هل تعلم أن الفقر ليس مجرد نقص في الموارد، بل هو أزمة تؤثر على حياة الملايين حول العالم، مهددة الأمن الاجتماعي والصحي؟ يُحيي المجتمع الدولي في 17 أكتوبر من كل عام “اليوم الدولي للقضاء على الفقر”، وهو فرصة لرفع الوعي حول الفقر، تسليط الضوء على الجهود المبذولة لمكافحته، وحث العالم على اتخاذ خطوات جادة لإنهاء هذه الظاهرة. القضاء على الفقر يتطلب تعاوناً دولياً حثيثاً واستراتيجيات شاملة لمعالجة جذور المشكلة. انضم إلى هذه الجهود العالمية وكن جزءًا من الحل من خلال المشاركة في المبادرات المحلية والدولية.

يعد الفقر من أعقد المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه العالم اليوم. يترتب على الفقر آثار سلبية تؤثر على الأفراد والمجتمعات والدول، مما يستدعي وجود تحركات دولية حثيثة لمكافحته والحد من آثاره المدمرة. لتحقيق هذه الغاية، وقد تم تحديد يوم 17 أكتوبر ليكون “اليوم الدولي للقضاء على الفقر” تحت رعاية الأمم المتحدة، ويهدف هذا اليوم إلى رفع الوعي بالمشكلة وتعزيز الالتزامات الدولية نحو القضاء عليها. تتناول هذه المقالة أهمية اليوم الدولي للقضاء على الفقر، وتناقش أسبابه ونتائجه، بالإضافة إلى المبادرات العالمية والإسلامية التي تسعى لتحقيق هذا الهدف.

اليوم الدولي للقضاء على الفقر 17 اكتوبر

تعريف الفقر

يُعرَّف الفقر بأنه حالة من العوز والحرمان حيث لا يستطيع الفرد أو الأسرة تلبية احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء، المأوى، والرعاية الصحية. يختلف تعريف الفقر حسب الزمان والمكان، فبينما يتمحور الفقر في الدول النامية حول عدم القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية، يتسع المفهوم في الدول المتقدمة ليشمل الحرمان من الرفاه الاجتماعي والاقتصادي. في كلتا الحالتين، يتسبب الفقر في زيادة معدلات الجريمة، انعدام الفرص التعليمية، وتفاقم المشكلات الصحية، مما يؤدي إلى تفاقم الفجوات الاجتماعية والاقتصادية.

نتائج الفقر

الفقر ليس مجرد حرمان اقتصادي، بل هو مجموعة معقدة من العواقب الاجتماعية والصحية التي تعرقل التنمية الفردية والمجتمعية. من بين أهم نتائج الفقر:

  1. ضعف التعليم: يؤثر الفقر بشكل كبير على فرص التعليم، حيث يتعذر على الأسر الفقيرة توفير الموارد اللازمة لتعليم أطفالها، مما يؤدي إلى خلق جيل يعاني من نقص المهارات والمعرفة.
  2. المشكلات الصحية: يعاني الأفراد الذين يعيشون في فقر من مشكلات صحية نتيجة نقص التغذية، وعدم القدرة على الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
  3. انعدام الأمن الغذائي: الفقر يؤدي إلى نقص الغذاء وسوء التغذية، مما يؤثر سلباً على الصحة العامة للأفراد، وخاصة الأطفال والنساء الحوامل.
  4. زيادة معدلات الجريمة: يُعتبر الفقر أحد العوامل الرئيسية التي تدفع الأفراد للانخراط في الجريمة، حيث يؤدي الحرمان وانعدام الفرص إلى تفاقم الشعور بالإحباط واليأس.
هل يمكن القضاء على الفقر؟

4 من أسباب الفقر في العالم؟

يمكن إرجاع الفقر إلى عدة أسباب تختلف بين البلدان والمجتمعات. ومع ذلك، يمكن تلخيص بعض العوامل الرئيسية التي تسبب الفقر عالميًا:

  1. النزاعات المسلحة: تشكل الحروب والنزاعات عاملاً رئيسياً في تفاقم الفقر، حيث تؤدي إلى تدمير البنية التحتية، وتعطيل الاقتصاد، وتشريد السكان.
  2. سوء الإدارة والفساد: في العديد من الدول، تساهم الإدارة السيئة والفساد في تفاقم الفقر، حيث يتم استغلال الموارد بطرق غير فعالة ولا تستفيد منها المجتمعات الفقيرة.
  3. انعدام العدالة الاقتصادية: تركز الثروات في أيدي قلة من الأفراد مع تزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء يؤدي إلى تفاقم الفقر وحرمان الطبقات الأدنى من فرص النمو.
  4. الكوارث الطبيعية: تضرب الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير الفقراء بشكل خاص، حيث يكونون أكثر عرضة لفقدان ممتلكاتهم ومصادر رزقهم.

اليوم الدولي للقضاء على الفقر: لماذا؟

تم اعتماد “اليوم الدولي للقضاء على الفقر” عام 1992 من قبل الأمم المتحدة كإحدى المبادرات العالمية الهادفة إلى رفع مستوى الوعي حول مشكلة الفقر، والبحث عن حلول فعالة للقضاء عليها. يمثل هذا اليوم فرصة للمجتمع الدولي لتسليط الضوء على الجهود المبذولة للتصدي للفقر على مستوى العالم، ودعوة الدول والحكومات إلى تكثيف الجهود لتحقيق التنمية المستدامة وتقليص الفجوة الاقتصادية.

أحد الأسباب الرئيسية وراء تحديد هذا اليوم هو تعزيز التزام المجتمع الدولي نحو الأهداف الإنمائية المستدامة، خصوصاً الهدف الأول المتمثل في القضاء على الفقر بجميع أشكاله. كما يهدف اليوم الدولي للقضاء على الفقر إلى التأكيد على أهمية الشراكة العالمية وتوحيد الجهود لمكافحة هذه الظاهرة.

خط الفقر العالمي 2024

تقوم المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة بتحديث خط الفقر العالمي بشكل دوري لتحديد الحد الأدنى من الدخل الذي يُعتبر الفرد فقيراً إذا لم يستطع الوصول إليه. في عام 2024، تم تحديد خط الفقر العالمي عند حوالي 2.15 دولار يوميًا للفرد. يعتمد تحديد هذا الخط على متغيرات اقتصادية عالمية مثل التضخم وأسعار السلع الأساسية، ويُستخدم هذا المؤشر لقياس مستوى الفقر في مختلف البلدان. يبين خط الفقر العالمي الفجوة الكبيرة بين الدول النامية والمتقدمة، حيث تعيش نسبة كبيرة من سكان الدول النامية تحت هذا الخط، مما يستدعي تكثيف الجهود الدولية للحد من الفقر.

وسائل محاربة الفقر في الإسلام

يشكل الإسلام نظامًا متكاملًا لمكافحة الفقر من خلال مجموعة من المبادئ والوسائل التي تحث على التكافل الاجتماعي والعدالة الاقتصادية. والنظام الإسلامي لا يرتبط في الحقيقة باليوم الدولي للقضاء على الفقر، وإنما بمنظومة من التشريعات والسلوكات التي تساهم في الحد من هذه الظاهرة. ومن بين أهم وسائل محاربة الفقر في الإسلام هذه الوسائل:

  1. الزكاة: تُعد الزكاة أحد أهم الأدوات لمحاربة الفقر وقد فرضها الإسلام لتحقيق التوزيع العادل للثروة. فهي تؤخذ من أموال الأغنياء وتُعطى للفقراء وفق نسب محددة بهدف سد احتياجاتهم الأساسية.
  2. الصدقة: الإسلام يشجع على التبرع التطوعي للفقراء من خلال الصدقات، وهو ما يساهم في تحقيق التكافل الاجتماعي والتخفيف من آثار الفقر.
  3. الوقف: الوقف يُعتبر من وسائل الإسلام المستدامة لمحاربة الفقر، حيث يتم تخصيص جزء من الأموال أو الممتلكات لخدمة المحتاجين بشكل دائم مثل بناء المدارس والمستشفيات.
  4. تحريم الربا: حرم الإسلام الربا الذي يعد من الأسباب الرئيسية لتفاقم الفقر في المجتمعات، حيث يؤدي إلى تراكم الديون على الفقراء وزيادة الفجوة بينهم وبين الأغنياء.

مشاريع للقضاء على الفقر في العالم

في إطار اليوم الدولي للقضاء على الفقر، قامت العديد من المنظمات الدولية والدول بإطلاق مشاريع ومبادرات تهدف إلى مكافحة الفقر وتحقيق التنمية المستدامة. من بين أبرز هذه المشاريع:

  1. مشروع الألفية للتنمية: أطلقت الأمم المتحدة مشروع الألفية في عام 2000 بهدف تحقيق ثمانية أهداف تنموية، كان أولها القضاء على الفقر المدقع والجوع بحلول عام 2015. ورغم عدم تحقيق كل الأهداف، إلا أن المشروع ساهم في تقليص نسب الفقر في العديد من الدول.
  2. برنامج الأغذية العالمي: يُعد برنامج الأغذية العالمي أحد أهم المبادرات الدولية التي تهدف إلى مكافحة الجوع، وهو يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحد من الفقر. من خلال توزيع الغذاء والمساعدات الإنسانية، يسعى البرنامج إلى تحسين حياة الملايين من الأشخاص حول العالم.
  3. مبادرة القضاء على الفقر في إفريقيا: تعد إفريقيا واحدة من أكثر القارات تأثرًا بالفقر، ولذلك أطلقت العديد من الدول والمنظمات مبادرات خاصة مثل “مبادرة الشراكة الجديدة لتنمية إفريقيا” التي تهدف إلى تعزيز التنمية المستدامة في القارة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

خلاصة

يظل “اليوم الدولي للقضاء على الفقر” تذكرة سنوية لأهمية تضافر الجهود الدولية والمحلية للتصدي للفقر بجميع أشكاله. إن القضاء على الفقر يتطلب استراتيجيات شاملة تتناول جذور المشكلة من خلال التعليم، والصحة، والتوزيع العادل للثروات. كما أن الإسلام يقدم نموذجًا متكاملاً يعزز التكافل والتضامن الاجتماعي لمكافحة هذه الظاهرة. لتحقيق مستقبل أفضل، يجب أن تكون مكافحة الفقر على رأس الأولويات، ليس فقط في اليوم الدولي للقضاء على الفقر وفي الأيام الدولية، ولكن كل يوم.