هل يعد نشر الوعي بمفهوم الزواج وأهميته، وتعريف حقوق وواجبات كل من الزوجين، عبر منصات التعليم والإعلام، حلا جذريا لمشكلتي العنوسة والطلاق؟ وهل يمكن اعتبار التعدد حلا لتلك المشكلات أيضا؟

هنالك تغيرات طرأت على طبيعة حياتنا المعاصرة، وقد تأثر مجتمعنا القطري بالتغيرات الفكرية والثقافية، بالإضافة إلى الانفتاح على العالم، الأمر الذي أحدث ضرورة في وجوب إعادة النظر في مفاهيم الزواج والحقوق والواجبات. إذ اتخذت أشكالًا جديدة مع الاحتفاظ بأصولها المستمدة من تقاليدنا، ولكن علينا الاعتراف بوجود التغيّر الطارئ، وعلينا التعامل معه بما يقتضيه.

قد يكون التعدد حلًّا في حالات معينة، ولكن قد يكون ضرره أكبر في حالات كثيرة. إن كان هذا حلّنا الوحيد فليس هكذا تُوردُ الإبل. فالحلول الفعلية لمسببات العنوسة المرتفعة والطلاق المتزايد هي ما يجب تناوله. وهذا يقودنا إلى سؤال جوهري: هل مجتمعنا على درجة من الوعي بمفهوم الزواج والاستقرار؟ أظنّ أنّ الصورة غير واضحة، ويفسّر ضبابيتها كثرة حالات الطلاق التي تقول بها الجهات الإحصائية الرسمية، إذ بلغت نسب الطلاق في العام 2018 قرابة 36%، وفي العام 2022 بلغت قرابة 66%، وهذه نسبة مرتفعة تتطلب إجراءات حقيقية.

ما هو حجم انتشار الطلاق في المجتمع القطري؟

تجاوزت متوسط نسبة الطلاق بين القطريين 48% ما بين عام2017 م إلى 2022 م والجدول الآتي يوضح حجم الطلاق وفق إحصائيات جهاز التخطيط والإحصاء:[1]

عقود الزواج وإشهادات الطلاق المسجلة حسب جنسية الزوج 2011- 2022

العامالزواجالطلاقالنسبة المئوية
2011189875439.7%
2012205383540.6%
2013207281639.38%
2014207680338.6%
2015206980739%
2016209773034.8%
2017218178636.03%
2018218479936.58%
20192077111553.49%
20202694114442.46%
20212429132454.5%
20222069137366.36%
              المصدر: جهاز التخطيط والاحصاء[2]

يلاحظ من الجدول السابق أن نسبة الطلاق عموما مرتفعة بشكل يتجاوز الوضع الطبيعي، وهذا الأمر يتطلب طرح العديد من التساؤلات لتمحيص جوانب القضية والوصول إلى الحلول المرجوّة، فنتساءل حول:

أولا: ما تأثير الطلاق على المجتمع وتنمية دولة قطر ورؤيتها؟

  1. يعدّ الطلاق مشكلة تترتب عليها آثار سلبية اجتماعية ونفسية كثيرة على أفراد الأسرة، بدءاً من الاضطرابات النفسية وحتى السلوك المنحرف، كما أن زيادة عدد غير المتزوجات قد يكون تهديد للأسر المستقرة.
  2. وارتفاع نسبة الطلاق قد يؤدي إلى تأخر سن الزواج من قبل الشباب والفتيات، أو العزوف عنه، مما ينعكس سلبا على ارتفاع نسبة العنوسة لدى الإناث وزيادة عدد غير المتزوجات وانخفاض نسبة المواليد، وهذا يفسر انخفاض معدل الزواج لدى القطريين بحسب الإحصائيات لكلا الجنسين، فمثلا، في عام 2016 بلغ معدل الزواج العام للذكور 23.8، وللإناث 21.6؛ بينما انخفض معدل الزواج العام في 2022 حيث بلغ 19.7 للذكور، 17.1 للإناث.
معدل الزواج العام لكل ألف من السكان (15 سنة فأكثر) من 2016 إلى 2022، يظهر انخفاضاً في المعدل بالنسبة للذكور من 23.8 إلى 19.7، وللإناث من 21.6 إلى 17.1.
المصدر: الزواج والطلاق، جهاز التخطيط والإحصاء 2022

  • قلة عدد السكان: وتعاني دولة قطر من نقص سكاني في عدد القطريين، بالمقارنة مع حجم مواردها وقدراتها الإنتاجية العالية، وبما أن الدولة في مرحلة نمو وتقدم ونهضة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية…  وتطمح في رؤيتها الوطنية 2030 إلى تحقيق التنمية المستدامة من أجل مستقبل آمن للجيل الحالي والأجيال القادمة، فإنها تحتاج إلى سواعد قطرية، تحمل مقومات التنمية ومسيرة النهضة.                               

يقاس النمو السكاني بثلاثة معدلات:

  • معدل الخصوبة [3] لدى القطريات.
  • معدل المواليد.
  • معدل الوفيات.

وسنركز في هذا المقال على معدل الخصوبة والمواليد لدى القطريات. بالنظر إلى الإحصائيات التي قام بها جهاز التخطيط والإحصاء[4] مشكورا، فإنّ معدلات الخصوبة لدى القطريات من سنة (2015 –2020)، كانت على النحو الآتي:


معدل الخصوبة الكلي للمرأة القطرية حسب السنوات من 2020 إلى 2015، يظهر زيادة تدريجية من 2.62 في 2020 إلى 3.20 في 2015.

من خلال الشكل السابق نلاحظ ما يلي:

– أعلى نسبة في معدلات الخصوبة[5] كانت في سنة 2015 بلغت 3.20، ثم بدأت بالانخفاض التدريجي، إلى أن وصلت إلى أقل نسبة في سنة 2020 حيث بلغت 2.4 وهي أقل من المتوسط العالمي للانجاب البالغ 2.5 . وهذا الانخفاض يؤثر على النمو السكاني للقطريين.

وبالنظر إلى معدل الاحلال الإجمالي للقطريات[6] خلال فترة (2015-2020) نجد الآتي:

معدل الإرسال الإجمالي للقطريات خلال الفترة من 2015 إلى 2020 يظهر زيادة تدريجية، حيث ارتفع من 1.23 في 2015 إلى 1.60 في 2020. الرسم البياني يوضح البيانات بشكل خطي مع نقاط تمثل القيم السنوية.

يشير الشكل السابق إلى انخفاض معدل الإحلال الإجمالي للقطريات من سنة 2015 إلى 2020، حيث بلغ 0.37.

مخطط يوضح معدل الخصوبة الكلي ومعدل الإحلال للفترات بين 2011 و2021، يظهر البيانات في شكل خطوط زمنية. يبين المخطط زيادة معدل الخصوبة الكلي إلى 2.7 في عام 2021، بينما ينخفض معدل الإحلال إلى 1.3. البيانات متاحة من جهاز التخطيط والإحصاء.

وبالنظر إلى المقياس السابق، نجد أن معدل الخصوبة الكلي للقطريات انخفض بنسبة 0.5 ، حيث بلغ في 2012 نسبة 3.2 وهو معدل مرتفع جدا بالنسبة للمعدلات العالمية، ثم بدأ في الانخفاض إلى أن وصل إلى 2.7 في العام2021. وهذا الانخفاض أدى إلى انخفاض النمو الطبيعي للسكان القطريين.

هذا الأمر يقودنا إلى تساؤلات حول عوامل انخفاض نسبة الخصوبة، التي يمكن تلخيصها كالآتي:

  • ارتفاع مستوى التعليم بشكل عام، ومستوى تعليم المرأة بشكل خاص، وزيادة نسبة مساهمة المرأة في قوة العمل، مما أدى إلى تأخر سن الزواج.
  • عزوف الشباب عن الزواج المبكر. فمتوسط العمر عند أول زواج للقطريين في العام 2013: للذكور 26.1 سنة، وللإناث 23.5 سنة؛ وفي العام 2017: للذكور 26.6 سنة، وللإناث 24 سنة؛ وفي العام 2022: للذكور 28 سنة، وللإناث 25.1 سنة.
  • ارتفاع نسبة الطلاق، (خاصة في فترة العشرينات من العمر، وهي مرحلة مهمة في معدل الإخصاب) حيث بلغ في السنوات الأخيرة أكثر من 36%.
  • ارتفاع نسبة غير المتزوجين من الذكور والاناث، حيث بلغت 38.2% عند الإناث، و 42.2% عند الذكور في العام 2021، كالآتي:[7]

جدول يوضح إحصائيات الإعدادات للذكور من 2018 إلى 2021، حيث تظهر الأرقام: 39.0 في 2018، 39.4 في 2019، 41.3 في 2020، و42.2 في 2021.
  • أفكار واتجاهات مستجدة لدى الشباب من كلا الجنسين في تحديد النسل، والاكتفاء بطفلين أو ثلاثة أو على أعلى تقدير أربعة أطفال فقط.

ومما سبق، نجد أن هذا الانخفاض قد يؤثر على مستوى الطموح، ومستوى تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 والتنمية المستدامة، والاعتماد أكثر على العمالة الوافدة.

وبالنظر الى الشكل الآتي، يتبين الانخفاض في معدل المواليد للأسر القطرية:

معدل المواليد الخام لكل 1000 من السكان في القطرين خلال السنوات من 2020 إلى 2015، يظهر زيادة ملحوظة. البيانات مستمدة من جهاز التخطيط والإحصاء، الإحصاءات الحيوية (المواليد) وسنوات متغيرة.

وكنتيجة لما سبق، فإن زيادة نسبة الطلاق والعنوسة يعيقان نمو المجتمع الذي تطمح له السياسة الرشيدة للدولة. وعند النظر في نسب الطلاق وارتفاعها، فإننا نجدها تتعارض مع أهداف الركيزة الثانية في رؤية قطر الوطنية 2030 وهي التنمية الاجتماعية، والتي من أهدافها بناء مجتمع سالم وآمن ومستقر، في ظل حكومة ومؤسسات أسرية فعّالة، مما يستوجب وضع سياسات وبرامج هادفة لتعزيز التماسك الأسري والرعاية والحماية الاجتماعية.

ثانيا: ماذا تقول الإحصائيات حول أسباب الطلاق في المجتمع القطري؟

 توجد أسباب عديدة للطلاق بحسب مركز الاستشارات العائلية [8] وهي: تدخل الأهل، التواصل السلبي بين الزوجين، الخيانة الزوجية، الضعف الجنسي، البخل، إهمال الزوج أو الزوجة وعدم تحمل المسؤولية، الإدمان، قضايا جنائية، بالإضافة الى الدور السلبي للإعلام وتكنولوجيا التواصل الاجتماعي …

وقد أكد استشاري الطب النفسي الدكتور طاهر شلتوت أن الصراعات الزوجية تقف وراء الطلاق المبكر بشكل رئيسي في المجتمع القطري، بسبب تكوين الزوجين صورة ذهنية عن بعضهما البعض قبل بداية الحياة الزوجية، ومن ثمّ يتفاجآن بأن الصورة مختلفة تماما ولا تتوافق مع الواقع، وبدلاّ من تغيير الصورة الذهنية، يبدأ أحدهما بمحاولته تغيير شخصية الآخر لتتطابق مع الصورة الذهنية المتخيّلة.

وبعد النظر في الأرقام والإحصائيات حول حجم الظاهرة وأسبابها وتأثيراتها، فإننا نجد أن المرأة باتت بين مطرقة الطلاق وسندان العنوسة مما يؤثر على تنمية المجتمع. وقد تم تناول موضوع الطلاق في كثير من الملتقيات والندوات والورش من قبل المختصين والمعنيين بالموضوع وخرجوا بحلول وتوصيات عملية عديدة قابلة للتطبيق، مما يستوجب على المسؤولين وبدافع الحس الوطني، الشروع بتطبيقها بحيث نكون قادرين على لمس نتائجها بالأرقام مستقبلا بإذن الله.  

أسباب الطلاق والحلول المقترحة لمعالجتها

هنالك مسببات عديدة لارتفاع نسب العنوسة والطلاق، منها ما هو اجتماعي، أو اقتصادي أو نفسي أو بيولوجي، يستلزم منا وضع حلول تتناسب مع الزمان والمكان الذي نعيشه، وفي دراسة أجرتها جامعة الشارقة بالتعاون مع مؤسسة التنمية الأسرية في ابوظبي وجدت أن من أهم أسباب الطلاق هو انعدام الحب وفقدان المشاعر الرومانسية والانسجام بين الزوجين، وسوء سلوك الشريكين كالعصبية او الإهمال العاطفي الذي يفسد جو الأسرة، بالإضافة الى ضعف التواصل المعتمد على الحوار البناء وفهم وجهات النظر المختلفة واستيعابها وتقبله، واتخاذ القرارات أحادي الجانب، والعنف الأسري سبب الكثير من المشاكل بين الزوجين، بالإضافة الى تدهور صحة احد الزوجين أو سوء الاهتمام بالشكل والعناية بالنظافة الشخصية.[9] وبالنظر للأسباب السابقة نجد أن التواصل الدائم والتعبير عن المشاعر والحوار والنقاش الهادئ والتثقيف الأسري من المعالجات المهمة للحفاظ على المودة والرحمة والاستقرار داخل الأسرة.    

وبشيء من التفصيل عرضت هذه الدراسة مجموعة من الأسباب المؤدية للطلاق يجب استبصارها والتحذير منها، مرفقة بحلول مقترحة كالآتي:

  • غزو الثقافة الغربية للمجتمعات العربية المسلمة أدى إلى إطلاق شعارات زائفة أدت الى عمل خلخله في التوازن بين الحرية الفردية والحقوق الجماعية، وبين الاهتمام بالماديات على حساب الروحانيات، وأدت إلى انحراف فكري ديني ودنيوي. من هذه الشعارات: الفردية والرأسمالية والحداثة والنسوية والعولمة وغيرها، لذا ينبغي أن تواجه هذه الشعارات بجهود وطنية متكاملة تبدأ من الأسرة والمدرسة مرورا بوسائل الاعلام ودور العبادة ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها، ولا تترك الساحة خالية لهذه الشعارات المضللة.
  • هنالك قصور لدى جيل الشباب من كلا الجنسين حول ثقافة الزواج، فهو ليس مجرد خطوة يتم الإقدام عليها والتراجع عنها بسهولة، بل هو محور ينتقل فيه الشخص من حياة إلى أخرى ذات أبعاد أعمق، تستند لفهم ووعي يفسران استقرار المجتمعات في حال حدوثهما، وإلا فإنّ الأمر لن يتجاوز إحداث فجوات تزيد من سطحية المجتمع في وعيه السليم. لذا لا بدّ من بلورة مفهوم الزواج لدى جيل الشباب، ونشر الوعي من خلال المؤسسات الإعلامية والتعليمية، وكذلك عمل دورات إلزامية ما قبل الزواج في مراكز اجتماعية مثل مركز الاستشارات العائلية، ليصبح معنى الزواج واضحا فلا يقتصر على نزوات يبررها فهم شرعي في غير مكانه.
  • الدور السلبي للإعلام وتكنولوجيا التواصل الاجتماعي في نشر الصور السلبية عن الزواج، وإظهار صور العلاقات غير الشرعية وتلميعها تحت مسميات قصص حب وإلى ما ذلك. وهذا يتطلب من الجهات الرقابية سواء من الأسرة أو الدولة متابعة ما يتم نشره والترويج له ليتماشى مع الفطرة السليمة والدين الإسلامي، وتجاوز النظرة السطحية للزواج، فالزواج مفهوم عميق يتضمن تحديد نوع العلاقات بداخله ودور كل فرد من افرادها. 
  • إقبال المرأة على التعليم أمر إيجابي، ولكنه أحدث في بعض الأحيان فجوة ما بين الزوج والزوجة في مستوى التعليم، حيث تشير الإحصائيات إلى أنّ مستوى تعليم المرأة القطرية يفوق مستوى تعليم الرجل، الأمر الذي يحدث توترا في العلاقة، أو عدم قبول من الفتاة في الأساس، أو التعالي على الزوج، أو ربما تردّدا لدى الرجل أن يتزوج امرأة بمستوى أكاديمي أعلى منه، قد يولّد شعور الإحساس بالنقص. وهذه المشكلة تتطلب زيادة تثقيف الرجل والمرأة وتحديد نوع العلاقة بينهما وإزالة التوترات التي قد تنشأ من مستوى تعليم المرأة، كما يجب الحث على رفع المستوى التعليمي للرجل.
  • إن استقلال المرأة ماديا وتبوؤها لمناصب عديدة يعد من أسباب الطلاق أيضا، وهذا الأمر يستوجب تغيير المفهوم التقليدي للزواج من حاكم ومحكوم إلى مفهوم التكامل في بناء الأسرة. فلم تعد أعمال المرأة تقتصر داخل المنزل، بل أصبحت على الأغلب عاملة ومشاركة في نفقات المنزل وفي تنمية المجتمع، لذلك فإن الأدوار الاجتماعية للمرأة والرجل في داخل الأسرة تفتقر إلى العمق التاريخي والتحليل النقدي؛ فمثلاً، نجد أن الرسول (ص) كان يشارك في أعمال المنزل وتربية الأطفال. وإن طريقة الزواج والتربية في أغلب الحالات تصور في الأحاديث على أنها عملية شراكة، وليست مقتصرة على جنس معين. وهذا يستلزم ضرورة معرفة دور الزوج والزوجة في الأسرة، والتفاهم على طريقة وأسلوب إدارة المنزل وتربية الأبناء وفقا لضوابط الشريعة الإسلامية.
  • هنالك أسباب للطلاق ترتبط بالخيانة الزوجية، خصوصا مع المظاهر السلبية التي تتيحها وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ظهرت سلوكيات غريبة عن المجتمع، وبدأت تتفشى فيه. وهنا لا بد من زيادة الوعي الديني والاجتماعي للشباب والفتيات، وتوضيح خطورة السلوكيات المنحرفة.
  •  قد يزيد التعدد من معدلات الطلاق وانهيار الأسر وتشتت الأبناء، خاصة في حالة الزواج من الصغيرات في السن (sugar dady)، إذ يؤدي إلى مشكلات اجتماعية عديدة ولا يسهم في حل مشكلة الطلاق والعنوسة. لذا يجب دراسة التعدد من جميع الجوانب لحفظ حقوق جميع الأطراف، ودراسة مدى تأثير التعدد على الرجل وعلى المرأة وعلى الأبناء وعلى المجتمع قبل اتخاذ قرار التعدد.
  • لا توجد ثقافة الزوجة الثانية لدى النساء في معظم المجتمعات العربية والإسلامية، وأهميته في معالجة بعض حالات العنوسة والطلاق، ولا توجد ثقافة الزواج الثاني لدى الرجال وما يتضمنه من شروط وحقوق وواجبات، فتناول موضوع الزواج الثاني من خلال مؤسسات التعليم والاعلام قد يساهم في بناء هذه الثقافة.
  •  زواج القطري بغير القطرية يزيد من مشكلة العنوسة. فإحصائيات (جهاز التخطيط والإحصاء) سنة 2018 بينت أن هناك من القطريين من تزوج من: 150 امرأة خليجية، 90 امرأة عربية، 24 امرأة آسيوية، 13 امرأة أوروبية، 5 من دول أخرى. والجدول التالي يوضح عقود الزواج والطلاق من القطريات وغير القطريات كالآتي:
 عقود الزواجإشهادات الطلاق
السنةقطريونقطرياتغير قطرياتقطريونقطرياتغير قطريات
201920771972105759654105
20202694257412011441037107
20212429227615313241217107
20222069192614313731231142
المصدر: جهاز التخطيط والاحصاء

وهذه الاحصائيات تقريبية، حيث من الممكن أن تتزوج القطريات من غير القطريين وبالتالي يرتفع عدد زواج القطريين بغير القطريات.

  • كذلك هناك شباب قطريين عازفين عن الزواج لأسباب عديدة مما يزيد من معدلات العنوسة. فنشر الوعي بين الشباب بأهمية الزواج، وبأنهم كمواطنين يجب عليهم حماية الوطن وتماسك المجتمع، والإسهام الطيب في معالجة قضاياه ومشاكله والتي منها مشكلة العنوسة والطلاق، وكما جاء في الأمثال الشعبية (حلاة الثوب رقعته منه وفيه).
  • زواج المرأة القطرية بغير القطري قد يكون أحد الحلول لمشكلة العنوسة والطلاق، وموازيا لزواج القطري بغير القطرية، مما يستلزم من الدولة إعطاؤها الحق في منح جنسيتها لأبنائها أسوة بالرجل، خاصة أن المرأة هي من تنشأ الأطفال على الهوية الوطنية.
  • ارتفاع المهور وتكاليف الزواج في المجتمع القطري، وهذا يستوجب نشر الوعي الصحيح حول ذلك. والحق يقال فإن الدولة ــ مشكورة ــ تقوم بمساعدة الشباب في تكاليف الزواج.
  • التلوث الجوي [10] وطريقة الحياة المدنية والترويج الإعلامي أدى إلى ارتفاع معدلات الجنس الثالث ومعدل العجز الجنسي، مما يستوجب نشر ثقافة جنسية ونفسية في المجتمع. كما يستلزم عمل فحص نفسي بجانب الفحص الطبي قبل الزواج.
  • تدخل الأهل في خصوصيات الزوج والزوجة قد يفاقم الموضوع وكذلك تدخل الأصدقاء قد يكون سلبيا ومدمرا، لذلك يجب تثقيف المتزوجين على الحرص على خصوصيات المنزل وعدم إشاعتها، ومحاولة حلها بالحوار او بالاستعانة بالمراكز المختصة بالاستشارات العائلية أولا.
  • ساعات انتهاء العمل المختلفة للزوج والزوجة، وساعات انتهاء دوام الأبناء في المدارس يؤثر سلبا على الأسرة ويقلل من الوقت المخصص للعائلة خاصة وقت الغداء، ويزيد من الفجوة بين أفراد الأسرة، لذلك على الجهات الرسمية تبني سياسات صديقة للأسرة مثل إيجاد نظام العمل المرن، والعمل عن بعد بقدر الإمكان، وتوحيد ساعات خروج الأبناء من المدارس مع ذويهم، وتوحيد الإجازات بقدر الإمكان، وإيجاد حضانات في أماكن عمل الأمهات، قد يكون ذلك كفيلا بالحفاظ على الأسرة واستقرارها.
  • معدل وفيات الشباب في الحوادث المرورية يزيد من حالات العنوسة، بالإضافة إلى خسارة المجتمع بفقدها طاقات شبابية كانت لتساهم في التنمية. وبالنظر إلى الشكل الهرمي لسنة 2021، نجد أن هناك توازن بين أعداد الذكور والإناث، ويؤكد أن مجتمع السكان القطريين مجتمع طبيعي في تركيبته بل هو مجتمعا فتيا ترتفع فيه نسبة الأطفال أقل من 15 سنة والشباب وتنخفض فيه نسبة المسنين.
هرم سكاني يوضح توزيع الفئات العمرية في قطر لعام 2021، مع تقسيم بين الذكور والإناث. يعرض الرسم البياني عدد السكان في كل فئة عمرية، مع التركيز على الفئات الأكبر سناً.

لذلك، وللمحافظة على حيوية المجتمع، يجب المحافظة على شبابها، مما يستلزم وضع قوانين مرورية أكثر صرامة، ونشر الوعي بخطورة الحوادث المرورية على الأسرة والمجتمع وتنمية الدولة.

كما يجب أن نشير الى الجهود التي قامت بها الدولة مشكورة من إجراءات وسن قوانين للتقليل من عدد الحوادث المرورية وحدتها.

الخاتمة

ليس من النزاهة أن ننسب أسباب الطلاق إلى الرجل وحده، أو المرأة وحدها، فالظاهرة  تقبع وراءها مسببات عدّة، ولكنها تتباين في حجمها، وقد يكون هنالك (مُشعِلات) غير مباشرة لفتيل هذه الظاهرة، فتكون هي الأسباب الخفية التي تحقن الأسباب الظاهرة لتبرزها، فهل هذه (المُشعِلات) هي الثورة ضد الزواج التقليدي ونمطه مثلا؟ أم الصراع بين الجنسين بسبب لعنة الحداثة؟ أم الأعراف والعادات الموروثة؟ أم ثورة المرأة ضد شرقيّة الرجل الذي يستأثر دور البطولة دوما؟ أم الإعلام الغربي الموجّه لإفساد نمط التفكير لدى المسلمين؟ أم زيادة وعي المرأة وإدراكها لمكانتها من خلال ارتفاع مستوى تعليمها وثقافتها وارتفاع مستوى دخلها؟ إننا بحاجة إلى نظرة عامة قبل أن نطلق أحكاما تقوم على أدنى نوع من العاطفة.

تنزيل PDF