من معاني الإحسان في القرآن الكريم أداء الفرائض مع مراعاة إتقانها وأدائها بكيفية صحيحة وكاملة. ومن معانيه أيضا العمل بأمر الله تعالى والانقياد والإذعان له بالطاعة، وتحليل ما حلل، وتحريم ما حرم. ورأس الأمر كله توحيد الله عز وجل.
ثم ينتقل المحسن بعد ذلك إلى نوافل الأعمال تقربا من الله عز وجل وطلبا لرضاه، فيكثر من الصلاة نفلا وتهجدا وقياما، ويهتم بأمر الصيام، وينفق المال في سبيل الله وفي وجوه القربات، ويلهج لسانه بذكر الله في كل وقت.
وهو يؤدي كل هذه الأعمال، يراقب الحق سبحانه وتعالى، مستحضرا عظمته وجلاله حال الشروع وحال الاستمرار. وهو في هذه المراقبة على حالين:
- أحدهما: غالب عليه مشاهدة الحق سبحانه كأنه يراه،
- وثانيهما: يغلب عليه أن الحق سبحانه مطلع عليه ومشاهد له، كما ورد في حديث جبريل عليه السلام: “الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك[1].
وهكذا فإن الإحسان درجة عالية في مراتب الدين يجب على الإنسان أن يسعى إليها بنية صادقة ومجاهدة مستمرة. فمراتب الدين ثلاث، كما جاء في حديث جبريل عليه السلام.
- أولها الإسلام
- وأوسطها الإيمان
- ثم أعلاها الإحسان.
فقد سأل جبريل عليه السلام النبي ﷺ عن الإسلام فقال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان. وسأله عن الإيمان: فقال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث. وسأله عن الإحسان، فقال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك[2].
وكذلك من معاني الإحسان في القرآن الكريمالدعوة إلى الخير، ومعنى هذا أن المؤمن عندما يصلح سريرته، ويصلح ما بينه وما بين الله عز وجل، ويحمل همّ الآخرة، فإنه يصل إلى مرحلة من حياته يعلم فيها يقينا أنه يجب عليه أن يعطي أكثر مما يأخذ، وأن نفعه ينبغي أن يتعدى نفسه إلى غيره.
وهاهنا يفكر في دعوة الغير إلى الخير، ويحث الناس على الطاعة والعمل للآخرة والتزود لها قدر الإمكان. على أن الدعوة تحتاج إلى الإخلاص والمثابرة، وإلى الصبر على المشاق لاجتياز الصعاب، وإلى التجرد والحكمة.
ولأجل ذلك فهي من أحسن وأعظم الأعمال التي يتقرب بها المؤمن إلى ربه تبارك وتعالى: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} [فصلت: 33].