لقد كان حال أمهات المؤمنين ونساء أهل البيت في رمضان من حال النبي ﷺ، فقد تعلمن من رسول الله ﷺ أن رمضان شهر عبادة وطاعة وقربى من الله تعالى، فكن يكثرن من الطاعات، ولا يهتممن كثيرا بشؤون البيت ولا بكثرة طعام ولا شراب ونحو ذلك مما يشغل كثيرا من الأسر في عصرنا الحالي.
لقد أضحى الغالب الأعم عند الناس أن شهر رمضان عندهم هو شهر الطعام والشراب و (العزومات)، وأن ميزانية الأسرة تتضاعف قرابة ثلاثة أضعاف أكثر مما هي عليه في غير رمضان، وهذا مخالف لهدي بيوت نساء النبوة في رمضان.
ومن أهم الأعمال التي كانت نساء النبي ﷺ يفعلنها في رمضان، ما يلي:
العناية بصلاة التراويح وقيام الليل: فقد كانت نساء النبي يتحركن وسط النساء بالدعوة والوعظ والعمل الصالح، ويعلمن النساء الصلاة في رمضان تطوعا، فضلا عن محافظتهن – رضي الله عنهن- على الصلاة المفروضة في أول أوقاتها، حتى يكن قدوة للمؤمنات، بل كن يصلين بالنساء أحيانا في صلاة التطوع ليلا، ففي الآثار لأبي يوسف عن عائشة رضي الله عنها “أنها كانت تؤم النساء في رمضان تطوعا، وتقوم في وسط الصف”، وكن أحيانا يجعلن عبيدهن يؤمهن بالصلاة، كما كانت تفعل عائشة – رضي الله عنها- فقد أخرج البخاري أن عائشة – رضي الله عنها كان يؤمها عبدها ذكوان من المصحف، وذلك لأنه لم يكن يحفظ القرآن.
وقد كان النبي ﷺ يجمع نساءه وبناته فيصلي بهن صلاة الليل.
قراءة القرآن والذكر: فقد كانت أمهات المؤمنين يشغلن أنفسهن بكثرة قراءة القرآن في رمضان، كيف لا ورمضان هو الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وقد كن يختمن القرآن أكثر من مرة في الشهر، ويجتهدن في القراءة ما لا يجتهدن في غير رمضان.
كما كن يكثرن من ذكر الله تعالى خاصة في هذا الشهر الفضيل أكثر من غيره.
كثرة الصدقة: ومن أشهر أعمال أمهات المؤمنين في رمضان كثرة الصدقة، وكان من أكثر من اشتهر بالصدقة منهن زينب بنت جحش – رضي الله عنها- فقد كانت تجيد دبغ الجلود وصناعة بعض الأشياء، وتتصدق بثمنها على الفقراء خاصة في رمضان، كما اشتهرت عائشة – رضي الله عنها- بكثرة الصدقة، وهو أمر مشتهر في جميع أمهات المؤمنين.
كثرة الدعاء: وقد كانت أمهات المؤمنين يكثرن من الدعاء خاصة في رمضان أكثر من غيره، وكن يجتهدن أن يدركن ليلة القدر.
نشر العلم: ومما يحفظ عن أمهات المؤمنين أنهن كن ينشرن علم رسول الله ﷺ للمؤمنين والمؤمنات خاصة في رمضان، وما يتعلق به من أحكام، فروين عنه كثيرا من أحكام الصيام، ونقلنها للناس.
وأما في الأيام التي كن يحضن فيها، فلم تكن أمهات المؤمنين يصمن، ولا يصلين ، لكن كن يشغلن أنفسهن بالذكر والدعاء والصدقة وفعل الخيرات.
زيارة النبي في معتكفه: وقد كانت أمهات المؤمنين – رضي الله عنهن- يزرن النبي ﷺ في معتكفه ليلا، يطمئنن عليه، فقد أخرج الشيخان عن علي بن الحسين – رضي الله عنهما – أن صفية زوج النبي – ﷺ – ورضي الله عنها – قالت: كان النبي – ﷺ – معتكفا، فأتيته أزوره ليلا، فحدثته ثم قمت لأنقلب، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي – ﷺ – أسرعا، فقال النبي – ﷺ «على رسلكما، إنها صفية بنت حيي» فقالا: سبحان الله، فقال: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا».