كثيرا ما نشاهد مسلما بلحيته الطويلة ومظهره الشرقي وهو يقيم الصلاة ويرفع الآذان في الأماكن العامة في الغرب وهو يظن انه بهذا يظهر عزة المسلم، وهذا مايطرح في النفس التساؤلات التالية: ماهو مفهوم العزة في عقل هذا المسلم ؟ وكيف يفهم مقومات العزة وأسبابها؟وهل تقتصر عزة المسلم على هذه الأعمال فقط؟
بداية أؤكد أن اعتزازنا بعباداتنا وشعائرنا ومظهرنا أمر لابد منه ولا نتنازل عنه ولكن اذا اقتصر مفهوم العزة ومقوماتها على هذه الشعائر فقط فهذا فهم ناقص بلا شك.
يجب أن يفهم المسلم أن العزة أساسها الشعور بالحرية والكرامة الإنسانية والعدل والمساواة وممارستها واقعا وتطبيقا، ومن دون هذا كله فهي عزة منقوصة وشعور خادع.
قد يظن ذلك المسلم أنه بممارساته تلك يظهر عزته عليهم بينما هم يعرفون أنهم هم الذين أتاحوا له حرية ذلك ، وأن قانونهم هو يكفل له تلك الممارسات دون أذى من أحد ،في حين أنه في بلده المسلم قد لا يجد هذا القانون وتلك الحرية!!
ربما بُني مفهوم العزة في عقول هؤلاء من الصور” الشكلية ” في أذهانهم لرسولنا الكريم وخلفائه الراشدين وصحابته الصالحين في ملبسهم وممشاهم ومعاشهم.
وربما يتكرر في أذهانهم مشهد ربعي بن عامر رضي الله عنه حينما دخل على رستم ببغلته وثيابه الرثة ولم يزل غبار الجهاد على ثيابه وعناء السفر في وجهه وكيف تحدث ربعي مع رستم بشموخ واباء، لكنهم نسوا أو جهلوا قبل كل هذا كيف عاش ربعي وغيره من الصحابة في بيئة تمارس مفاهيم الحرية والعدل والمساواة معنىً وتطبيقا؟!! وأن هذه القيم هي التي تبني العزة في نفس المسلم .
كيف يكون شعور المسلم واعتزازه بدينه حينما يسمع رسولنا الكريم يقول : ” والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها” إذ يؤكد بهذا القول مساواة الناس أمام القانون ولافرق فيه بين عامة الشعب وابن الحاكم!!
وكيف يكون شعوره واعتزازه بدينه حينما يسمع الصديق في أول يوم له كخليفة للمسليمن وهو يقول “الضعيف فيكم قوي حتى آخذ الحق له والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه “
وكيف يكون شعوره حينما يرى الفاروق رضي الله عنه يأخذ الحق لقبطي من عمرو بن العاص وابنه ، ابن الأكرمين ، قائلا مقولته الخالدة ” متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا” ؟!!
ألن يعيش المسلم في مثل هذه الأجواء معتزا بدينه وقد حفظ وصان له حريته وكرامته وانسانيته ؟؟
هكذا وبهذه القيم من الحرية والعدل والمساواة بنى الاسلام العزة في نفوس أتباعه ، فالعزة قيمة قبل الشكل وشعور قبل الكلام.
فكيف تبقى للمسلم عزة حينما يسلب ذلك كله وأي عزة هذه من دون تلك القيم والمعاني؟!