العلامة الشيخ محمد بن عبد العزيز الصديقي، هو واحد من أبرز علماء الخليج العربي في القرن الرابع عشر الهجري، حيث كان له دور بالغ في خدمة الدين ونشر العلم والثقافة والدعوة إلى الدين القويم والعقيدة الصحيحة في منطقة الخليج العربي خاصة وما جاورها وعموم بلاد المسلمين، تعليما وإرشادا وتأليفا، فقد ترك إرثا قيما حوى العديد من المؤلفات النافعة المطبوعة في العقيدة والفقة والسيرة والأخلاق.
اسمه ونسبه
هو الشيخ العلامة الفقيه الأديب محمد بن عبد العزيز بن عبدالرحيم بن أحمد الصديقي، الشافعي، الجاركي، ثم النجدي، السلفي .والصديقي : نسبة إلى الصِّديق أبي بكر رضي الله عنه.
اشتهر بالجاركي نسبة إلى مدينة جارك، لأنَّه أنشأ بها مدرسة علمية كمدرسة شيخه سلطان العلماء، و المدرسة الكمالية الَّتي أسسها الشيخ محمد بن كمال بن أحمد الحجازي (ت 1254 هـ) بجزيرة قشم، إلّا أنها لم تنجح، فانتقل إلى البحرين واشترى بيتًا في البسيتين وسكهنا سنينًا.
مولده ونشأته
ولد في الأحساء عام 1293هـ الموافق 1876م ونشأ في كنف والده الشيخ عبدالعزيز الصديقي وفي بيئة علمية محافظة، فأسرة الصديقي أسرة علم وفضل متوراث. انتقل إلى عدة مدن لتلقي العلوم، فالتقى بالعلماء واستفاد منهم.
أخذ الشيخ محمد بن عبدالعزيز العلم على يد عددٍ كبير من العلماء والفقهاء في شتى العلوم الشرعية والفقهية وعلوم اللغة العربية، ومن شيوخه : والده الشيخ عبدالعزيز الصديقي، والشيخ عبدالرحمن بن يوسف سلطان العلماء، والشيخ حسن الكوهجي وأبنائه الشيخ محمد والشيخ أحمد بن حسن الكوهجي، والشيخ القاضي أحمد بن محمد العلي العرفج، والشيخ محمد بن حسين العرفج، والشيخ القاضي مفتي الديار الأحسائية عبداللطيف بن عبدالرحمن الملا – رحمهم الله جميعا- .
تلامذته
أخذ عن الشيخ محمد عدد كبير من التلاميذ وطلبة العلم في الجزيرة العربية والبلاد الإسلامية ومن أبرزهم ما يلي:
- الشيخ الفاضل عبدالله بن إبراهيم الانصاري “خادم العلم” من علماء دولة قطر.
- الشيخ القاضي محمد الطيب اليوسف” قاضي الطائف”
- الشيخ القاضي عبدالله بن صالح الخليفي؛ تولى التدريس والقضاء في حائل.
- الشيخ عمر بن علي الفاروق الفلاتي، من علماء مكة المكرمة والمدينة المنورة.
- الشيخ سيد إبراهيم بن سيد كامل الحسني نسباً، من أهل الكويت.
- ومن أسرة الصديقي تتلمذ على يديه: ابنه البكر الشيخ أحمد بن محمد الصديقي، وابن أخته الشيخ محمود بن محمد الصديقي، والشيخ القاضي يوسف بن أحمد الصديقي، والشيخ الفاضل علي بن محمد الملك الصديقي.
شيوخه ووظائفه
أخذ الشيخ محمد العلوم الشرعية وغيرها على عدد من العلماء والشيوخ، منهم :والده الشَّيخ عبد العزيز بن عبد الرحيم الصديقي الشافعي الذي أخذ عنه القرآن الكريم ومبادئ العلوم الشرعيـة، وفي الأحساء تلقى العلوم عن الشيخ أحمد بن محمد العلي العرفج (ت 1357هـ )، كما أخذ أيضا عن الشَّيخ القاضي محمَّد بن حسين العرفج الشَّافعي (ت 1360هـ )، وعبد اللطيف بن عبد الرَّحمن الملَّا الحنفي الأحسائي (ت 1339هـ ).
وفي لنجة تلقَّى العلوم الشَّرعيَّة كالتَّفسير والحديث والفقه واللُّغة عن الشَّيخ العلَّامة عبد الرَّحمن بن يوسف الخالدي الملقَّب بـ سلطان العلماء، الشَّافعي، وفي مدينة كوهج أخذ العلوم الشَّرعيَّة عن الشَّيخ حسن الكوهجي الشَّافعي ومحمَّد بن حسن الكوهجي الشَّافعي ( ت 1353هـ )، وأحمد بن حسن الكوهجي الشَّافعي (ت 1369هـ ) وغيرهم.
ومن أهم الوظائف التي شغلها الشيخ محمد بن عبدالعزيز مايلي:
- وظيفة التدريس والدعوة والإرشاد في الرياض وعموم مناطق السعودية.
- إنشاء المدارس العلمية الشرعية.
- إمامة المصلين وإلقاء الخطب والمواعظ في الدمام والبحرين.
- التعليم والخطابة في جوامع الكويت.
- التدريس في دار الحديث بمكة المكرمة.
- الإفتاء والإرشاد لحجاج بيت الله الحرام، حيث كان يحج كل عام.
أخلاقه وعلاقاته بالعلماء
من صفات الشيخ محمد وأخلاقه الكريمة: التواضع، وحسن اللقاء، وتوقير العلماء، وطيب الحديث، والمرح، والتودد، والإنصاف، وصلته لأرحامه وأقاربه وأصحابه، ومن صور تواضعه الجم قوله:
خمَست تخميسا نفيساً عاطرا
بقريحتي القرحاء ولم أك شاعرا
هـذا محمد يقف شهماً ماهرا
سعدي ولم يصبر ولم يك صابرا
كان الشيخ مخالطا للناس في أفراحهم، حاضرا للعلم والعلماء في مجالسهم، مواصلا لأهل العلم في عصره باللقاء والمراسلات، وكان محبوبا عند كافة شرائح المجتمع ناصحا وداعيا وموجها، وكانت تربطه علاقة وطيدة ومودة صادقة مع الملوك والحكام والعلماء والأدباء الفضلاء.
كما كانت له علاقات علمية وأدبية مع العديد من العلماء والأدباء، ومنهم:
- الشيخ العلامة عبدالله بن خلف الدحيان.
- الشيخ العالم محمد بن أحمد بن سعيد النجدي.
- الشيخ العلامة محمد بن عبدالعزيز المانع “قاضي قطر”
- الشيخ القاضي المؤرخ محمد بن عبدالله آل عبدالقادر الأنصاري -صاحب كتاب (تحفة المستفيد في تاريخ الأحساء القديم والجديد).
- الشيخ عبدالله بن محمد الصديقي.
- الشيخ الأديب محمد بن عبدالرحيم الصديقي – صاحب كتاب (النبراس وسلافة الأديب).
- الشيخ محمد صالح بن عبدالوهاب العدساني.
- الاستاذ الأديب عبدالله زكريا الانصاري – رحمهم الله جميعا-.
قالو عنه
قام الشيخ محمد بن عبدالعزيز بواجب الدعوة الى الله تعالى ونشر العقيدة الإسلامية الصحيحة في العديد من المناطق التي زارها، وقد قال عن نفسه رحمه الله:
فعبدالعزيز الصديقي محمدٌ
على الوعظ والإرشاد لازال قائما
مع الصدق والإخلاص قولاً ونية
وأحسن إلهي قصدَنا والخوتما
كما أثنى عليه الكثير من العلماء الكرام، ومن ذلك ما يلي: قال عنه الشيخ محمد بن عبدالله الأنصاري:
حوى رقة الأخلاق مع حسن سيرة
وأعلاه عند العالمين التواضع
محمد بن عبدالعزيز تحدَّرت
صفات له غر حسان بدائع
مؤلفاته
للشيخ محمد بن عبد العزيز العديد من المؤلفات النافعة المطبوعة في العقيدة والفقة والسيرة والأخلاق والرقائق، وهي كما يلي:
- لوائح السعادة لمن طلب الإفادة- طبعت في الكويت عام 1375 هـ الموافق 1956م.
- التحفة المكية في الحكم المرضية- طبعت في البحرين 1355هـ الموافق 1936م.
- منظومة العقيدة المطهرة- طبعت في مكة المكرمة 1359هـ- الموافق 1940م.4
- الدرة اللجية في النصائح الدينية- طبعت عام 1359هـ الموافق 1940م.
- قلادة المرجان سيرة نبينا محمد سيد ولد عدنان-طبعت في مكة المكرمة 1359هـ الموافق 1940م.
- جوهرة النظام في نواقض الإسلام-طبعت في الكويت 1375هـ الموافق 1956م.
- مفتاح الجنان- طبع عام 1375هـ الموافق 1956م.
- الفوائد الحسان- طبعت في الكويت 1375 هـ الموافق 1956م.
- المخمّسة البهية في العقائد السلفية- طبعت في البحرين 1355هـ الموافق 1936م.
كما له أيضا العديد من المؤلفات المخطوطة، ومنظومات وقصائد شعرية كثيرة متنوعة في السيرة والتاريخ والأخلاق الحسنة وفضل العلم والنصح والرقائق ووصف المناطق في رحلاته وغير ذلك.
وكان الشَّيخ إلى آخر حياته يتنقَل للدَّعوة والإرشاد فتوفي بمدينة الرياض، في 25 من محرم سنة 1381هـ، الموافق 8 / يوليو / 1961م، عن عمر ناهز 85 سنة، ودفن بمقبرة العود، رحمه الله تعالى رحمة واسعة وغفر له، وتغمده بفضله وكرمه.