الإمام مالك بن أنس، إمام دار الهجرة وأحد أبرز علماء الحديث النبوي، اشتهر بجمعه وروايته للأحاديث النبوية في كتابه الشهير “الموطأ”. تناول الإمام مالك في هذا الكتاب العديد من الأحاديث التي اعتمدها كمرجع أساسي في الفقه الإسلامي، لكنه ترك العمل ببعضها وفق منهجه الفقهي القائم على أسس علمية متينة. في هذا المقال، نستعرض أحاديث الإمام مالك ومنهجه في التعامل معها، مع تسليط الضوء على الأسباب التي دفعته إلى ترك العمل ببعض الأحاديث

منهج الإمام مالك في التعامل مع أحاديث الموطأ

كان الإمام مالك شديد الحرص على التمسك بالسنة النبوية وتعظيمها. كان من عاداته أنه إذا أراد التحديث اغتسل، وتطيب، ولبس أجمل ثيابه، وجلس بخشوع ووقار. وقد عُرف عنه كراهة الرواية أثناء المشي أو الوقوف. كما اشتهر بتقديسه لأرض المدينة، حيث كان لا يمشي فيها إلا حافيًا احترامًا وتعظيمًا لمكان دفن النبي .

وسئل عبد الرحمن بن مهدي عن الأوزاعي وسفيان الثوري ومالك بن أنس، فأجاب رحمه الله تعالى: ” سفيان عالم بالحديث، والأوزاعي عالم بالسنة، ومالك عالم بالحديث والسنة”.[1]

قلما تحدثت كتب السنة وعلومها عن آداب طالب الحديث إلا وذكرت الإمام مالك مثالًا يُقتدى به في إجلال النبي عليه الصلاة والسلام، وتعظيم سنته، والتمسك بهديه، ولذا سماه الإمام الشافعي بنجم السنن.

هل ترك الإمام مالك العمل ببعض الأحاديث الصحيحة؟

الأصل المقرر عند أهل العلم أنه إذا صح الحديث يجب العمل به، وأنه حجة بنفسه في جميع أبوب الدين بلا استثنى، وأن يُنكَر على منكره أشد الإنكار، لما فيه من عدم الانقياد والتسليم للسنة النبوية، وهي المصدر الثاني للتشريع، وهذا الأصل يجب أن يسلم به كل مسلم فضلا عن أئمة الدين، ما لم يكن هناك مانعا بواحا للعالم فيه برهان ودليل وحجة، وإذا ثبت حديث ثم لم يجر عليه العمل عند أحد من سلف الأمة علم أن في متنه علة مانعة عن جريان العمل، لأنهم أعلم وأعبد منا في فهم نصوص الوحيين.

قال ابن رجب:” فأما الأئمة وفقهاء أهل الحديث فإنهم يتبعون الحديث الصحيح حيث كان، إذا كان معمولا به عند الصحابة ومن بعدهم أو عند طائفة منهم. فأما ما اتُفِقَ على تركه فلا يجوز العمل به، لأنهم ما تركوه إلا على علمٍ أنه لا يُعمل به”[2] ويعني هذا أن ثبوت الحديث لا يستلزم العمل به دائما، لقرائن وملابسات تقتضي الحيلولة.

وقال محمد بن عيسى الطباع:” كلّ حديث جاءك عن النبي عليه الصلاة والسلام لم يبلغك أنّ أحداً من أصحابه فعله: فَدَعه”[3]

ولأبي عمرو داني ملخص القول في منهج أهل السنة في التعامل مع السنة النبوية حيث قال:” والتسليم للسنن، لا تعارض بالرأي، ولا تدافع بالقياس، وما تأوله منها السلف الصالح تأولناه، وما عملوا به عملناه، وما تركوه تركناه، ويسعنا أن نمسك عما أمسكوا، ونتبعهم فيما بينوا، ونقتدي به فيما استنبطوه وبينوه في الحوادث، ولا نخرج عن جماعتهم فيما اختلفوا فيه أو في تأويله، وكل ما قدمنا ذكره فهو قول أهل السنة وأئمة الناس في الفقه والحديث، على ما بيناه”[4]

وقال إبراهيم النخعي:” لو رأيت الصحابة يتوضؤون إلى الكوعين لتوضأت كذلك، وأنا أقرأها إلى المرافق. وذلك أنهم لا يُتهمون في ترك السنن، وهم أرباب العلم، وأحرص خلق الله على اتباع رسول الله عليه السلام. فلا يظن ذلك بهم أحدٌ إلا ذو ريبةٍ في دينه”.[5]

وكان عمر بن عبد العزيز يجمع الفقهاء ويسألهم عن السنن والأقضية التي يعمل بها فيثبتها، وما كان منه لا يعمل به الناس ألغاه وإن كان مخرجه من ثقة.”[6]

قال ابن أبي ليلى:”لا يتفقه الرجل في الحديث حتى يأخذ منه ويدع منه”.[7]

ولما سئل ابن الماجشون: لم رويتم الحديث ثمّ تركتموه؟، قال: لِيُعلَم أنّا على عِلم تركناه”[8]

وقف عند هذا الأثر موقف متدبر متأمل، وفكر في قوله:”ليعلم” اللام هنا لام التعليل والسببية ذات المقصد.” رويتم … تركتموه …أنا…. تركناه” الإتيان بصيغة ضمائر الجمع في موضعي السؤال والجواب يفيد أن ترك العمل بالحديث أحيانا أمر معهود من هدي أئمة السلف. ” على علم تركناه ” لا عن الجهل.

والحق أن هذا المبحث ينبغي أن يصرف له مزيد العناية والاهتمام لكي يحظى النص الشرعي بحقه ومستحقه، وكذا ينبغي الحذر من التسرع لإلحاق التخطئة بأهل العلم الراسخين والحمل عليهم بدعوى إعراضهم عن الأخذ بالحديث الصحيح دون تريث البحث عن البواعث، مع العلم بأنه لن يتم إعطاء النصوص حقها اللائق إلا باتباع منهجهم في النظر إلى النص أو الحديث بما ترافقه من المعاني والدلالات والمؤثرات الداخلية والخارجية.

وانظر ما قاله الإمام الذهبي عن عبد العزيز الداركي الشافعي:” وكان ربما يختار في الفتوى، فيقال له في ذلك، فيقول: ويحكم! حدث فلان عن فلان، عن رسول الله بكذا وكذا، والاخذ بالحديث أولى من الاخذ بقول الشافعي وأبي حنيفة.

ثم قال الإمام الذهبي معقبا: هذا جيد، لكن بشرط أن يكون قد قال بذلك الحديث إمام من نظراء هذين الامامين مثل مالك، أو سفيان، أو الاوزاعي، وبأن يكون الحديث ثابتا سالما من علة، وبأن لا يكون حجة أبي حنيفة والشافعي حديثا صحيحا معارضا للآخر. أما من أخذ بحديث صحيح وقد تنكبه سائر أئمة الاجتهاد، فلا، كخبر: ” فإن شرب في الرابعة فاقتلوه.”[9]

وينصح مراجعة ما حرره أبو العباس ابن تيمية في كتابه “رفع الملام عن أئمة الأعلام” وفيه إضاءات نافعة في هذا الباب.

الأسباب التي دفعت الإمام مالك إلى ترك العمل ببعض الأحاديث

يعد الإمام مالك من أئمة أتباع التابعين المكثرين في الرواية وممن يدور عليه الأسانيد والروايات بالكثرة، وقد روى وكتب بيده مائة ألف حديث، ولم يكن يروي إلا عن ثقة، ولم يكن ممن يحدث بكل ما روى أو سمع. 

‏وقال ابن مالك:” لما دفنا مالكا دخلنا منزله فأخرجنا كتبه فإذا فيها سبع صناديق من حديث ابن شهاب ظهورها وبطونها ملأى، وعنده فناديق أو صناديق من كتب أهل المدينة فجعل الناس يقرأون ويدعون ويقولون: رحمك الله يا أبا عبد الله، لقد جالسناك الدهر الطويل فما رأيناك ذاكرت بشيء مما قرأناه”[10]

ولا يعد عدم بث جميع مروياته من قبيل كتمان العلم حاشا وكلا، وإنما فيه دليل على بعد نظر الإمام وفقهه في سياسة نشر العلم، وعلى هذا المنهج الأصيل ربى تلاميذه لأنه هو المسلك الذي سار عليه السلف الصالح قبله.

يقول ابن وهب: لولا أن الله أنقذني بمالك والليث لضللت.

فقيل له: كيف ذلك؟

فقال: أكثرت من الحديث فحيرني، فكنت أعرض ذلك على مالك والليث، فيقولان: خذ هذا، ودع هذا.[11]

قال عبد الرحمن بن مهدي: وليس بإمام من حدث ‏بكل ما سمع، وحدث عن كل ما لقي، ويجيب بكل ما يسأل ‏عنه، وحدث كل من سأله.[12]

هل يُنتقد الإمام مالك بسبب ترك العمل ببعض الأحاديث؟

على أنه قد يتملكنا الاستغراب للوهلة الأولى حينما نرى ثلة من الحديث الثابت لم يأخذ بها الإمام مالك مع علمه بها ورايته لها في كتابه، وربما يزيد التعجب والحيرة عندما نقرأ كلام ابن حزم:” أحصيت ما في الموطأ لمالك… وفيه نيف وسبعون حديثا، قد ترك مالك نفسه العمل بها”[13]

ومن قبله قول تلميذه الوفي الإمام الشافعي:” قدمت مصر، ولا أعرف أن مالكا يخالف من أحاديثه إلا ستة عشر حديثا، فنظرت، فإذا هو يقول بالأصل ويدع الفرع، ويقول بالفرع ويدع الأصل”[14]

وهذه عقدة صعبة، بل قال صديقه الوفي الليث بن سعد:” أحصيت على مالك سبعين مسألة وكلها مخالفة لسنة الرسول ”[15]

وأنكر عليه بلديه ابن أبى ذئب تركه العمل بظاهر حديث “البائعين بالخيار” حتى قال باستتابة مالك وإلا ضربت عنقه، مبالغة في الانكار ولما بينهما من كلام الأقران.

لا ينبغي لمن وقف على مثل هذه النقول أن يتكأ عليها للحط من منزلة الإمام مالك دون التدبر وتحسين الظن كما هو شأن الأحداث والمتعالمين والمستعجلين، خلافا لكبار الأئمة أمثال الليث بن سعد والشافعي الذين لا يتخذون ملاحظاتهم الاجتهادية سبيلا لطعن في الإمام مالك، ولذا وصف الإمام الذهبي كلام ابن أبى ذئب في مالك بكلام قبيح، وأنه كلام الأقران فلا يعول عليه بل يطوى.

وشاهد، أن مالكا قد نالت رتبة الإمامة في الرواية والدراية والاجتهاد بلا نزاع، وقد يظهر له دليل ونظر صائب في التعامل مع النص ما لم يظهر لغيره، ولذلك، من دقق وحقق البحث في هذا النكت جيدا يندفع عنه ما جاء عن الإمامين ابن سعد والشافعي، وبندفع الاستغراب أيضا.

ومثلا لما استأذن الإمام سفيان بن عيينة الإمام مالك بالدخول وهو قادم من مكة لزيارته فقال مالك:” رجل صاحب سنّة، أدخلوه”: فدخل، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته “فردوا السلام، فقال: سلامنا خاصّ وعامّ، السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته”

فقال مالك:” وعليك السلام يا أبا محمد ورحمة الله وبركاته، وصافحه مالك، وقال: يا أبا محمد، لولا أنها بدعة لعانقناك.

فقال سفيان: قد عانق من هو خير مني ومنك النبي صلّى الله عليه وسلم فقال مالك:  جعفر؟ قال: نعم 

قال: ذاك حديث خاص يا أبا محمد، ليس بعام فقال سفيان: ما عم جعفرا يعمنا إذا كنا صالحين، وما يخصه يخصنا” الخ[16]

 سبحان الله! ما ألطف الحوار والمباحثة! وما أحسن عبارات تقعيدية، عام وخاص، وما أجمل مجالس أهل العلم.

ولم يأخذ مالك بحديث جعفر رضي الله عنه، لأنه واقعة العين، وما وقع مصادفة فإنه لا يعد تشريعا عاما، ولم يجر عليه العمل.  

ولما استفتي الإمام في مجلس آخر عن تعانق الرجلين إذا قدم من سفر. قال:” ما هذا من عمل الناس”[17]

ورجع أبو محمد ابن عيينة إلى مكة صافي القلب دون أن يحمل في نفسه تجاه مالك، بل لا يزال يجله ويعترف له بالإمامة والقدوة، ويرى أنه لم يكن يتوقف أو يترك العمل بظاهر الحديث إلا بمسوغ شرعي وبمنهجية علمية معتبرة. 

وقارن هذا الموقف بموقف آخر مع الإمام مالك حيث روي أن رجلا – يبدو أنه ليس من طلاب العلم – قال له: “لم رويت حديث (البيعان بالخيار) في الموطأ ولم تعمل به؟

قال له مالك: ليعلم الجاهل مثلك أني على علم تركته”

وقال آخر: “يا أبا عبد الله هل عرفت حديث البيعان بالخيار؟

قال له: نعم، وأنت تلعب مع الصبيان في البقيع”.[18]

قال لهما ذلك تقريعاً وتأنيباً وتأديبا.

وبالجملة؛ فلا يظن بمالك إمام دار الهجرة بمنابذة الحديث النبوي الصحيح، ولا يثرب عليه بمجرد تركه العمل بموجب الحديث دون التريث والتعقل، والإمام مالك أغير على السنة وعلى تبليغها من كل من ظن به السوء بترك السنن، وكان بمشربه السلفي الأثري من أكثر الناس فهما لدلالات الحديث وملابساته، وأعرف الناس بمقاصده وتأويله ومواضع استعماله.

أمثلة على أحاديث الإمام مالك التي لم يعمل بها

هناك مجموعة من الأحاديث رواها الإمام مالك في الموطأ ولم يأخذ بظاهرها، لأسباب منها:

الاعتماد على عمل أهل المدينة

كان معيار قبول الحديث أو رده وفق عمل أهل المدينة أصل أصيل واسع، وقاعدة اعتمدها الإمام مالك بشبه كامل كي ينتظم له معالم منهجية فقه الحديث.

قال الشاطبي في الموافقات:” ولما أخذ مالك بما عليه الناس وطرح ما سواه، انضبط له الناسخ من المنسوخ على يُسْرٍ”.[19]

وقد استفاد مالك هذا المنهج من طول خبرته بتراث السلف من الصحابة والتابعين، وجاء عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قوله:” أحرج بالله عز وجل على رجل روى حديثا العمل على خلافه.”[20] وروي نحوه عن أبى الدرداء وزيد بن ثابت وسعيد بن المسيب وغيرهم.

ومما رواه مالك في الموطأ وحكى أن العمل على خلافه:

  1. حديث خمس رضعات
  2. حديث رضاع الكبير
  3. حديث صلاة النبي على القبر
  4. حديث الصلاة على الجنازة في المسجد
  5. حديث حمل أمامة في الصلاة
  6. حديث نزول عمر من المنبر لسجدة التلاوة

معارضة الحديث لدليل أقوى

وهذا النوع أحاديث ردها الإمام مالك من جهة المعنى لمعارضته لدليل أقوى منه

مسألة سؤر الكلب

عن أبي هريرة، أن رسول الله قال: «إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات»

ذهب كثير من أهل العلم إلى غلظة نجاسة لعاب الكلب ووجوب غسل الإناء سبع مرات بناء على هذا الحديث، وأما الإمام مالك فقد رأى خلاف ذلك، ويرى لعاب الكلب طاهرا والغسل تعبدا، ولذا قال في مسألة غسل الإناء من ولوغ الكلب:” قد جاء هذا الحديث ولا أدري ما حقيقته”

وقال ابن عربي:” لأن هذا الحديث عارض أصلين عظيمين:

أحدهما قول الله تعالى {فكلوا مما أمسكن عليكم} قال مالك: يؤكل صيده فكيف يكره لعابه.

والثاني: أن علة الطهارة هي الحياة وهي قائمة في الكلب.[21]

مسألة سفر المرأة من دون ذي محرم

روى في الموطأ حديث: “لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر. تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها”

أفاد ظاهر الحديث تحريم سفر المرأة من غير محرم مطلقا، وبه قال غير واحد من أهل العلم، ولكن المشهور عن الإمام مالك جواز سفر المرأة إلى الحج من غير محرم إذا كانت في الرفقة المأمونة من الرجال والنساء، لعموم الآية الآمرة بوجوب الحج على كل مستطاع بما فيه المرأة {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران:97]، وأطلقت ولم تشترط ذا محرم في حق المرأة المستطيعة، وتمسك الإمام مالك بوضوح الآية وإطلاقها ولم يقيدها بهذا الحديث مع علمه به.

التأويل القياسي

وهو ما تأوله من ناحية القياس مثل:

مسألة نضح بول الصبي

روى في الموطأ حديث أم قيس بنت محصن، أنها أتت بابن لها صغير – لم يأكل الطعام – إلى رسول الله ، فأجلسه في حجره، فبال على ثوبه، فدعا رسول الله بماء، فنضحه ولم يغسله.

وقال مالك: يُغسل بول الغلام والجارية وإن لم يأكلا الطعام[22] قياسًا على غائطه.

وقيل: فقد قال مالك: هذا ليس بمتواطئ عليه، يعني على العمل به، فلا ينبغي أن يعدل عن الأصل بمثل هذا، ويحمل قول النبي في الرش وفي النضح، النضح الذي هو كالغسل.[23]

التأويل من جهة العلة

وهو ما تأوله الإمام مالك من الأحاديث من خلال التقيد أو التخصيص

مسألة طهارة جلود الميتة إذا دبغت

روى في الموطأ حديث عبد الله ابن عباس، أن رسول الله ، قال:” إذا دبغ الإهاب، فقد طهر”

المشهور عن مالك تقييد ظاهر الحديث بالأشياء اليابسة، أي جواز استخدام جلود الميتة التي دبغت في كل شيء يابس دون المائعات. 

التأويل من جهة السياسة الشرعية

روى مالك في الموطأ حديث: “من قتل قتيلا، له عليه بينة، فله سلبه”

وسئل عمن قتل قتيلا من العدو، أيكون له سلبه بغير إذن الإمام؟

فقال: لا يكون ذلك لأحد بغير إذن الإمام. ولا يكون ذلك من الإمام إلا على وجه الاجتهاد. ولم يبلغني أن رسول الله قال: «من قتل قتيلا فله سلبه»، إلا يوم حنين. انتهى كلام إمام دار الهجرة.

خاتمة: ماذا نتعلم من منهج الإمام مالك؟

إن دراسة منهج الإمام مالك في التعامل مع الحديث النبوي تكشف عن عمق فقهه وحرصه على تحقيق مقاصد الشريعة. تركه العمل ببعض الأحاديث لم يكن خروجًا عن السنة، بل اجتهادًا علميًا مبنيًا على أسس منهجية واضحة. يظل الإمام مالك قدوة عظيمة في التمسك بالسنة والتدبر في تطبيقها.