في مثل هذا اليوم – 12 ربيع الأول – أطلت شمس الإيمان على الإنسانية، أشرقت بأنوارها على الكون كله، وامتدّت تلك السلسلة إلى السماء، فرح الكون كله بهذا الميلاد الجديد، وكانت إيذانا للبشرية بدخول عهد إنساني جديد، عهد يتحرر فيه الإنسان من قبضة الإنسان، وتعلو قيم التَّقوى و الرُّوحانية فوق أية قيم ؛ ويسمو الإنسان على حياته ليعانق المطلق ويعيد وصل العلاقة مجددا مع التعالي.

إن ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، تذكيرا للإنسانية بهذا النور الخالد، يتذكر الإنسان كينونته وذاكرته اللاّشعوية الروحية، إن هذا الميلاد هو إيذان بالإنسان الأخلاقي المعنوي، الإنسان الذي يتحرر من هيمنة  طاقته الحيوية عليه ودوافعه الغذائية و التناسلية و التملكية، وتصبح هذه الطاقة في تحكم وتوجيه من قبل الطاقة الروحية، بما هي القوة التي تتكون بها العلاقات المشتركة لكي يشرع المجتمع في مخاض ميلاد جديد. ميلاد جديد تتركز فيها الأشياء و الأشخاص نحو الأفكار التي ترسم غاية جديدة للإنسان، غاية تنطلق وكلّها جمالية بحب الوجود، والعيش بحب مع الوجود، لكي تعيش الذات معنى الوجود الحقيقي الأبدي الدائم .

إن ميلاد نبي الإسلام يعني الكثير بالنسبة لإنسان اليوم، الإنسان الذي تستحوذ عليه دوافعه الحيوية من جديد، الإنسان الذي بدأ يفقد مبررات وجوده، الإنسان الذي يعبث وينفق لأجل هذا العبث، الإنسان الذي دب الشقاء إلى نفسه، وملأها ضيقا وألما… هذا التذكير بالميلاد من جديد تحريك للإنسان وإيقاظ له من صفة الغفلة والذّهول عن الدور في هذا العالم والتأثير فيه… الإنسان الأخلاقي ممكن و بل هو واجب.. واجب بما يلزم هذا العالم من تيه وجودي واستحواذ للغريزة على الإنسان من جديد… استحواذ أظلم فيه الوجود، وعسعس فيه الفقدان للمعنى ولقلق الكينونة…. إننا لهذا اليوم العزيز على الإنسانية حقيق علينا وجدير بنا الاحتفاء بهذه الذّكرى التي هي تذكير بالميثاق الأصلي بين الإله و الإنسان، وهنا يقول عبد الحميد ابن باديس “فلنجعل يوم ولادته من كل عام نعزم فيه على تجديدنا تجديدا روحيا وعقليا وأخلاقيا وعمليا وتاريخيا، تجديدا إسلاميا محمديا في جميع ذلك. لنولد في عامنا الجديد ولادة جديدة، وهكذا نُجدّد ونتجدّد في كل ذكرى مولد، علينا أن نتفقّد عقائدنا وأخلاقنا وأعمالنا ونعزم فيما اندثر  على التَّجديد، ولنعين بعضها ولنجعله على الخصوص محل العناية الكبرى بالتّجديد منا، حتى نحاسب أنفسنا عليه في الذكرى الآتية ” عبد الحميد بن باديس،  مجالس التذكير، ص 297.

  من هنا فإنّنا سنحاول  أن نتحدّث في الذّكرى العزيزة على الإنسانية  على ضوء الكلام في دواعي هذا الاحتفال وفي الصّلة الممكنة التي تكون بين هذه الاحتفالية وبين واقع الأمة الإسلامية اليوم، وحاجات الإنسانية  وكيف تكون لهذه الذّكرى العزيزة على قلب الإنسانية كلها دليل عمل جديد، ونفحة من النَّفحات التي تنهض الهمم وتقوّي الإرادات وتغسل القلوب من جديد بماء الحياة ونسغ الارتقاء، لأنه وكما تطالعنا علوم الإناسة ” الأنثربولوجيا”، من أن إعادة إحياء الرُّموز الثقافية التَّاريخية وبعث الحياة فيها، يجدّد الإرادة ويلهب الحماسة في القلب، فالعودة إلى مناطق الإضاءة في الماضي الثَّقافي، والشواهد المُثلى، التي جسّدت الرّسالة وقيمها في الحياة، ليس كما يتوهَّم البعض من أشباه المتعلّمين عودة إلى الرّجعية وانكفاء على الماضي التاريخي، كلا . إن إحياء هذه الذكرى لها أكثر من فائدة وقيمة، إنها تذكير بضرورة تجديد الذّات وفق الشاهد الأمثل، وتجديد الإيمان بالقيم العليا، وإعادة المواشجة بلحظة الصّفاء الأولى، وعودة إلى إنسان الفطرة الإلهية، بما هي أي “الفطرة الإلهية  ” جملة  من المعاني المُثلى التي أودعت في روح الإنسان والتي تصله بأفق يتجاوز طاقة الواقع، وتجعله يتشوَّفُ إلى أن يراها متحقّقة في أفعاله حتى ينتفع بها؛ أو قل إن الفطرة عبارة عن قيم عملية ذات أصل روحي في مقابل الغريزة التي  هي عبارة عن وقائع سلوكية ذات أصل مادي”ّ[2].

من أجل هذا، فإنه من  الأقوى لنا التّذكير  بهذه الذكرى التي لا تخص المسلمين وحدهم، إنما تشاركنا الإنسانية جميعا بهذه الاحتفال، وذلك لمجيء هذا النور الذي بدَّد ظلُمات الجهل والاستبداد وأنار العالم من جديد بأنوار الحق والإيمان، ودمَّر الطبقات التي أنشأتها الثقافة الإنسانية المنفصلة عن التَّسديد الإلهي، وأحل محلّها شريعة العدل والنُّور، لذلك وكما يقول أحد الفلاسفة،  أن الإنسانية اليوم في حاجة إلى أسد الصّحراء حتى يزأر من جديد ويعيد للعالم قيمته الضّائعة،  وبالنسبة للمجتمعات الإسلامية فحاجتها مضاعفة  إلى هذا النُّموذج القرآني،  طالما أن الطريق الأقوم للخروج من أزمة الأمة الإسلامية هو ” تكوين نخبة جديدة تفكر وتشعر إسلاميا، هذه النخبة سترفع راية النّظام الإسلامي مع الجماهير المسلمة، وتتخذ الخطوات العملية لتطبيقه كما يقول علي عزت بيجوفيتش.

1.   من  إحياء ذكرى مولده إلى استثمار محبته عليه السلام

من المعلوم في قوانين التغير الحضاري وبناء عوالم الإنسان الثقافية، أن المهمات الكبرى التي تتغيّر تبعا لها البشرية لا يقوم بها إلا العظام من النّاس، ذوو الهمم العالية والاستعدادات الكبيرة، وكما يقول الإمام عبد الحميد بن باديس ” لا يقوم بالعظائم إلاَّ العظيم من الناس” … والرُّسل هم طليعة التغيير الحضاري عبر التاريخ، لأنهم يمثلون ذروة الكمال الإنساني في شخصيتهم البشرية، وشخصيتهم الرّسالية، أعدهم الله سبحانه وتعالى وسدّد حركتهم في الحياة، وعصمهم من ذاتية الهوى والانصياع للأعراف والتقاليد المنحرفة، وارتقى بهم درجات فوق حضيض المقاييس والقيم العرقية والفئوية والطبقية، لتقويم الواقع الإنساني، والارتفاع به إلى مستوى النضج الحضاري المساعد على الانفتاح البصير، على سنن الله في الآفاق والأنفس والكتاب، معرفة وتفاعلا “[3]، وهذا هو سر اجتذاب شخصية النبي صلى الله عليه وسلم من لدن الكثيرين بخاصة الغربيين منهم.

 فـ ” مما لاشك فيه أن شخصية النبي صلى الله عليه وسلم بكمالها الإنساني وجمالها الظاهري والباطني، المادي والمعنوي قد اجتذبت الملايين من المشرق والمغرب، مسلمين وغير مسلمين… فأكبوا عليها دراسة وبحثا، وجمعا وتأليفا، واقترن ذلك لدى المسلمين بالتعلق والمحبة والوداد، والتماس البركة والإمداد، بالنّظر إلى أن حقيقته صلى الله عليه وسلم تفوق ويجب أن تفوق ما يتصوره غيرهم ممن أعجبوا به صلى الله عليه وسلّم، فهؤلاء حينما أعجبوا بالنبي صلى الله عليه وسلم تصوروه عبقريا فذا وبطلا من الأبطال العظام، لكنه بقي في نظرهم شخصا لا يتعدّى إطار البشرية، ولا يخرج عن جنس الأبطال وإن سما فوقهم وتعدّاهم”[4].

لكن وبالرغم من قيمة هذا الإعجاب ودوره في تقليص حجم الأقوال الطاعنة والمُسيئة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنها تلزم الحياد، والمقصود بالحياد هنا، الإعجاب الرومانسي والإشادة الأدبية، من غير أن يكون هناك تأسّي بهذه الشَّخصية النَّبوية في خصالها المحمودة و آدابها الرفيعة الجمّة،  أو تحويل هذا الإعجاب إلى سلوك عملي وقيمة توجيهية تخرج إنسان اليوم من ضيق العبثية واللاّمعنى إلى مقاصد الغائية والقيمة.

إن هذا الإعجاب الرومانسي بشخصية النَّبي صلى الله عليه وسلّم قريب من مفهوم ” المحبّة” التي أوصى بها النَّبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بها، في قوله ” لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين”.

لكننا نحن المسلمين في هذا الاحتفال يكون الداعي الأول هو ” المحبّة في صاحبها ” أي محبة النبي صلى الله عليه وسلم له.  لأن الشيء ” يُحب لحسنه أو لإحسانه وصاحب هذه الذّكرى قد جمع على أكمل وجه، بينهما. فله من الحسن ما كان به أكمل الناس حتى اضطلع بالقيام بأعباء ما جاء به ويعرف ذلك الكمال من درس أي خلق من أخلاقه وأي يوم من أيامه. وله من الإحسان ما أنقذ به البشرية وكان رحمة خاصة وعامة، وعم الإنسانية جمعاء “[5].

إلا أن هذه المحبة وحدها تكون غير كافية، لأن الوفاء للنبي صلى الله عليه وسلم يقتضي من الإنسان المسلم استثمار تلك المحبة، وهذه هي الغاية من تجديد ذكراه في قلوبنا،  ” لأن محبتنا فيه تجعلنا نحب كل خلق من أخلاقه وكل عمل من أعماله ففي ذكريات مولده نذكر من أخلاقه ومن أعماله ما يزيدنا فيه محبة ويحملنا على الاقتداء به فنستثمر تلك المحبة بالهداية في أنفسنا، ونشرها في غيرها تلك الهداية التي لا يسعد العالم سعادة حقة إذا تمسّك بها [6]، وبها التخلّق و المحبة والاقتداء  بالنبي صلى الله عليه وسلم يجُنّب الإنسان المسلم سلوكه العملي من آفات أخلاقية كثيرة منها :

أ‌.  آفة الجمود : [ومدارها الإجمالي] أن الأمة قد تكتفي في تخلّقها بالقيم التي بذلت جهدا في تطبيقها، ولا تتطلّع إلى قيم خلقية أفضل منها، فيجمد تخلّقها على حال واحدة، ولا يتقلّب في أحوال يكون لا حقها أفضل من سابقها.

ب‌. آفة الانفصال : أن تخلّق الأمة،  متى طال جموده، يصير إلى قطع صلته بالقيم العملية التي كان تطبيقا لها، بل يجاوزه إلى الانقطاع عن الأصول الأولى التي أُخذت منها هذه القيم .

ت‌. آفة الانحطاط : أن التخلّق الجامد ينزل من مرتبة التصرّف المكتسب بطريق التعامل التعارفي بين الأمم، إلى مرتبة العادات الاجتماعية، بل الطّباع السلوكية؛ إذ يُنسى أصله التَّعارفي، ويؤخذ فيه بأسباب العمل التعاوني ” [7]

لكن ما الأركان الأساسية التي تلوح قيمتها للإنسان المسلم عندما يستخرجهما من حياته وشريعته صلى الله عليه وسلّم ؟

    برأي الإمام عبد الحميد بن باديس أن الرُّكنيين الأساسيين في حياته وشريعته واللّذين من الأقوى استجلابهما هما : الرّحمة، والقوة. ومُسوّغ هذين الرُّكنين أنهما الأصل الذي تفرّعت عليه الأخلاق الأخرى، وما سادت الشريعة الإسلامية بين أمم العالم إلا بفضلهما أي بفضل: الرَّحمة والقوة، لأن الضّعيف مَغلوب والقاسي مبغوض، والله سبحانه وتعالى يقول ” فَبِما رَحمْة من الله لنت لهم ولو كنت فظَّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك ”  وهذا يفيد أن أن القلوب لا تجتمع إلا على من كان رفيقا، رحيما، ليّنا، وأنّها لا تقبل على صاحب القلب القاسي وإن بلغ ما بلغ من العلم والجاه “[8] فبقي إذن أنه لا يملك زمام الناس إلا القوي الرَّحيم.

2.   مبدأ رحمته ومظاهرها

إن رحمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، فضلا عن أن مصدرها الأول هو الله سبحانه وتعالى بما وهبه من فيض إلهي وعطاء ربَّاني تقصُر إرادة العباد عن إدراك كنهه، فإن ثمة طبيعة التّنشئة الاجتماعية التي تعجن الإنسان وتخط في بنيته التَّكوينية النَّفسية والفكرية خطوطها، ونبي الإسلام كما هو معلوم كان منشؤه اليُتم الذي أورثه بدوره الرّقة في القلب والإحسان في العمل والرحمة بالناس واللُّطف بهم، ففرق كبير بين من عاش اليتم ومن سمع عن اليتم، ففقدان عواطف الأبوة والأمومة مشاعر ذوقية فردية جعلت من النبي صلى الله عليه وسلّم يبُصر في الإنسانية جميعا أنّها يتيمة تحتاج على من يَكْفُلُها ويحافظ على توازنها ويأخذ بمجامع ذاتها نحو الارتقاء والتعبيد لله سبحانه وتعالى .

هذا، وإن من مظاهر رحمته أنه عندما أدمي ساقه، وشج وجهه، وكُسرت رباعيته وهو يقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، وقال تعالى في رحمته بمن أرسل إليهم ” لعلّك باخع (قاتل) نفسك ألاّ يكونوا مؤمنين” وكان كما قال تعالى ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.

3.   مبدأ قوته ومظاهرها

لا ننكر أيضا أثر الإطار الاجتماعي الذي نشأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم في بنائه وعظمته، فهو كان يرى هيبة مجالس جده عبد المطلب، فأورثه العزة والشرف والكرم،  ” وكانت قوته أيضا في تحمل أعباء الرسالة وتبليغها للخلق، قوة أدبية وقوة حربية. فمن الأولى ثباته في مواقف التبليغ . كقوله لعمه أبي طالب – وقد فهم منه أنه ضعف عن نصره وأنه مسلمه -: ” ياعم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته”.

ومن الثانية في ميادين القتال ومواقف البأس كما ولى عنه الناس يوم حنين – وهو يقول راكبا على البغلة التي لا يركبها إلا من لا يفر -: ” أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب). معلنا مكانه مظهرا نفسه أمام الأعداء الآتين من كل صوب”[9].

ورب متسائل يقول كيف أن القوة هي مبدأ من مبادئه وهو نبي الرّحمة، والإشادة بهذا المبدأ مؤداه فتح المجال لأولئك الذين لا يبصرون من الميراث النبوي إلا ” نصرت بالرّعب ” وأن الإسلام انتشر بالسيف؟

إننا لا ننكر كيف تؤثر القوَّة في تجسيد القيم في الحياة، وتصنعها وفق مقتضياتها، لأنك عندما تمتلك ” القوة في الحياة،  معناه… أن تكون نفسك لا غيرك، وأن تمسك بزمام الحياة في عملية إدارة وقيادة، أن تعطيك الحياة طاقتها وثرواتها، لتسخرها كما تريد،  وتفجرها، كما تشاء، وتضعها كما يروق لك.

 أما أن تفقد القوة فتكون ضعيفا،  تفقد القدرة على الصراع وعلى الحركة، فمعناه أن تكون صورة غيرك، وظلّه كمثل الشيح الذي يبدو ويزول… ذلك هو منطق الحياة المتحرك. عندما تفقد القوة كإحدى القيم الكبيرة الفاعلة، في شمول المعنى الذي تملكه الكلمة، ليتسع للحياة كلها… والعكس هو الصحيح، أما في حالات الضعف،  فإن الحياة تبدأ في الإنهيار والتراجع إلى الخلف، أما الطاقات فإنها تتضاءل وتنكمش، وتتجمد في النّطاق الضيّق داخل الذّات فيما يشبه الاختناق والشّلل”[10]

إن هذين الركنين أي ركن القوة والرحمة هي التي أورثته صلى الله عليه وسلم الصّدق و الأمانة والعدل، فأضحى معروفا بين قومه بهذه الصّفات، يقول الإمام عبد الحميد بن باديس ” ولو تتبّعت أصول شريعته وفروعها وآدابها لوجدتها كلّها مبنية على أساس الرحمة والقوة، فليس من الإسلام ذلك التماوت وذلك التَّمسكن الذي يتظاهر به بعض الناس. وقد قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- وقد رأى قوما من هذا الصّنف : (لا تميتوا علينا ديننا أماتكم الله)، وقالت عائشة رضي الله عنها وقد رأت قوما يتماوتون في مشيهم من هؤلاء؟ فقيل لها قوم من القرُّاء، فقالت : ( لقد كان عمر سيّد القراء وكان إذا مشى أسرع، وإذا تكلَّم أسمع، وإذا ضرب أوجع “[11].

فلنجعل إذن، هذه الذّكرى العزيزة على قلب الإنسانية جميعا دورة من دورات تجديد الإرادة وتفعيل قيم الإيمان، وبعث الحياة في النَّموذج الأمثل على تنزيل القيم في الحياة، وتجديد الثقة من جديد يصحَّة وصلاحية النّظام القيمي الإسلامي،  بعد أن هيمنت قيم الإنسان ذو البعد الواحد، وثقافة الإنسان مقياس الأشياء جميعا، إن روحانية الرسول صلّى الله عليه وسلّم روحانية من المقام السّامي وأشواقه الإيمانية من النّموذج الحي، تجعل لمن يروم الاقتداء بها حياة طيّبة وروحانية موصولة أو متصلة بعالم الملكوت الإلهي، ومقام القداسة العظمى.

إن الله سبحانه وتعالى، هو مقياس الأشياء جميعا وليس الإنسان، لأنه وكما قال الحكيم اليوناني أفلاطون، أنه لا يمكن لناقص الكمال أن يكون معيارا للكمال. والبشر اليوم في حاجة إلى تدبيرات إلهية من أجل إصلاح هذه المملكة الإنسانية، الضعيفة، الخائرة، التائهة، التي علّمها نبي الإسلام صلى الله عليه وسلّم معنى أن تحيا ولمن تحيا و ما المقصد من الحياة، فلنعد بهذه الذكرى إلى حياة هذا النبي الكريم، من أجل أن نستمد منها نور الإيمان، و من أجل أن نجدد صرح التوحيد، ومن أجل أن نحصّن القلوب من غفلتها وغلبة الشهوات النفسانية عليها .


 طه عبد الرحمن، الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري، الدار البيضاء، بيروت، المركز الثقافي العربي، ط1، 2005، ص 230.[2]

 محمد بنكيران،لمع من المعجزات النبوية، القاهرة، دار السلام، ط1، 2008، ص 11.[4]

 عبد الحميد بن باديس، مجالس التذكير من حديث البشير النذير، الجزائر، مطبوعات وزارة الشؤون الدينية، ط1، 1983، ص 289.[5]

 المرجع نفسه، 290.[6]

 طه عبد الرحمن، الحق الإسلامي في الاختلاف الفكري، مرجع سابق، ص 252.[7]

 محمد بن إبراهيم الحمد، إرتسامات في بناء الذّات، الكويت، سلسلة روافد ” مراجعات”، ط1، ص 19.[8]

 عبد الحميد بن باديس، مجالس التذكير، مرجع سابق، ص 292.[9]

 محمد حسين فضل الله، الإسلام ومنطق القوة، بيروت، الدار الإسلامية، ط2، 1981، صص 16. 17.[10]

 عبد الحميد بن باديس، مجالس التذكير، مرجع سابق، ص 295.[11]