لو أن المسلمين يمتلكون حساسية تجاه الزمن كما يتحصلون عليه في شهر رمضان، لما كان أبداً حالهم اليوم كما هم عليه الان من عجزٍ وتقاعس، يشعر المسلم اليوم بأن شهر رمضان في منتهى القِصٓر، حتى اذا انقضت الأيام شعر بانفلات الوقت وعدم سيطرته عليه فتجده يجتهد باللحاق والندم على التقصير، هذا الاحساس بالزمان لا يحدث للمسلم الا في ثلاثين يوما فقط، ثم إذا انتهى رمضان كأن الزمان قد انتهى بالنسبة اليه.
تجد الناس فرحة باستقبال رمضان وتجدها حزينة على رحيله، ويظنون أن تعلقهم بالشهر هو لطبيعة فضله بين الشهور وتميز زمنه بين الأزمنة، ولكن هذا غير صحيح!
بل لأنهم يشعرون بمرور (زمن) رمضان لإرتفاع حبهم لرمضان. الوعي بالبداية والنهاية يخلق فهماً عميقا في عقل الشخص بالشيء،، ولذلك تجد الناس تنتظر الشهر وترتبط مشاعرهم وذكرياتهم بجمال البداية ويرتقبون نهاية الشهر.
أيضاً عملية (الإنتظار) بحد ذاتها شيء آخر وأساسي في الشعور بقيمة الزمان. الناس تنتظر قدوم الشهر وتنتظر رحيله والإنتظار يجعل في الشعور تاثيرا عميقاً حتى يشعر الإنسان بكل لحظة زمنية جميلة أو أليمة. فيتمنى ألا ينتهي الوقت إذا سعد ويشعر أن الوقت لا يتقدم أبداً إذا بئس.
الوعي بالزمن يدفع الانسان ليكون مستفيدا وفاعلاً لا متوقفا عاجزاً ، حينما نتعوذ من العجز فإننا في حقيقة الامر نسأل الله أن يجعلنا قادرين على استغلال هذا الزمان والمكان بشتى الوسائل، وحينما نصبح متقاعسين عاجزين فإن أول شيء يحدث هو انتحار الزمان في عقولنا.
هذا ما يحدث لبعض المسلمين.. عملية انتحار وعي زماني جماعي بعد رحيل رمضان ، وعودة لممارسة الحياة بروتين ممل.
وعلى العموم، بالنسبة لحال شهر رمضان، فيرى اختصاصي علم الاجتماع د.حسين محادين، أنه من الواضح أن إحساس الناس بالوقت يبدو إحساساً متثاقلا،ً خصوصاً أن رمضان برمته هو كسر للاعتياد لما ألفه الناس طوال العام، ويرتبط بـ “حرمان أوعى للفرد من الحياة الماضية”، لذلك نجد الصائم يقع تحت ضغطين، أولها فسيولوجي مرتبط بالغذاء وغيره، وبهاجس ترقب الوقت، وعليه تبدو هذه استثنائية مرهقة للصائم العادي.
ويقول محادين يرى أن من الواضح أن عملية تنظيم الوقت وإدارته لا تعتبر سلوكا موسميا، كما يفترض، خصوصاً وأن الوقت مورد نادر من حيث تخزينه أو تدويره، أي إن الوحدات الزمنية التي يخزنها المرء من دون استثمار إيجابي لها لن تعود بالنفع على المرء، ولن يستفيد من عدم تنظيمها.