إن أعظم ما يتخلق به الإنسان، وأعظم ما يرتجي عليه الأجر من الله سبحانه حسن الخلق.
وحسن الخلق كنز لصاحبه، وهو أعظم كنز يحصله الإنسان، وقد كان خلق نبينا محمد ﷺ القرآن كما تقول السيدة عائشة رضي الله عنها، فكل ما في القرآن من محاسن أخلاق، وما فيه من الآداب كان في النبي صلوات الله وسلامه عليه.
أدبه ربه ورباه سبحانه وتعالى، ورزقه حسن الخلق، وقال مادحاً له: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤].
وقال مبينا أن هذا الخلق فضل من الله سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:١٥٩] فبرحمة من الله سبحانه أعطاك حسن الخلق موهبة منه عز وجل.
فقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران:١٥٩] أي: فبحسن خلق الإنسان يلين للخلق، وبسوء خلقه يتعالى ويستكبر على الخلق.
{وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ} [آل عمران:١٥٩] أي: لو كان فيك جفاء، وكنت غليظاً قاسي القلب، لانفض الناس وابتعدوا من حولك، ولكن الله جمعهم حول النبي ﷺ حباً له لما فيه من حسن الخلق، ولين الجانب، وحسن الطباع والأخلاق، صلوات الله وسلامه عليه.
تنزهه ﷺ عن الفحش والتفحش
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: “لم يكن رسول الله ﷺ فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقا ” متفق عليه.
يقال: فلان فاحش، أي: بطبعه، فطبعه فيه الفحش.
(ولا متفحشاً) أي: متكلفاً لذلك، فمن الممكن أن يكون الإنسان مهذباً، ولكن وجد نفسه في وسط مجموعة من أصدقاء السوء، فأخذ يقلدهم، ويفعل مثلهم، ويتكلم بلسانهم، فإن رسول الله ﷺ أبر الخلق، لا هو فاحش بطبيعته، ولا يتكلف ذلك عليه الصلاة والسلام، فهو أنقى الناس لساناً وقلباً.
وفي الحديث بقية وهو قوله ﷺ: ” إن من خياركم أحسنكم أخلاقا ” أي: إن من خيار الناس في الناس أحاسنهم أخلاقاً..