تختلف المرأة عن الرجل في بعض كيفيات وأحكام الحج، منها اشتراط المحرم وموافقة الزوج، ومنها هيئة الثياب الخاصة بها، ومنها هيئتها في الطواف وكيفية السعي، ورمي الجمار والتقصير تحللا من أعمال الحج والعمرة وقد يعترضها الحيض أو النفاس في وقت الحج، ففي هذه الأشياء تختلف المرأة عن الرجل، وهي من الفوارق التي راعاها الشارع.
تقول الدكتورة سعاد صالح أستاذ ورئيس قسم الفقه بجامعة الأزهر :
ساوي الإسلام بين المرأة والرجل في كثير من الأمور، وفارق بينهما في بعض الأمور، وكانت المساواة –وهي الأصل- لحكمة، وكانت المفارقة رحمة بسبب ما يعرض للمرأة من أمور لا تعرض للرجل، فكانت هناك أحكام خاصة بها في العبادات، فضلا عن الأحكام العامة التي تشارك فيها الرجل.
موافقة الزوج
يستحب لها الاستئذان من الزوج في الخروج إلى الحج، فإن أذن لها خرجت وإن لم يأذن لها لم تخرج إذا كان الحج حج تطوع ، أما إذا كان الحج حج فريضة وليس حج تطوع فيمكنها أن تخرج كما قال بعض العلماء .. لأنها عبادة وجبت عليها ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
اشتراط المحرم
الأصل سفر المرأة للحج مع وجود المحرم أو الزوج، وعند عدم وجوده يجوز الحج مع رفقة مأمونة. والمقصود بالمحرم هو الذي لا يحل له أن يتزوج منها كالأب أو الأخ أو الخال أو العم.
أوجه الاختلاف بين الرجل والمرأة في الحج
وهناك أوجه تشابه، وأوجه اختلاف بينهما ولكن ليست في أركان الحج (الإحرام – الوقوف بعرفة – طواف الإفاضة – السعي)، فلا يختلف الرجل والمرأة في شيء منها. وإنما يختلفان في الهيئات كالآتي:
ففي هيئة الإحرام
1- إنها مأمورة بلبس المخيط كالقميص والسراويل وغيرهما من الملابس الساترة، وأن تكشف عن وجهها فهي منهية عن تغطيته إلا إذا خافت الفتنة ، فإنه يجوز لها أن تسدل غطاء رأسها علي وجهها ثم ترفعه بعد ذلك .
وجميع الفقهاء متفقون علي أن إحرام المرأة يتم بكشف وجهها وأنها منهية عن تغطيته.
ولها أن تلبس حذاءها العادي، ولا داعي للالتزام بلون معين في الملابس وإنما يستحب الأبيض للمرأة مع مراعاة الحشمة والوقار، كما يستحب لها أن تختضب لإحرامها بالحناء، ويحرم عليها الثوب الذي مسه الطيب.
– أما الرجل فمظهره في الإحرام التجرد التام من الملابس العادية سواء ما كان منها مخيطا أو محيطا بالجسم كله (كالجورب – الفانلة ” الثياب الداخلية “…) ويلبس إزارا في الوسط ورداء علي الكتفين، ويرتدي في قدميه نعالا مكشوفة من الكعب والأصابع علي أن تكون غير مخيطة، وأن يبقي رأسه مكشوفا.
وللرجل أن يستر رأسه لدفع ضرر (كضربة شمس) ولا فدية عليه بعكس المرأة إن سترت وجهها لزمتها فدية.
ثانيا: يحرم علي المرأة تغطية كفيها بأن تلبس القفازين لقوله صلي الله عليه وسلم: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) وهو ما رواه البخاري وغيره بالنسبة للمرأة المحرمة.
ثالثا: أنها مأمورة بخفض صوتها عند التلبية (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) فتسمع نفسها فقط، أما الرجل فهو مأمور برفع الصوت بالتلبية.
بالنسبة للطواف
فهي تخالف الرجل – لأنه إذا كان يسن للرجل الاضطباع في طواف العمرة وفي كل طواف يعقبه سعي في الحج وهو جعل وسط الرداء تحت الإبط الأيمن وطرفيه علي الكتفين مما يساعده علي الرمل في الطواف أي الإسراع في المشي مع هز الكتفين وتقارب الخطي، والذي يكون في الأشواط الثلاثة الأولي فقط.. وبعدها يمشي في سائر الأشواط الأربعة الأخيرة – فهذا لا يسن للمرأة، فلا اضطباع عليها بل هي منهية عنه لوجوب سترها، ولا رمل لها، فهي تمشي ولا تسرع في الطواف.
بالنسبة للسعي بين الصفا والمروة
– هي تمشي جميع المسافة ولا (تهرول) في منطقة (بين الميلين) بخلاف الرجل الذي عليه الإسراع (الهرولة) في هذه المنطقة فقط.
– المرأة تمنع من صعود الصفا والمروة والرجل يؤمر بذلك..
بالنسبة لرمي الجمار .. وذبح النسك
– يجوز للمرأة أن تنيب غيرها في رمي الجمرات، اتقاء للزحام وإذا رمت بنفسها فلا يستحب لها رفع يديها.
أما الرجل القادر فيرمي عن نفسه، ويستحب له رفع يديه في رمي الجمرات.
– يستحب للرجل أن يذبح نسكه إن أمكن، ولا يستحب ذلك للمرأة.
– الحلق في حق الرجل أفضل من التقصير، أما المرأة فمكروه لها الحلق وتقصيرها هو الأفضل.
ما يحرم علي الحائض والنفساء في الحج والعمرة
الحيض أو النفاس لا يمنعان من أداء جميع مناسك الحج فيما عدا الطواف بالبيت. لأن الطواف يكون في المسجد، ودخوله محرم عليها فليس علي الحائض أو النفساء طواف القدوم أو طواف الوداع، وليس عليها الانتظار حتي تطهر ولا فدية عليها..
ولكن بالنسبة لطواف الإفاضة الذي هو ركن من أركان الحج ويفسد الحج بتركه ففي هذه الحالة نلجأ إلي المحظورات التي لا تباح إلا في حالة الضرورة فإذا كان لا ضرورة بها إلي طواف القدوم لأنه سنة بمنزلة تحية المسجد، ولا إلي طواف الوداع فإنه ليس من تمام الحج –ولهذا لا يودع المقيم بمكة، وإنما يودع المسافر عنها فيكون آخر عهده بالبيت- فهذان الطوفان أمر بهما القادر عليهما وليس واحد منهما ركنا تقف صحة الحج عليه بخلاف طوافها الفرض أو الإفاضة فإنها مضطرة إليه، لذلك إذا كان الأصل فيه اشتراط الطهارة لكن عند الضرورة فيما لو كانت المرأة مرتبطة بسفر رفقتها بتوقيت محدد لا تستطيع التخلف عنه حتى تطهر وتؤدي الطواف، فإن الحنفية أجازوا أن تطوف بحالها بشرط التحوط ” الاحتياط من نزول الدم ” وأن تفدي ببدنة “بقرة” لجبر النقصان لطوافها بدون طهارة أو تدفع قيمتها هناك في مكة مصداقا لقوله تعالي: (حتى يبلغ الهدي محله) .. وهذا أيسر علي المرأة من أن تستمر في إحرامها حتى ترجع مرة أخرى وتؤدي النسك.
أما بالنسبة للوقوف بعرفة فلا يشترط له الطهارة.. وأخيرا تذكري دائما أن الحج سلوك، وليس مظاهر، ومن آدابه الخشوع لله والتواضع مع الناس، وعدم المزاحمة في الطواف والسعي، ودعم الاستئثار بالصلاة والجلوس في الأماكن الفاضلة (كالروضة الشريفة) وأن توسعي لغيرك إذا أراد الجلوس أو الصلاة بجوارك في الحرم، فمن أدب الإسلام التفسح في المجالس.. فالضيق ليس في مساحة الأرض.. ولكن الضيق في الصدور والسلوك.. وحج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور وعمل مقبول غير مدحور بإذن الله .