كيف يمكن للكتاب العربي أن يحظى بالتقدير الذي يستحقه في ظل التحديات الثقافية المعاصرة؟ جائزة الكتاب العربي تجيب عن هذا السؤال من خلال تكريم الإبداع الفكري وإبراز الأعمال العلمية الرصينة التي تساهم في إثراء الثقافة العربية. ففي دورتها الثانية، أكدت الجائزة مكانتها كمبادرة معرفية رائدة، حيث أتاحت للمؤلفين فرصة للمنافسة العادلة ضمن معايير دقيقة. هذا  ما أوضحه المستشار الإعلامي للجائزة الأستاذ عبدالرحمن المري، فالجائزة ليست مجرد تكريم، بل منصة علمية تفتح الآفاق أمام المؤلفين المتميزين للوصول إلى جمهور الفكر والمعرفة.

على هامش حفل توزيع جوائز الفائزين بالدورة الثانية من جائزة الكتاب العربي، التقى “إسلام أون لاين” بالسيد عبدالرحمن المري، المستشار الإعلامي للجائزة، فكان هذا الحوار الذي تناول العديد من الجوانب الخاصة بالجائزة.

في بداية حديثه عن الدورة الثانية للجائزة عبر الأستاذ عبدالرحمن المري بقوله: بحمد الله وفضله ومَنَّتِه، نظمت جائزة الكتاب العربي حفل تكريم الفائزين في دورتها الثانية. وتُعدُّ هذه الدورة متممة للدورة التأسيسية التي انطلقت قبل نحو عام، وكرمت نخبة من الشخصيات الفكرية والعلماء الذين قدموا للمكتبة العربية الكثير من المؤلفات العلمية الرصينة والعميقة والمؤثرة. وفتحت الدورة الثانية أبواب الترشح، ووفرت منصة علمية رصينة من حيث الشروط والمعايير ومراحل التحكيم، ومن حيث وضوح الإجراءات لنخبة المؤلفين العرب الذين لديهم مؤلفات علمية صدرت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، واستوفوا الشروط والمعايير التي تعتمد عليها الجائزة، ووفرت لهم منصة للمنافسة العلمية الراقية.

وأضاف المستشار الإعلامي للجائزة: “في فئة الإنجاز، بحمد الله، استطعنا هذا اليوم تكريم نحو 11 فائزا في فئة الكتاب و6 فائزين آخرين. وهذا نعدّه إنجازًا يساهم في الارتقاء بالكتاب العربي، من حيث إنه يوفر منصة وآلية تستقطب أولئك المؤلفين الأكفاء الذين ربما لا نعلم عنهم شيئًا، وبدورها وفّرت الجائزة هذه المنصة العلمية والمكانة المؤسسية التي يمكن من خلالها للمؤلف أن يبرز وينال الاستحقاق”.

وردًا على سؤال حول كيفية الوصول إلى المؤلفين والمبدعين المتميزين، أجاب الأستاذ عبدالرحمن المري: “مجرد السؤال عن كيفية الوصول إلى المبدعين والمتميزين، يعني إقرارًا ضمنيًا بأنهم موجودون. الجائزة عبارة عن جسر للوصول إلى هؤلاء، وهي جائزة عالمية سنوية مقرها الدوحة، تنطلق من قطر الخير إلى جميع أنحاء العالم، ولا سيما العالم الناطق باللغة العربية، أو كل من استطاع أن يخرج مؤلفًا ضمن المجالات المعرفية الخمسة التي تعتمدها الجائزة، وكان هذا المؤلف ضابطًا للمنهجية العلمية والتوثيق، ويقدم قيمة إضافية إلى الثقافة العربية، فإنه يستطيع أن يصل من خلال هذا الجسر إلى الجمهور وقراء الفكر والمعرفة والعلم”.

وفي هذا الشأن، أكد الأستاذ المري: “لدينا دورة سنوية تعتمد على المجالات المعرفية الخمسة، ولكن لدينا موضوعات محددة متغيرة، والهدف من تغييرها وتدويرها أننا لا نستطيع تغطية جميع التخصصات ضمن دائرة العلوم الاجتماعية والإنسانية، وضمن دائرة العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية، ولا نستطيع أن نكرم الجميع في دورة واحدة. لذا، فنحن في كل مرة نجدد هذه التخصصات والموضوعات والمحددات، لكي يتسنى لمن لديه مؤلفٌ أن يشارك. فإذا لم يُطرح الموضوع الذي يوافق تخصص مؤلفه، فإنه يستطيع أن يشارك في دورة أخرى، وهكذا”.

وعن سبب حجب جائزة المركز الأول في الدراسات الفلسفية والاجتماعية، وهل سيتكرر حجب بعض فئات الجائزة في الدورات القادمة، قال المستشار الإعلامي لجائزة الكتاب العربي: “ذكرنا سابقًا مراحل التحكيم التي اعتمدتها الجائزة وفقًا للشروط التي تحتكم إليها، وذكر أيضًا وجود لجنة خارجية مستقلة متخصصة مكوّنة من عدة محكمين متخصصين، تخصصهم متصل بالموضوعات المحددة لهذه الدورة، وهؤلاء المحكمون، بناءً على معايير راعيناها في عملية اختيارهم، مثل: التخصص والكفاءة والموثوقية، وانتفاء الصلات بين المحكمين بعضهم البعض، وانتفاء الصلات بين المحكمين والمؤلفين. هؤلاء المحكمون متخصصون أكفاء، لديهم استقلالية تامة في قراءة الكتاب وتحكيمه ورصد الدرجات التي تضع الكتاب في مرتبة ما، سواء أكانت المرتبة الأولى أو الثانية أو الثالثة. وأوضح الأستاذ المري أنه لم يُحجب أي مجال من المجالات، ولكن الفائز في مسار علم الاجتماع، وهو الموضوع الذي حُدد في إطار مجال الدراسات الاجتماعية والفلسفية، حصل على تقييم يؤهله للمرتبة الثانية، ولذلك مُنح هذه المرتبة، وبالتأكيد، قيمة الجائزة المادية تتفاوت حسب تفاوت المراكز”.

وحول ما إذا كان للكتاب الخاص بتخصصات العلوم الطبيعية نصيب من الجائزة، أكد عبدالرحمن المري، المستشار الإعلامي لجائزة الكتاب العربي، أن هذا الأمر غير مطروح حاليًا، وأن “الجائزة انطلقت وهي ناضجة في رؤيتها، مستهدفة المجالات المعرفية التي حددتها، والتي بُني عليها ترشح العديد من المشاركين للجائزة، وبُني عليها أيضًا تكريمهم وفوزهم بالجوائز المخصصة”.

وأضاف المري: “رؤيتنا للجائزة ناضجة بما فيه الكفاية، كما أننا لم نطلق هذه الجائزة إلا بعد دراسة معمقة، حيث قمنا بمسح شامل لواقع الجوائز على مستوى العالم العربي، وعلى مستوى العالم أجمع، وبناءً على النقص الذي لمسناه، جرى صياغة رؤية الجائزة، ووُضعت مجالاتها المعرفية لسد هذا النقص، ونحن واثقون، من خلال المجالات المعرفية الخمسة، بأن الكتاب العربي سيستعيد مكانته وزخمه، وهذا طموح كبير، فلماذا لا تكون طموحاتنا كبيرة؟”.