يعد المأذون الشرعي شخصية محورية في المجتمع، إذ يتولى مسؤولية توثيق عقود الزواج والطلاق. تتطلب مهنة المأذون التزامًا بالضوابط الشرعية والأخلاقية، وتحمي حقوق الأفراد في المجتمع وتضمن استقرار العلاقات الأسرية.
في هذه المقالة سنعرف مهام المأذون، شروط عمله، وأهم التحديات التي يواجهها. كما سنعرف التطور التاريخي لهذه المهنة، ودورها في حماية الأزواج وحقوقهم.
من هو المأذون الشرعي ؟
المأذون الشرعي من يملك تصريحًا رسميًا من السلطة القضائية أو الدينية في البلد الذي يقيم فيه، يرخّص له إبرام وتوثيق عقود الزواج والطلاق بما يضمن صحتها وفقاً للشريعة الإسلامية والقوانين المحلية.
أما إضافة كلمة “الشرعي: للمأذون فلأن من يأذن له هو الحاكم الشرعي أو ولي الأمر.
التطور التاريخي للمأذون الشرعي
شهدت مهنة المأذون الشرعي تطورًا تدريجيًا على مر العصور الإسلامية، حيث لم تكن معروفة في صدر الإسلام ولا في العهود القريبة منه. في تلك الفترة، كانت عقود الزواج تُبرم شفهيًا بحضور الشهود دون الحاجة إلى توثيق مكتوب، وهو ما كان كافيًا في المجتمعات الصغيرة التي يسودها الالتزام والثقة.
ويرجع تاريخ اتخاذ المأذون إلى العهد الفاطمي في مصر، إذ لم يعرف الناس قبل زمانهم المأذون. فهم الذين اشترطوا تسجيل عقود الزواج والطلاق، وسمّوا الشخص المكلّف بهذه المهمة من قبل القاضي اسم “مأذون القاضي”، حتى تغيّر اسمه مع الزمن إلى المأذون الشرعي.
ومع مرور الزمن، تطورت مهنة المأذون الشرعي بتطور النظم القانونية والسلطات الشرعية في الدول الإسلامية.
المأذون في الشريعة الإسلامية
أما في الشريعة الإسلامية فلا وجود لما يسمى بالمأذون الشرعي ولا يُعد وجوده شرطا للزواج وإنما استُحدث عند الاحتياج إليه، وتغيُّرِ العصور والدهور وأحوال الناس، فنشأت فكرة المأذون، وأهم أهدافه توثيق العقود حرصا عليها من الضياع والإنكار، وحماية لكيان الأسرة، ودرءا للمفاسد الناتجة عن عدم تدوين العقود.
شروط المأذون الشرعي
ينبغي أن يوكَّل على إجراء العقد الأفضل والأعلم والأصلح. ويشترط للمندوب أن يكون عالما بأحكام العقود، على دراية كافية بفقه الزواج والطلاق، كما يستحسن أن يكون أميناً ذا سمعة طيبة وأخلاق حسنة.
مهام المأذون الشرعي
يعد المأذون الشرعي حلقة وصل بين الأفراد والدولة في حفظ الحقوق الزوجية وتنظيم العلاقة الأسرية وهو مسؤولٌ في العادة عن الإرشاد والمشورة للأزواج، يعمل على حماية حقوقهم من خلال التأكد من استيفاء جميع المتطلبات الشرعية.
ماهي أبرز مهام المأذون الشرعي ؟
أبرز مهام المأذون تتمثل في إبرام وتوثيق عقود الزواج وفقا للإجراءات المتبعة في البلد، والتأكد من قبول الطرفين ووليّ المرأة، والتحقق من توافر الشروط الشرعية والقانونية.
كما يضمن المأذون حفظ حقوق الطرفين خاصةً في حالة الطلاق وتوثيق التنازل عن الحقوق عند الحاجة. وتختلف اختصاصاته حسب نظام الدولة التي هو فيها وأما مهمته الأساسية فهي تسجيل العقود الزوجية والتأكد من تماشيها مع الفقه والقانون.
هل يمكن أن تعمل المرأة في مهنة المأذون الشرعي ؟
لا يُشترط في المأذون الشرعي الذكورة، وللمرأة مباشرةُ كلِّ العقود بنفسها لنَفسها ولغَيرها إن كانت بالغةً رشيدةً، ما عدا عقد النكاح عند جمهور الفقهاء. فكونها مأذونا شرعياً يصحّ إذ أن عقد الزواج قد تم ولم يتبقّ سوى توثيقه على الورق، وتوثيقه من الرجل والمرأة جائز شرعًا، والمرأة فيه كالرجل؛ فيَجوز لها تَوثيقُه فقط لا عقْدُه، مشروطًا بالضوابط الشرعية المُحقِّقة للمصلحة بما لا ضررَ فيه ولا ضرار. ( 1)
ولوليِّ الأمر الشرعيِّ وَضْعُ الضوابطِ والقوانينِ المُنظِّمة لهذا التوثيق بين الناس بما يُوافق أعراف الناس وعاداتهم الحسَنة، وبما لا يَتعارض مع نصٍّ صريح وقطعيٍّ من كتاب أو سُنَّةٍ.
تحديات قد تواجه المأذونين
قد يواجه المأذون الشرعي عدة تحديات في عمله منها:
- التحايل والتلاعب، كون بعض أطراف العقد قد يحاولون التحايل على القوانين الرسمية.
- إشكاليات تسجيل العقود: قد تنشأ مشاكل بسبب غياب بعض الوثائق القانونية أو محاولة تزوير البيانات
- ضغط المجتمع: في أحيان كثيرة، يتعرض المأذون لضغوط اجتماعية أو أسرية قد تؤثر على قراراته.
- المنافسة غير المشروعة: يواجه المأذونون الشرعيون منافسة من آلاف الأشخاص الذين ينتحلون صفاتهم ويزورون شهادات الزواج مما يؤدي إلى حرمان كثير من الأشخاص من حقوقهم القانونية.
خاتمة
يعد دور المأذون الشرعي دورًا هامًا، إذ يجمع بين الجوانب الشرعية والقانونية، ويساهم في حماية حقوق الأفراد وضمان استقرار العلاقة الزوجية. تتطلب هذه المهنة التزامًا صارمًا بالضوابط الشرعية والأخلاقية، ويعد من أهم مقاصدها توثيق الحقوق وحفظها وحماية كيان الأسرة.