقِ غَٰفِلِينَ)
واستعمل البيان المعجز لفظ الغفلة في هذا السياق؛ لأن الغفلة هي عدم إِدْرَاك الشَّيْء مَعَ وجود مَا يَقْتَضِيهِ، من ذلك قوله تعالى ( وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ تَغۡفُلُونَ عَنۡ أَسۡلِحَتِكُمۡ وَأَمۡتِعَتِكُمۡ فَيَمِيلُونَ عَلَيۡكُم مَّيۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ) فترك السلاح مع وجود تربص الأعداء في المعركة غفلة.
لذلك جاء النظم الحكيم ( وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ غَٰفِلًا عَمَّا يَعۡمَلُ ٱلظَّٰلِمُونَ) فما كان -سبحانه- غافلا عن الظالمين مع وجود طغيانهم وظلمهم، الذي تجدد حدوثه بدلالة المضارع( يَعۡمَلُ)، واتسع وعم بدلالة حذف المفعول، ومجيء(يَعۡمَلُ) دون (يَفْعَلُ)؛ ليشمل ذلك كل أعمال الجوارح والقلوب، الصادرة ممن أجرموا وأغرقوا في الظلم، حتى أصبح وصفا ثابتا فيهم بدلالة الاسم ( ٱلظَّٰلِمُونَ)؛ ولكونه الخالق لجميع الكون؛ ناسب ذلك تنزيه نفسه – عز وجل- عن الغفلة بمجيء ( غَٰفِلًا ) لا الفعل ( يَغْفَلُ) في محكم البيان.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين