تُرى، كيف تكون الزوجة في رمضان؟ كيف تفوزين أيتها الزوجة والأم والمرأة عموما بوجه جميل يشع منه الإشراق والتألق في شهر رمضان؟، كيف تفوزين بروح صافية راضية لا تتسلل إليها أي مكدرات، وجسد مرتاح تحتويه الصحة وتتجدد خلاياه، وحياة تتراجع فيها أسباب “النكد” وتتخلصين بشكل عملي وواقعي من كل ما يضايقك.. وتنظمين أوقاتك بذكاء لتفوزي بخيري الدين والدنيا؟..
رمضان فرصة حقيقية للخلاص من كل ما هو سيئ، ولا يحوز رضانا في حياتنا، فالشياطين مكبلة في هذا الشهر، وكل ما علينا هو جهاد النفس وتطويعها لتكون في خدمتنا ولتعمل لنا وليس ضدنا..
نحو حياة أفضل
اكتبي قائمة بالأهداف التي تريدين تحقيقها في حياتك، كأن تكوني أكثر إخلاصا في العبادات فتؤديها بهدوء وباستمتاع وتدبر وبلا تعجل، وأكثر جمالا وأفضل من ناحية الرشاقة والصحة الجسدية، وأكثر امتلاكا لأدوات الصحة النفسية، وأعظم قدرة على عدم السماح لـ”السخافات” مهما كان مصدرها، بتكدير حياتك والاحتفاظ دائما بأعصاب هادئة ووجه مشرق..
ورمضان فرصة متكررة لتوكيد الثقة بالنفس حيث يتم فيه السيطرة على الذات ومنعها من الطعام والشراب مهما استبد بها الجوع والعطش، وهذا يعني أن لديك القدرة والإرادة على فعل ما تريدين..
احتسبي الأجر عند الله
قومي بطرد العادات المؤذية من حياتك واستبدلي بها أخرى مفيدة وجميلة و”غربلة” علاقاتك الإنسانية لإزالة الشوائب منها والتخلص من كل الصداقات التي تؤخرك دينيا ودنيويا واستبدال ما هو أفضل بها، ولا تنسي أن تكوني أفضل صديقة لنفسك، فتشجعي نفسك باستمرار على التقدم في كل ميادين الحياة، وعلى الحصول على كل ما يمكنك من فرص للصحة النفسية والجسدية وزيادة معلوماتك الدينية من مصادر موثوق منها بعيدا عن التفريط أو التشدد المرفوض دينيا مع ضرورة التنبه إلى عدم الإفصاح عن رغبتك في تحسين حياتك لأي إنسان حتى لا تتعرضين لما يثبط عزيمتك أو يضايقك.
لا تنسي محاربة الفراغ بكل أشكاله فهو الطريق المؤدي إلى الضياع ويجلب معه أسباب الشقاء والأمراض النفسية، والانشغال بالتوافه، واجترار الألم السابق وتضخيمه مما يعجل بظهور التجاعيد فضلا عن إفساحه المجال الواسع للإصابة بالأمراض الجسدية أيضا..
انتهزي فرصة رمضان لإشاعة جو لطيف في المنزل على أن يتم ذلك بالتدريج -وبدون افتعال- سواء أثناء الفطور أو أثناء السحور، واحرصي على توزيع محبتك على جميع أفراد أسرتك، بغض النظر عن مدى استجابتهم، وكوني ذكية واحتسبي الأجر عند الله، وستجنين المكاسب الدينية والدنيوية الكثيرة ومنها الفوز بالرضا النفسي الجميل وهدوء الأعصاب وإشراق الوجه ومضاعفة جمالك، ولا تنسي مزاولة الرياضة البدنية ولو لبضع دقائق يوميا مع زيادتها بالتدريج دون أي إجهاد، ولا تقولي ليس لدي وقت، أو إنني كبرت على ذلك، أو سيسخر مني زوجي وأولادي كما سمعنا من العديد من الزوجات فيمكنك فعل ذلك بعيدا عنهم..
تخطيط وتوازن
في رمضان يتغير البرنامج اليومي للمرأة خاصة إذا كانت موظفة أو أما لأبناء في المدارس.. ويجب ألا تسمح الزوجة بالارتباك أن يتسلل إليها، ولا أن يهدد صفاءها النفسي وعليها محاربة ذلك بالتخطيط الجيد لحسن استغلال أوقاتها، وعدم إضاعة الوقت بالتفنن في صنع الولائم ذات الأصناف المعقدة، واختيار الأصناف سهلة الإعداد مع الحرص على حسن تجميلها بطريقة سهلة وجذابة، مما يعطي للمائدة شكلا رائعا، والحرص على التوازن في العناصر الغذائية حتى لا تؤذي نفسها وأسرتها، وليستفيدوا جميعا صحيا من الصيام الذي تؤكد أحدث الأبحاث العلمية أنه يقوم بضبط وظائف الجسم وتحسين أدائها، وأن ما يعوق استفادتنا منه هو عدم حرصنا على الغذاء الصحي فيه، والإسراف في تناول الغذاء الغني بكل من الدهون والسكريات، والزوجة الذكية هي التي تقوم بالتجديد في أصناف المأكولات والمشروبات لإبعاد الملل دون إجهاد النفس وبلا إسراف، بل عليها أن تقوم بترشيد الاستهلاك وادخار المال لما هو أفضل مثل الخروج في نزهات سواء في العيد أو بعده، أو القيام ببعض التجديدات في المنزل وعليها ألا تنسى أن رمضان شهر الصيام لا شهر الطعام.
لا تضيعي وقتك في المطبخ
ولذ نقول لكل زوجة: لا تضيعي وقتك في المطبخ إذ يوجد الأهم لك في الدين والدنيا. ولعل من أكثر الأخطاء شيوعا في رمضان هو عدم التنبه إلى اللص الخطير الذي يسرق من عمرنا الكثير والكثير.. وهو إدمان التلفزيون وقد تزايد هذا الإدمان في عصر الفضائيات، الذي يتفنن صانعوها في السيطرة على حواسنا بكافة الأشكال والألوان طمعا في زيادة رصيدهم من كل من المال والشهرة، ولا نفطن أننا نحن الخاسرات حيث تضيع أوقاتنا فيما لا يفيد غالبا، وحيث يفقد الترفيه معناه إذا طالت أوقاته، ويتحول إلى نوع من الغيبوبة وفقدان الوعي وتباعد المسافة بين الواقع وبين ما نريد فعله في حياتنا وزيادة ابتعادنا عن أسرتنا وتناقص قدرتنا على التصرفات الإيجابية التي تحتوي أي خلافات في بداياتها لإجهاضها وعدم السماح لها بالنمو وتكدير الحياة..
ونحن لا ننكر أهمية الترويح عن النفس، وعلينا اختيار أفضل ما يمكن مما تزدحم به الفضائيات خلال رمضان للترويح اللطيف المباح الذي يحترم عقولنا وإعطاؤه مساحة محددة من الوقت وألا نسمح بزيادتها حتى لا تسرق أيام عمرنا، وهو قصير مهما طالت أيامه، في الجلوس بلا حراك أمام التلفزيون “ليغتال” الفرص المتاحة إما لتحسين مهاراتنا في الحياة ولتقوية علاقتنا بالزوج وبالأولاد..
فرصة لا تعوض
وعلى المرأة أثناء الدورة الشهرية أن تدرك أنها فرصة لا تعوض لزيادة الأعمال الصالحة من صلة الرحم وتكثر من ترديد الأذكار المختلفة وأن تحسن التأمل في معانيها ولا تسمح للفتور بأن يتسلل إليها، فلا تحرم نفسها من فضائل أي ساعة وليس أي يوم في رمضان، حيث تتضاعف فيه الحسنات وتتنوع فيه العبادات، ولا تنسى أن الله يكتب لها من الأجر مثل ما كانت تعمل فيه وهي صحيحة قوية لقوله ﷺ: “إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما.
ويمكن للمرأة الاستفادة من أوقاتها بإعادة ترتيب ما فسد من أرجاء البيت، والإعداد للولائم في هذه الأيام منعا للإجهاد أثناء الصيام، وتحضير بعض الوجبات التي يصعب إعدادها أثناء الصيام، ووضعها في الثلاجة للاستفادة منها بعد انتهاء الدورة الشهرية مع القيام ببعض الزيارات الاجتماعية.
قائمة الخسائر
وتتساءل الزوجة: وهل أستطيع أن أفعل كل هذه التغييرات في حياتي؟.
والرد: بل تستطيعين الحصول على أضعاف ذلك متى شعرت بالقائمة الطويلة من خسائرك إذا استمررت باقي حياتك على هذا المنوال، ترددين الشكوى من الزوج والأولاد، ويلتهمك الفراغ، ويضيع وقتك أمام شاشات الفضائيات ومكالمات الصديقات في أمور لا تضيف بل تخصم منك ومن حسناتك أيضا إذا ما تضمنت النميمة..
ولا تتعجلي التغيير، وتذكري أن الأسهل هو الرجوع إلى العادات القديمة التي اعتدتها من قبل، وإذا واجهتك أي انتكاسة – لا قدر الله – فلا تفزعي ولا تنهي الموضوع تماما، بل ابتسمي بهدوء وأعيدي شحن طاقتك بالاستغفار واللجوء إلى الله عز وجل بالدعاء المستمر وواصلي خطتك ولا تفسحي أي مجال للتراجع..
وعندما تشعرين بأنك تتغيرين للأفضل، ستتغير – تلقائيا – نظرتك لكل من حولك وتصبحين أكثر هدوءا وأقل انزعاجا وأكثر تقبلا وأجمل شكلا وأهدأ روحا، ولا تنسي زيادة رصيدك من المعرفة الدنيوية أيضا..
وداعا للإجهاد
نوصي كل امرأة بما يلي: إذا شعرت بالإجهاد أثناء الصيام، إذا كنت خارج البيت – في عملك مثلا – فتوقفي عن العمل لبضع دقائق حاولي فيها الاسترخاء أثناء الجلوس مع التركيز على التنفس أن يكون منتظما وهادئا، وإن استطعت إغماض عينيك، أو النظر إلى نقطة ثابتة فستشعرين بتحسن كبير..
أما إذا كنت داخل المنزل، فيمكنك الاسترخاء على ظهرك مع وضع وسادة تحت ركبتيك وترك العنق حرا بدون وسادة مع إغماض عينيك وترديد ما تحفظينه من أذكار ببطء وهدوء وحسن تدبر في معانيها على أن تنهضي ببطء وتتدرجي في بذل المجهود وتكوني واعية قدر الإمكان بأهمية الاحتفاظ بالطاقة الجديدة، وطرد التفكير بالإحساس بالتعب أو بالجوع أو بالعطش، وتذكير النفس بالثواب العظيم وبالفرحة الهائلة عندما تدخلين من باب الجنة المسمى بالريان الذي أعده الله عز وجل خصيصا للصائمين. مع تذكر أن الصيام الحقيقي يتطلب أيضا صيام الجوارح عن الآثام، النميمة وما إلى ذلك. مع ضرورة تجنب تضييع أغلب ساعات النهار في النوم، ولا تنسي أن تقرني ذلك بالنية، في أن تكوني مؤمنة قوية ليحبك الله أكثر من المؤمنة الضعيفة فتفوزي بخيري الدين والدنيا واستعيني بالله دائما، وصلي ركعتي حاجة كي يرزقك الله بخير رمضان كله ليكون بداية حياة جميلة ترضيك في الدين والدنيا ويرضى ربنا عليك.
كل يوم عمرة
ويمكنك أداء أكثر من عمرة، كل يوم عمرة في رمضان، وذلك عن طريق عدم إضاعة الوقت ما بين صلاة الفجر والشروق في النوم بل استغليه في الدعاء وقراءة القرآن والتسبيح.. ثم أدي ركعتين بعد شروق الشمس لتحصلي بذلك على ثواب عمرة تامة، وضعي أمام عينيك دائما أن استقرارك النفسي عامل هام جدا لإبراز جمالك والحفاظ على صحتك وأن الإيمان وحسن التعبد وفعل الخير يحقق لك كل ذلك ويمنحك السلام النفسي، فابدئي حياتك الجديدة والجميلة فورا واحذري التسويف وهو قول سوف، فإنها أحد جنود الشيطان واجعلي من رمضان هذا العام شكلا ومضمونا مختلفا واشعري بالفرحة واحتفظي بها دائما..
نجلاء محفوظ5>