قول ورد في القرآن الكريم ثمان مرات في مشاهد من قصص النبيين عليهم الصلاة وأزكى التسليم.
فقد وجه هذا القول شيخ المرسلين نوح عليه السلام لقومه ناصحاً لهم ومشفقاً عليهم:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف:59]، {أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} [هود:26].
ووجهه خطيب الأنبياء شعيب عليه السلام لقومه مدين ناصحاً لهم ومشفقاً عليهم:
{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} [هود:84].
كما وجهه أخو عاد نبي الله هود عليه السلام لقومه ناصحاً لهم ومشفقاً عليهم:
{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأحقاف:21]، {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء:135].
وقاله مؤمن آل فرعون ناصحاً لهم ومشفقاً عليهم:
{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ} [غافر:30]، {وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} [غافر:32].
كما قاله خاتم النبيين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ناصحاً الناس ومشفقاً عليهم:
{وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [هود:3].
وبُني نظم الكلام في هذا القول الموجه لأقوام الأنبياء “على خوف المتكلّم عليهم، دلالة على إمحاضه النّصح لهم وحرصه على سلامتهم، حتّى جعل ما يضرّ بهم كأنه يضرّ به، فهو يخافه كما يخافون على أنفسهم… وهذا من رحمة الرّسل بقومهم”. (التحرير والتنوير لابن عاشور، في تفسيره للآية ٥٩ من سورة الأعراف).
في هذا القول ((إني أخاف عليكم)) وما تدل عليه من نصح خالص للمدعوّين والحرص على سلامتهم والإشفاق عليهم درس بليغ للدعاة، فينبغي أن يكون هذا القول وما فيه من دلالة هَمّ كل داعية وديدنه وهاجسه وشعوره وشعاره في دعوته للناس اقتداء بأولئك الأنبياء المصطفين والهداة المهديين عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين.