اقرأ أيضا:
إن لحظة واحدة من الهم والغم تنسي الإنسان كل ما نال من متع الحياة والمؤمنون يعلمون كيف يدفعون هذه المشاعر بل كيف يتجنبونها من الأساس. إن الهم والغم والحزن يصيب الروح ثم تظهر آثاره على الجسد في شكل أمراض تأتي وتذهب أو تبقى ملازمة لصاحبها.
إن الخوف من المستقبل ملازم لهؤلاء وعدم الشعور بالأمن مصاحب لهم فالطمأنينة مرتبطة بذكر الله وهم أبعد الناس عنه {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]
إنه في تنافس غير شريف مع غيره ممن أعرضوا عن ذكر الله، فكلما أصاب أحدهم سعة وحصل على فرصة لم يحصل عليها غيره تقطعت قلوب البقية حقدا وحسدا.
لقد كان الذكر مبينا لكنه اختار العمى فكان عقوبته العمى في الآخرة أيضا.
هذه المعيشة الضنك تشعر صاحبها أنه محاصر لا يستطيع أن يتنفس بينما المؤمنون مهما أصابهم من كرب يوقنون بقوله تعالى {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5، 6]
لقد تعرض المؤمنون لحصار يكاد يخنقهم فهذا موسى عليه السلام مع قومه {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61] إنهم يرون فرعون خلفهم بجنوده وسلاحهم وغيظه وحنقه عليهم، ويرون البحر أمامهم بلا سفن ولا وسيلة للنجاة لكن موسى عليه السلام يرى شيئا آخر يرى معونة الله تعالى التي جعلها لعباده المؤمنين {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62]
ومحمد صلى الله عليه وسلم وهو في الغار مع الصديق، والصديق يقول لو نظر أحدهم تحت قدمه لرآنا قال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما.
وهكذا مهما ضاقت الدنيا بالمسلم فهو يعلم أن الله تعالى عنده السعة وأن الأمر كما يقول جل جلاله {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: 2]
إن الضيق ملازم لأهل الضلال والسعة ملازمة لأهل الإيمان {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125]
إن الضيق ملازم لكل من لم يعرف الله حق معرفته بأسمائه وصفاته فإذا ضاقت عليها الدنيا بما رحبت وضاقت عليه نفسه لجأ للمخدرات أو للسحرة أو لرفقاء السوء عله ينسى أو يجد مخرجا.
إن الضيق ملازم لكل من بحث عن حلول لمشاكله خارج إطار الشريعة يضيع عمره في تجارب بشرية بينما هداية الله تعالى وأهلها ينادون عليه إلى الهدى (آتنا).
إن الضنك ملازم لكل من لم ير إلا الحياة الدنيا، فكلما فاته منها شيء تحسر، بينما عند الله تعالى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر كل ذلك معد لعباد الله الصالحين.
إن الضنك ملازم لكل من لم ير إلا الناس ينتظر منهم الثناء على عمله وتقديم الجزاء المناسب والمكافأة المستحقه، بينما السعة ملازمة لمن يعملون لله ينعمون حين يتقبل الله أعمالهم ويجازيهم عليها خير الجزاء في الدنيا والآخرة، وتنال ذريتهم نصيبا من الجزاء فيحميهم الله تعالى ويفتح لهم أبواب التوفيق.
إن الضنك ملازم لكل من أعرض عن ذكر ربه فمهما كانت أبواب الخير مفتحة أمامه ومهما علا صوت النذير يحذره من الشر لكنه لا يسمع ولا يرى {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10].
كما أن الإعراض عن الله تعالى له عقوباته فكذلك للإقبال على الله تعالى أجوره العظيمة قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ اللَّهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ” [صحيح البخاري]
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى ءامَنُواْ واتقوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بركات مّنَ السماء والأرض} [ الأعراف: 96].
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين