كم عدد النشطاء العاملين في الشأن الإجتماعي الذين يستطيعون صنع الفارق في هذا العالم؟

طرح هذا السؤال ليس من باب المزاح بل فعلا لا أحد يعرف إجابته حتى الآن.

لقد شهد المجتمع الأمريكي تحولات عديدة في وجهات نظره خلال المائة سنة الأخيرة ، انقلب رأي الأغلبية في عدة قضايا من “حقوق الشواذ” إلى المساواة بين الجنسين بشكل مثير. ومع ذلك ،فإننا لم نتخيل وجود “نقطة تحول” ترسم حدود هذا التغيير الاجتماعي الذي تقع مسؤوليته على عاتق فئة معينة تستطيع دفع الأفكار الهامشية إلى الاتجاهات الرئيسة.

كانت تقديرات هذه الفئة تتراوح من 10 في المئة من المجتمع إلى نسبة تصل إلى 51 في المئة ، إلى أن ظهرت فرضية جديدة طرحت من قبل باحثين بجامعة بنسلفانيا وجامعة لندن بعد تجربة قاموا بها على الانترنت سمحت لهم بتحديد نسبة هذه الفئة وهي 25  في المئة.

ركزت التجربة في قسمها الأول على تأسيس قاعدة اجتماعية، ولتحقيق هذا الهدف قسم الباحثون 194 مشاركا إلى 10 مجموعات عبر الإنترنت تضم كل مجموعة من 20 إلى 30 شخصًا. بعد ذلك ، قاموا بتوزيع كل مجموعة إلى فرق تتكون من “زوج” داخل كل مجموعة ثم يطلب من كل الفرق اختيار مسمى لصورة معينة (على سبيل المثال صورة وجه) ، وكتابة الإجابة عبر برنامج محادثة.

إذا قام الفريق – المكون من شخصين – بتوصيف الصورة في  نفس الوقت ضمن إطار زمني محدد مسبقا ، فسيحصل على مكافأة مالية، و في حالة الفشل يتعرض الفريق لعقوبة مالية، ومع نهاية كل جولة تعاد التجربة بتوزيع الفرق، وربط  كل مشارك مع عضو آخر داخل المجموعة ولذات الهدف – توصيف صورة معينة -.

لم يستغرق الأمر مدة طويلة حتى اتفق جميع الأعضاء من كافة المجموعات على نفس التوصيف، وذلك بعد أن أجرى الباحثون بعض التغييرات في التجربة وأدخلوا بعض ” المتعاونين” في كل مجموعة بهدف تغيير التوصيفات المقترحة إلى مسميات أخرى.

هدف إضافة هؤلاء الأشخاص ” المتعاونين” هو تشكيل أقلية داخل المجموعات تلتزم بإجابات معينة.

عندما شكلت هذه الأقلية المضافة للمجموعات والملتزمة بإجابات محددة ما لا يقل عن 25 في المائة من نسبة المشاركين، نجحت هذه الأقلية في جعل المجموعة تتبنى التوصيفات التي تتبانها. في بعض الحالات ،كان إضافة شخص واحد إلى مجموعة معينة كافيا لإحداث تغيير الأراء.

على أرض الواقع، هناك جملة من المتغيرات من الممكن أن تساهم في نجاح الأقلية الملتزمة – برأي واحد – خلال الفترة التي تمسكت فيها الأغلبية بوجهة نظر تقليدية، وأبدت التزامها العاطفي تجاهها.

معرفة أن نسبة 25٪ من المجتمع فقط تحدث تغييرا اجتماعيا يمكن أن يكون عاملا مشجعا ومخيفا إلى حد ما. وتعد هذه النسبة خبرا سعيدا للنشطاء الاجتماعيين، فهم لا يحتاجون إلى تحويل وجهات نظر كل الأشخاص بل يمكن لشخص واحد أن يحدث فرقا حقيقيا.

لسوء الحظ ،لاحظ الباحثون في دراستهم أن الحكومات أو بعض المنظمات الأخرى تستطيع تقديم “متعاونين ” يعملون لمصالحها على شكل مجموعات عبر شبكة الإنترنت، وطالما أنهم يستطيعون الوصول إلى  الـ 25 بالمائة ،فإن لديهم فرصة قوية في إحداث تغيير الرأي العام، كما أصبح الأمر في المتناول أكثر من أي وقت مضى لبلوغ هذه النسبة باستخدام برمجيات ذكية على الإنترنت، حتى بدا الأمر مثيرا للسخرية.