منذ ظهور العملة المشفرة “البتكوين” سنة 2008 والتى ترتكز على تقنيات ال”بلوكشين” Blockchain والبنوك والمؤسسات المالية حول العالم في سباق محموم للاستفادة من الطفرة التكنلوجية الجديدة في مجال العملات والتى ستغير أساليب التعاملات المالية في البنوك والمؤسسات.
وتعمل تقنية “بلوكشين” من خلال منظومات تقنية متطورة تقوم بالتخزين والتحقق من صحة تراخيص التعاملات المالية على الأنترنت وذلك عبر توزيع قواعد البيانات على المتعاملين بشكل مشفر و بدرجة تشفير يكون من المستحيل كسرها في ظل التقنيات المتوفرة اليوم.
خلال الشهرين الماضيين أعلن البنك الدولي عن إدخال منظومة “بلوكشين” إلى سوق الأسهم والسندات وتوقع البنك في تقرير له أن إدخال هذه المنظومة سيسهم في تطوير الأسواق المالية خاصة سوق الأسهم والسندات.
قطاع المالية الإسلامية وفي إطار مواكبة الابتكارات الحديثة سيستفيد من تقنة “بلوكشين” خاصة في مجال السوق الصكوك والعقود الذكية. تسلط هذه المقالة الضوء على فرص استفادة قطاع الصكوك من المنظومة التكنلوجية الجديدة ل “بلكشين”.
تجارب محدودة و نتائج إيجابية
منذ الإعلان عن منظومة البلوكشين واجتياحها للسوق المالية العالمية تم تسجيل تجارب قليلة جدا تم من خلالها إطلاق أسهم بالاعتماد على منظومة بلوكشين هذه التجارب قادتها كل من شركة تلفونيكا الألمانية والبنك الدولي وتهدف هذه التجارب إلي رسم تصور أولي عن مدى استفادة الصكوك من المنظومة التكنلوجية الجديدة.
قامت كل من تلفونيكا بألمانيا والبنك الدولي بإطلاق أسهم مالية بقيمة خمسين مليون أورو وهي جزء من خطة تشمل أسهم بقيمة 200 مليون أورو تم الإعلان عنها في يناير 2018.
و في اغسطس 2018 أطلق البنك الدولي أيضا أسهم بقيمة 110 مليون دولار لفترة زمنية لتصل لسنتين وذلك باستخدام منظومة البلوكشين. ووفقا لتقرير البنك فإن النتائج أظهرت اهتمام المستثمرين القوي بالصكوك الجديدة ، وكان هذا الاهتمام من المؤسسات الرسمية ومديري الصناديق والبنوك وهو ما يدفع للتساؤل كيف يمكن أن تستفيد إصدارات الصكوك من منظومة بلوكشين ؟
هذه التجارب قادت إلى مشاريع جديدة عرفت بالصكوك الذكية ، أولى الدول الإسلامية التى بدأت في تجربة هذه الصكوك هي أندنوسيا من خلال شركة Blossom Finance التى تسعى خلال الأشهر القادمة إلى إطلاق الصكوك الذي يعتمد على منظومة لبوكشين.
مشروع الصكوك الذكية
وكالة S&P Global العالمية المتخصصة في التصنيف المالي والتي تنتشر في 28 دولة حول العالم ، يعود تاريخ تأسيسها إلي 150 سنة ، أصدرت تقريرا عن أهمية إدخال منظومة بلوكشين في العقود الذكية وخلص التقرير إلا أن بلوكشين يمكن أن تسهم في تطوير قطاع الصكوك العالمي ودفعه إلى مزيد من الإزدهار والنمو. وأشار التقرير إلي أن تبني منظومة بلوكشين سيزيد من الشفافية في ما يتعلق بالتدفقات النقدية والأصول الأساسية.
كما تسهم هذه المنظومة في تطوير وعي المستثمرين بخصوص قراراتهم الاستثمارية وذلك عبرتوفير كمية المعلومات التي يتم عرضها لهم والتى تمنحهم المزيد من الخيارات. المنظومة التكنلوجية بلوكشين التي بدأت تغزو مؤسسات المال والأعمال في مختلف دول العالم ستسهم في تطوير المراجعات المالية للصكوك بعد إصدارها وهو ما يقلل من خطر “التأخير في السداد”.
شركة إندنوسية تعرف ب Blossom Finance أعلنت نيتها إطلاق صكوك يعتمد على منظومة بلوكشين خلال الأشهر القليلة القادمة ، الشركة أطلقت على المشروع الجديد إسم الصكوك الذكية “Smart Sukuk” وسيضع الصكوك الجديد خيارا بديلا عن الأسهم الربوية في السوق المالية الأندنوسية خاصة في مجال استخدام منظومة “بلوكشين” وخاصة عملة Ethereum المشفرة.
وستستخدم الصكوك الجديدة في المشاريع الاجتماعية كتوسعة المستشفيات وتمويل المشاريع الصغيرة في المناطق الفقيرة وغيرها من الخدمات ذات النفع العام. بهذه المشروع تقدم شركة Blossom Finance خيارا جديدا مواكبا لتطورات السوق وولثورة الابتكارات التكنلوجية التى تجتاج سوق المال والأعمال في العالم.
كيف تعمل الصكوك الذكية
تعمل الصكوك الذكية من خلال العملة المشفرة المعروفة ب Ethereum Blockchain وذلك من خلال ما يعرف بالعقود الذكية، حيث تقوم هذه العقود على مجموعة من القواعد المشفرة التى ترتبط بمنظومة إلكترونية متطورة تقوم هذه المنظومة تقائيا بعد تلقيها الأوامر بتطبيق بنود العقد فيما يتعلق بالمدفوعات و تحويل الملكية.
بالنسبة للمؤسسات والشركات التى ترغب في الحصول على السيولة النقدية إطلاق الصكوك الذكية حيث يتم جمع المبالغ المالية من المستثمرين للحصول على “صك ذكي” لكل مستثمرمقابل هذه المبلغ الذي دفع ، بعد انتهاء الفترة المحددة تقوم المؤسسة أو الشركة بدفع المستحقات ، هذه المستحقات يتم توزيعها بشكل أتوماتيكي إلى المستثمرين من خلال منظومة بلوكشين وذلك وفقا للعقد الذكي الذي تم بين جهة الإصدار والمستثمرين.
وما يمز الصكوك الذكي أن عملية توزيع المستحقات لا تحتاج إلى بنوك أو مؤسسات وساطة مالية. تمنح الصكوك الذكية كذلك فرصة جديدة لدعم تداول العملات المشفرة ضمن بورصات عالمية معروفة ووفق معايير قانونية وتنظيمية واضحة.
تحتاج مؤسسات المالية الإسلامية إلى مواكبة التطورات التكنلوجية المتسارعة التى تشهدها أسواق المال العالمية وذلك من عبر تطوير أساليبها وتنبنيها للابتكارات الجديدة ، إن قدرة هذه المؤسسات على التنافس القوي والايجابي مع البنوك والمؤسسات الربوية يحتم عليها إيجاد حلول جديدة لكل ما يواجه المالية الإسلامية من تحديات وخاصة في المجال التكنلوجي.